الحوثيون يستبقون اجتماع جنيف بتأكيد رفض القرار 2216

TT

الحوثيون يستبقون اجتماع جنيف بتأكيد رفض القرار 2216

استبقت الجماعة الحوثية الاجتماع المقرر الذي دعا إليه مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث في 6 سبتمبر (أيلول) المقبل في جنيف، ضمن مساعيه لاستئناف مفاوضات السلام بتأكيدها رفض مرجعيات الحوار المتفق عليها وخصوصاً قرار مجلس الأمن 2216.
إلى ذلك، ذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة الحوثية واصلت ضغوطها على قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء لإرغامهم على تبني رؤيتها خلال المفاوضات التي تطمح من خلالها إلى تثبيت وجودها الانقلابي على الأرض بعيداً عن مرجعيات الحل المتوافق عليها. وقالت المصادر إن رئيس مجلس حكم الجماعة الحوثية مهدي المشاط، استدعى أمس القيادي في حزب «المؤتمر» المعين وزيراً في حكومتها لشؤون مجلسي النواب والشورى، وشدد عليه لإقناع قيادات الحزب بأن تكون عناصر الوفد المفاوض الممثلون للحزب في اجتماع جنيف المرتقب منصاعين للتعليمات التي تقدمها الجماعة عبر المتحدث باسمها محمد عبد السلام.
في السياق نفسه، كشفت المصادر الحوثية الرسمية أن الجماعة أمرت حكومتها الانقلابية بإعداد تصور للحل ينسجم مع رغبتها في إطالة أمد الحرب وإفشال المساعي الأممية الرامية إلى إحلال السلام في اليمن وإنهاء الانقلاب على الشرعية واستئناف العملية الانتقالية المستندة إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وإلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216.
وزعمت الجماعة الحوثية خلال اجتماع حكومتها الانقلابية غير المعترف بها أن القرار الأممي 2216 «قرار عفا عليه الزمن وتجاوزته المتغيرات السياسية والميدانية على الأرض»، وأنها لا يمكن أن تنصاع لتنفيذ ما جاء فيه، باعتباره ينص على إنهاء الانقلاب وتسليم السلاح وانسحاب الميليشيات من المدن ومن مؤسسات الدولة التي سيطرت عليها في صنعاء وغيرها من المحافظات.
وذكرت المصادر الرسمية الحوثية أن اجتماع حكومة الميليشيات «بحث القضايا الرئيسية التي ينبغي أن تشملها الرؤية الانقلابية للحل والمعبرة عن تطلعات الجماعة وعن رغبتها في الإبقاء على نفوذها العسكري والسياسي وعدم الرضوخ لإرادة المجتمع الدولي».
وزعمت مصادر الجماعة في صنعاء أن حكومتها أمرت عقب الاجتماع بتشكيل 4 لجان «لإعداد التصورات الأولية للملفات السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية» التي ستشملها رؤية الجماعة لمساعدة وفدها المفاوض خلال اجتماع جنيف المقبل.
ويرجح المراقبون أن الميليشيات الحوثية تحاول أن تفشل المساعي الأممية التي يقودها غريفيث، خصوصاً بعد أن أعلنت رفضها الصريح للانصياع للقرار 2216، وهو أحد المرجعيات الثلاث المتوافق عليها من أجل التوصل إلى سلام في اليمن يطوي صفحة الانقلاب الذي قادته على الشرعية اليمنية.
وبحسب المراقبين، تسعى الميليشيات إلى تشكيل وفد تفاوضي موحد من صنعاء، يضم إلى جانب ممثليها ممثلي حزب «المؤتمر الشعبي» في سياق سعيها إلى مصادرة قراره وتحويله إلى ذراع سياسية تخدم أجندتها، خصوصاً بعد أن تخلصت من زعيم الحزب وحليفها الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
ونقلت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أن اجتماع حكومة الانقلاب غير المعترف بها، جدد تمسكه بالشروط التي وضعتها الجماعة للموافقة على الانخراط في المفاوضات، مطالباً بإعادة فتح المجال الجوي أمام الطيران التجاري إلى صنعاء، ورفع القيود المفروضة على الموانئ الخاضعة للميليشيات، من قبل دول التحالف الداعم للشرعية، إضافة إلى وقف الضربات الجوية لطيران التحالف.
وكانت الجماعة الحوثية رفضت مقترح المبعوث الدولي مارتن غريفيث بتسليم مدينة الحديدة ومينائها، في سياق حرصها على استمرار تلقيها الأسلحة المهربة من إيران عبر السواحل اليمنية الخاضعة لها على البحر الأحمر، ولجهة التشبث بجني الموارد المالية لميناء الحديدة وتسخيرها لتمويل مجهودها الحربي.
وفيما أكدت الحكومة الشرعية أنها ستتعامل بشكل إيجابي مع مساعي غريفيث نحو الحل السلمي أكدت أنها لن تتراجع عن عملياتها العسكرية المسنودة من تحالف دعم الشرعية لانتزاع الحديدة ومينائها عنوة، في سياق سعيها لتجفيف مصادر تسليح الجماعة وخنقها اقتصادياً.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم