150 جزيرة مأهولة في بحر إيجه

بين صخر وجنات خضر وتراث فنّي ومعماري

جزيرة سانتوريني اليونانية (أ.ب)
جزيرة سانتوريني اليونانية (أ.ب)
TT

150 جزيرة مأهولة في بحر إيجه

جزيرة سانتوريني اليونانية (أ.ب)
جزيرة سانتوريني اليونانية (أ.ب)

«هنيئاً لمن قُدِّر له قبل الرّحيل الأخير في عشايا الخريف الهانئة، أن يُبحر في هذا اليمّ النّيلي الزّرقة مترنّحاً في ثنايا جزر سابحة في النور، يردّد أسماءها المألوفة بشغف الصّبي الذي يقع بصره فجأة على خلّان طفولته أطيافاً خلف خِمار من الرذاذ المتهالك كسوة على جسد اليونان العاري منذ الأزل». هكذا يصف المفكّر والشاعر والروائي اليوناني الشهير نيكوس كازانتزاكيس، جزر بلاده على لسان بطل رائعته «ألكسيس زوربا» التي خلّدها الممثل أنطوني كوين في فيلم «زوربا اليوناني» والتي ما زالت مرجعاً ومحجة لكل مهتمّ بالآداب المكتوبة بلغة هوميروس.
نيّف وثلاثة آلاف جزيرة، منها مائة وخمسون مأهولة، منثورة في بحر إيجه الفاصل بين الجارتين اللدودتين، تركيا واليونان، وبعضها ما زال موضع نزاع بينهما، خصوصاً منذ أن رصدت الأبحاث الجيولوجية مخزونات نفطية في محيطها. جزر ليس فيها سوى الصخر واليِباس، وأخرى جنّات خضر وتراث فني ومعماري ما زال يشهد على واحدة من أعرق الحضارات القديمة، وتاريخ يكسو تاريخاً على تاريخ منحلّ في ماء الأساطير. جزر مرّت عليها كل الفتوحات واستقرّت فيها الجيوش الغازية ورست في موانئها كل الحضارات.
رسوم فرعونية، معابد فينيقية، هياكل ومنحوتات إغريقية، معابر وجسور رومانية، قلاع عربية ومعمار بندقي وإرث عثماني مديد ومتوغّل... لكن الجزر اليونانية استطاعت، على الرّغم من ذلك، أن تحافظ على ما يشبه العذرية والتفرّد في هويّتها وتقاليدها. حتى السّياحة التي تزحف عليها بنهم منذ عقود، لم تعكّر صفاء العيش فيها ولم تَنَل من الوتيرة الحالمة للحياة في منازلها المطليّة بالكلس، وأزقّتها المسكونة بالشّمس والسكون ساعات القيلولة وساحاتها العامرة بالألفة والبهجة.
طقوس راسخة مكرّسة لا خروج عنها، زائراً كنت أو مقيماً. تبدأ بالتحية وعبارات المجاملة التي تكاد تضاهي الشائع في المجتمعات العربية. «بالشفاء العاجل» تبادر جارك إنْ سَقم. «تلبسه بالصّحة والعز» تقولها لصديق اشترى ثوباً جديداً، أو «دام لكم وللأسرة بالسّمعة الحسنة والمجد» يردّدها المهنئون بمولود على مسامع الأب الذي قد يلجأ إلى الاستدانة كي يحتفي أياماً بلياليها إن كان المولود بكراً وذكراً. متطيّرون أهل الجزر هنا، متعبدون، يخشون الحسد ويستعيذون من الإطراء. يرشفون القهوة بإفراط في كل المواقيت... لكن إيّاك أن تطلب «قهوة تركية»، فهي، على الرّغم من كونها تركية صرفة، تبقى عبارة محظورة منذ الغزو التركي للجزء اليوناني من جزيرة قبرص، الشقيقة الصغرى، عام 1974.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.