فالبارايزو... تشيلي بلدها والمحيط الهادي هواها والعشوائية سمتها

ملهمة نيرودا ولوحة رسمتها الزلازل

مشاهد لمدينة فالبارايزو الأصيلة
مشاهد لمدينة فالبارايزو الأصيلة
TT

فالبارايزو... تشيلي بلدها والمحيط الهادي هواها والعشوائية سمتها

مشاهد لمدينة فالبارايزو الأصيلة
مشاهد لمدينة فالبارايزو الأصيلة

نقطة الانطلاق كانت سانتياغو عاصمة تشيلي، التوقيت كان في صباح شتوي وباكر برده قارس، المشهد عبارة عن أرض مسطحة تسورها الجبال المكسوة بالثلوج في شهر يوليو (تموز) الأكثر برداً، والوجهة كانت «فالبارايزو» Valparaiso التي تبعد 120 كلم عن العاصمة.
استقللنا طريقاً سريعة كنا نتسابق خلالها مع السحب المنخفضة التي جعلت لندن عاصمة الضباب مشمسة بالمقارنة بها، كانت الطريق ترتفع تارة لنرى سفح الجبال، وتنخفض تارة أخرى لنصبح في قبضتها. استمررنا على هذه الحال على مدى نحو الساعة ونصف الساعة لنصل إلى ساحة المدينة الملقبة بلؤلؤة المحيط الهادي، والمدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي لأسباب بديهية ستدركونها في الفقرات المقبلة.
في بعض الأحيان من المهم جداً أن نتعرف على المدن والبلدان قبل زيارتها، لكن في حالة فالبارايزو لم أكلف نفسي أن أتعرف على تلك المدينة القابعة عند ساحل تشيلي؛ لأني كنت أعلم أنها ستفاجئني بروعة لا تنصفها الصور ولا الكلمات.
كل ما كنت أعرفه عن تلك المدينة أنها مدرجة على لائحة التراث العالمي بـ«اليونيسكو»، وأنها موطن الكاتب والروائي التشيلي بابلو نيرودا صاحب كتاب «تونتي لاف بويمز»، وغيره من الكتب الشاعرية التي استوحاها من موقع منزله في فالبارايزو، وهذه المعرفة بالنسبة لي كانت أكثر من كافية للتطلع لروعة مخفية تحملها المدينة في طيات طرقاتها شديدة الانحدار التي بدأنا في تسلقها والالتفاف حولها لتصبح رؤية المحيط أكثر وضوحاً، والاقتراب من الألوان التي شاهدنا من ساحة المدينة مفهومة أكثر.
فعند وصولك إلى المنطقة المحيطة بمرفأ فالبارايزو تشاهد كتلة من الألوان العشوائية من الصعب تفسيرها، لتفهم بعدها أن قوس القزح هذا هو بالواقع بيوت ومساكن أهالي المدينة التي ضربتها الزلازل لترسمها على هذه الحال، فأول زلزال ضرب المدينة كان عام 1906، وتلته زلازل أخرى عدة، وهذا يفسر موقعها على هضبة مرتفعة جداً لا تفصل بين جدران منازلها إلا الرسوم وعشوائية البناء والأزقة، والطرقات المنحدرة التي زينها الفنانون بألوان الطيف تصل إليها عبر العربات المعلقة الـ«تلفريك» التي تزيد من ألوان المدينة.
ووجود التلفريك في فالبارايزو مهم جداً، ليس فقط للزوار والسياح إنما أيضاً لأهل المدينة الذين يعتمدون عليه بشكل يومي، فالعربات الكهربائية (تلفريك) تحظى بدعم الصندوق العالمي للآثار الذي وضع برنامجاً خاصاً للمحافظة عليها من الاندثار بعد أن تضاءل عددها من 30 مصعداً إلى 16 مصعداً يعمل منها اليوم ستة فقط، وكلفة استخدامها رمزية جداً لا تتعدى الدولار الواحد، ولا يخلو محل لبيع التذكارات في المدينة من مجسم لمصاعد فالبارايزو الملونة التراثية.
فالبارايزو كانت عصب تشيلي الاقتصادي وخير مثال لعصر الصناعة والتجارة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فكانت المدينة الأولى التي ربطت ما بين المحيطين الأطلسي والهادي، وكان مرفأها الأهم في دول جنوب أميركا، إلا أن افتتاح قناة بنما عام 1914 ضرب اقتصادها وجعله يتراجع بشكل ملحوظ، ولم ينج من التراجع إلا تجارة الأقمشة التي لا تزال تستخدم ميناء فالبارايزو العتيق.
عندما تمشي في شوارع المدينة تدرك أنك في أميركا اللاتينية، ولا سيما في «بلازا سوتومايور» التي شهدت تقلبات سياسية عدة، وهي شاهد على الاستعمار الذي سيطر على المدينة، وهذا واضح من خلال الانصهار العرقي في المدينة التي تلاحظ فيها التأثير الألماني، فكنيسة «لا ماتريز» وساحة «دومينغو» هما مثالان للنمط الألماني الذي لا يزال مسيطراً على المشهد الذي غيّر معالمه المهاجرون الإنجليز والألمان.
أكثر ما يميز المدينة إلى جانب تاريخها الغني هندستها المعمارية التي تساهم عشوائيتها في وضعها على قائمة أجمل المدن وأكثرها غرابة. وبحسب دليلنا السياحي، فإن مشكلة فالبارايزو هي أنه في حال نشوب حريق في أحد البيوت فهذا يعني أن الحي بأكمله سيكون في آتون النار أيضاً؛ لأن البيوت تتشاطر الجدران.
ويواجه القسم التاريخي من المدينة تحدياً كبيراً للمحافظة على أصالته، ولا سيما بسبب البرامج الهشة للتخطيط والإبقاء على المفردات التقليدية من حيث العمران. ففي عام 2007 تعرضت المدينة لحريق كبير وتلاه زلزال قوي جداً عام 2010؛ فهذه المدينة تتنفس إيجابية من الفن المنتشر في طرقاتها، الذي تتنفسه فيها تماماً مثلما تتنفس هواء المحيط الهادي.
أول ما تراه في طريقك إلى الأعلى هو أسطح البيوت الملونة، في حين أن ما يرافق نظرك وأنت تتجول بين الأزقة وعلى السلالم الملتوية رسومات الغرافيتي المنتشرة في جميع الزوايا وعلى كل حائط وشرفة.
يسكن فالبارايزو الكثير من الفنانين المحترفين وفناني الطرقات الذين يأتون من جميع بقاع العال؛م لأن المدينة أشبه بمغناطيس يجذب أصحاب الريش والبوهيميين والكتاب والشعراء الذين يستلهمون أعمالهم من الإطلالة الرائعة على مرفأ المدينة ومياه المحيط، وقد يكون منزل الشاعر والكاتب بابلو نيرودا من بين أجمل المواقع. فعند نقطة مرتفعة جداً وعبر سلالم من الإسمنت تصل إلى منزل نيرودا الذي يطلق عليه اسم «لا سيباستيانا»، والذي تحول اليوم إلى متحف يزوره عشاق الأدب الحقيقي والكتابة المرهفة والمفعمة بالأحاسيس في زمن فقد الشعر قيمته وأصبح معلباً بانتظار تاريخ انتهاء صلاحيته لتبقى أعمال أمثال نيرودا خالدة.
وإذا كنت تبحث عن إطلالة رائعة أخرى بعد زيارة منزل نيرودا فلا بد من التوجه إلى المنطقة المحيطة بفندق «فونا» Fauna؛ ففي هذا الجزء من المدينة ستجد شرفة معلقة فوق صفيح أسطح البيوت التي لا تقف عائقاً أمام رؤية مياه المحيط، وهذا المشهد قد يكون سبب تسمية المدينة وترجمتها الحرفية «الطريق إلى الجنة»، وبالفعل إنها مدينة لا تشبه سواها، فلهدوئها صوت ولألوانها قصص ولمينائها الذي ترسو فيه المراكب بانتظار الزوار لأخذهم في رحلات يشاهدون فيها فالبارايزو التي تبدو وكأنها كتلة من الألوان التي لا تفهمها إلا عندما تمشي فيها وتشتم رائحة هواها اللاتيني وترى رساميها في الطرقات يسرقون أعمالهم من جمال المدينة وروعة عمرانها الذي يقلب موازين الانضباط ويشجع على العشوائية.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)