مصر تعزز الاستفادة من مياه النيل بإنشاء «قناطر» جديدة في الصعيد

السيسي خلال افتتاحه أمس قناطر أسيوط الجديدة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال افتتاحه أمس قناطر أسيوط الجديدة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تعزز الاستفادة من مياه النيل بإنشاء «قناطر» جديدة في الصعيد

السيسي خلال افتتاحه أمس قناطر أسيوط الجديدة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال افتتاحه أمس قناطر أسيوط الجديدة (الرئاسة المصرية)

افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، مشروع قناطر مائية جديدة ومحطة كهرومائية، بمحافظة أسيوط (جنوب البلاد)، بتكلفة 6.5 مليار جنيه (365 مليون دولار)، في مسعى لتحسين وتطوير الملاحة في نهر النيل، والحفاظ على مياهه من الهدر، في ظل تحديات كبيرة تشهدها مصر على مستوى مواردها المائية.
وتعاني مصر من ضعف في مواردها المائية، حيث تعتمد بأكثر من 90 في المائة على حصتها من مياه النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، إضافة لمحدودية المياه الجوفية والأمطار. وتتحسب مصر لأزمة مرتقبة قد تتسبب في نقص تلك الحصة، التي لا تفي باحتياجاتها، مع اقتراب إثيوبيا من ملء «سد النهضة»، الذي تبنيه على أحد الروافد الرئيسية للنيل.
وقال محمد عرفان، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، خلال افتتاح المشروع أمس، إن «تحديات عظيمة تواجه مصر في مجال الأمن المائي وإدارة المياه. ومع استمرار معدلات الزيادة السكانية، وتركيزها بالوادي والدلتا، تأتي معظم الموارد المائية والمتجددة من خارج البلاد»، موضحاً أن «الأجيال المتعاقبة تحتاج إلى رفع مستوى الإدراك والوعي إلى أهمية الحفاظ على الثروة المائية وتأمينها». وأضاف: «الدولة سارعت لوضع المحاور الاستراتيجية التي تمكنها من استخدام التكنولوجيا الحديثة لترشيد وتجديد ورفع كفاءة استخدام المصادر المائية المتاحة لديها، فكانت خطتها العاجلة لعام (2018 - 2021)، التي رصد لها مبلغ 40 مليار جنيه لتحقيق عائد مائي يبلغ 10 مليارات متر مكعب سنوياً».
ونوه إلى ما تم إنهاؤه من مشروعات خلال الفترة (2014 - 2018)، باستثمارات بلغت 30 مليار جنيه، متضمنة حفر وتجهيز آبار جوفية، وتشغيل جانب منها بالطاقة الشمسية، مع تطوير مجرى نهر النيل، ودعم البنية الأساسية لمشروعات التوسع الزراعي، وتطوير أنظمة الصرف المغطى، كذا أعمال تطهير وتكريك المجاري المائية، وأعمال الحماية من السيول، وحماية وتطوير السواحل والشواطئ المصرية، على حد قوله. وأوضح أن «السيسي أطلق المشروع القومي لتطوير بحيرة المنزلة، التي تعد من أكبر وأهم البحيرات الطبيعية في مصر، في ضوء تقليص مساحتها إلى 250 ألف فدان، بعد أن كانت 491 ألف فدان عام 1993 نتيجة تعرضها للتعديات، وقلة إنتاجيتها من الأسماك نتيجة التلوث والصيد الجائر».
وكشف عرفان أن إجمالي تكلفة مشروع قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية بلغ «6.5 مليار جنيه، لتلبية احتياجات 5 محافظات، هي: أسيوط والمنيا وبني سويف والفيوم والجيزة، لتحسين الري في إجمالي 1.6 مليون فدان، وتم تنفيذها بارتفاع أعلى من القناطر القديمة، بما يحسن من أنظمة الري، وأيضاً الكوبري العلوي الذي يربط بين ضفتي النيل الشرقية والغربية، بحمولة 70 طناً، وبعرض 19 متراً، وهو مكون من 4 حارات مرورية».
وأضاف أن «المشروع الثاني الذي سيتم افتتاحه هو تشغيل 25 بئراً جوفياً للعمل بالطاقة الشمسية بمحافظة الوادي الجديد»، مشيراً إلى أن وزارة الموارد المائية أعدت برنامجاً لتحويل تشغيل الآبار الجوفية باستخدام الطاقة الشمسية، بدلاً من السولار، شملت في مرحلتها الأولى 161 بئراً بكل من الوادي الجديد وتوشكى والواحات البحرية بجنوب سيناء، وتم الانتهاء من نحو 48 في المائة منها، وأوضح أن المشروع يهدف للحفاظ على الخزان الجوفي من السحب الجائر، وسيساهم في توفير 17.5 مليون جنيه سنوياً، قيمة تكلفة تشغيل بالوقود.
بدوره، أكد وزير الموارد المائية والري، محمد عبد العاطي، أن مصر «تواجه تحديات كبيرة في مجال المياه والري، على رأسها الزيادة السكانية»، موضحاً أنه خلال السنوات الأربع الماضية، زاد عدد السكان 10 ملايين نسمة، تبلغ احتياجاتهم من مياه الشرب مليار متر مكعب، وهذا يعد تحدياً.
وتابع: «نحن بحاجة إلى استثمارات كبيرة... والسيطرة على التعديات، والانتفاع الأمثل بمنافع الري والحفاظ عليها... وتحديث التشريعات، وهذا جزء من التحديات»، مشيراً إلى أن هناك قانوناً للموارد المائية يناقش في مجلس النواب.
وأشار إلى وجود استراتيجية تتكون من 4 محاور، تسمى «4 ت»، وهي تؤمن الاحتياجات المائية حتى عام 2050، وتشمل تحسين نوعية المياه، وترشيد استخدامات المياه، وتنمية الموارد المائية، وتهيئة البيئة المناسبة للمياه، موضحاً أن هذه الاستراتيجية تتم بالتعاون بين وزارة الموارد المائية و9 وزارات أخرى.
ولفت في الوقت ذاته إلى أن تنمية الموارد المائية على رأس أولوياتها التعاون مع دول حوض النيل، مشيراً إلى أن قيمة الدعم بلغت 400 مليون في أعمال حفر الآبار، وبناء السدود، والحماية من الفيضانات، بالإضافة إلى إنشاء مراكز إنذار. وتخوض مصر وإثيوبيا مفاوضات منذ أكثر من 3 سنوات، حول سد «النهضة»، الذي تبنيه الأخيرة بهدف الحصول على طاقة كهربائية، لكن مصر تخشى الإضرار بحصتها من مياه النيل، خصوصاً خلال سنوات ملء بحيرة السد؛ وما زالت المفاوضات جارية حتى الآن دون الوصول لاتفاق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».