الطهي والتجارة والمنسوجات تدمج اللاجئين السوريين بمجتمع الإسكندرية

أعدادهم الرسمية بالمدينة تقدر بنحو 21 ألفاً

جميل شنار يبيع منسوجات سورية داخل الإسكندرية
جميل شنار يبيع منسوجات سورية داخل الإسكندرية
TT

الطهي والتجارة والمنسوجات تدمج اللاجئين السوريين بمجتمع الإسكندرية

جميل شنار يبيع منسوجات سورية داخل الإسكندرية
جميل شنار يبيع منسوجات سورية داخل الإسكندرية

تحت وطأة ويلات آلة الحرب التي قضت على مئات الآلاف من المواطنين السوريين في مختلف المدن السورية، فرّ عدد كبير من السوريين إلى دول مجاورة بحثا عن الأمان، بعد محطات كثيرة، واستقر المقام بالآلاف منهم في مدينة الإسكندرية (شمال القاهرة)، تمكنوا من خلق واقع إيجابي جديد، اندمجوا من خلاله في المجتمع المصري، قريب الشبه من المجتمع السوري.
وتعد مدينة الإسكندرية، من أكثر المدن المصرية استقبالا للاجئين السوريين. حيث رصدت «الشرق الأوسط»، تنوع أنشطة السوريين المُقيمين بالإسكندرية ما بين التجارة وصناعة المنسوجات وطهي الطعام والغناء والتعليم والرياضة بجانب التطوع في أعمال الدعم، إذ يبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين بمدينة الإسكندرية وحدها قرابة 21 ألف لاجئ سوري، بما يمثل أكثر من 16 في المائة من أعداد اللاجئين السوريين المسجلين في مصر كلها، وفقا للإحصائية الأخيرة الصادرة من المفوضية السامية للاجئين بالإسكندرية في يونيو (حزيران) الماضي.
وبما أن لذة المأكولات تقرب المسافات بين الشعوب، فإن مهارة السوريين في الطهي تعد من أشهر المهن التي يعمل بها اللاجئون السوريون في مصر بصفة عامة، والإسكندرية بصفة خاصة، إذ تنتشر بكثرة مطاعم «الشاورما» والحلويات في معظم الأحياء.
من جهته، يقول محمد عبد الغفور، رجل سوري ستيني لـ«الشرق الأوسط»: «ابتعدنا عن بلدنا خوفا من الحرب، ونجحنا في إنشاء محل للحلويات، ووجدت حفاوة كبيرة من الزبائن المصريين أكثر من السوريين، وهذا قلّل من شعورنا بالاغتراب وخاصة مع تشابه أجواء الإسكندرية مع مدن سوريا التي مازلنا نحلم بالعودة لها».
فكرة إعداد السوريين للطعام لم تقتصر على المطاعم الكبرى فقط، بل امتدت إلى نطاق أوسع، ففي غرب الإسكندرية حولت رفيدة زكريا، 50 عاما، ربة منزل من «حلب» السورية، مطبخ منزلها الصغير لمورد لجلب الرزق، كاشفة عن أن أعداد الطعام الشامي أصبح وسيلة لتسهيل حياتها بمصر بعد اكتشاف عشق المصريين له.
في المقابل، عمد بعض السوريين إلى إطلاق حملة لتوزيع الحلوى الشهية كهدايا للشعب المصري في الأعياد مغلفة بعبارة «شكرا مصر»، نوعا من رد الجميل لحسن الضيافة بحسب وصف أعضاء الحملة.
وبعيدا عن الطعام، فإن عائلات سوريا نقلت مجال عملها في المنسوجات السورية من سوق الحميدية بدمشق، إلى الإسكندرية. حيث نجحت عائلة القاسم بخبرتها الطويلة بالمنسوجات، في إنشاء مصنع صغير ومحل لبيع المنسوجات المطرزة المميزة.
يقول جميل شنار، إن هوس المصريين بالمنسوجات السورية وخاصة في جهاز العروس ساعدهم في توسيع تجارتهم واستقرارهم، وإنشاء مصنع يعمل فيه المصريون والسوريون جنبا إلى جنب. أما عُمير القاسمي، فرأى أن الأسواق المصرية استوعبت بسهولة السوريين، ووفرت لهم فرصا متعددة، رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية وموجة الغلاء المتصاعدة.
ورغم الصورة الجميلة التي يصدرها السوريون عن العيش في الإسكندرية، فإن إجراءات تجديد تأشيرات الإقامة والعمل من القاهرة، كل 3 شهور هي أكثر ما ينغص عليهم حياتهم داخل مصر، مطالبين بمد فترة الإقامة أطول من 3 شهور.
ويُقدر رأس المال الذي استثمره السوريون وشركاؤهم المصريون منذ عام 2011 في مصر، بأكثر من 800 مليون دولار، حيث تعد مصر من بين الأماكن الأكثر استقطابا للاجئين السوريين الراغبين في إنشاء مشروعات وفقا لتقرير «توفير فرص العمل يحدث الأثر المنشود» الصادر في أبريل (نيسان) 2017 الصادر من البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة.
إلى ذلك، دفع الوجود الكبير للجالية السورية في المدينة الساحلية بعض المدرسين السوريين، إلى فتح مراكز تعليمية وثقافية لتقديم دعم دراسي وترفيهي، فضلا عن نشاط كبير للمتطوعين العاملين في مجال تقديم العون للاجئين بالتعاون مع المنظمات الدولية.
إيمان مظلوم، التي جاءت لمصر عام 2013 ورفضت هي وزوجها الهجرة مع أبنائهم الخمسة لكندا، لشعورها بالأمان والمودة في مصر، قررت إنشاء أكاديمية لتحسين مستوى الأطفال التعليمي مع اختلاف المناهج بين مصر وسوريا.
وتشير مظلوم إلى أن الأطفال يستفيدون من شرح ميسر للمواد الدراسية مقابل أجور رمزية، بجانب تنمية المواهب كالرسم والموسيقي للتخفيف عنهم نظرا للمعاناة التي مروا بها.
وتأمل مظلوم في أن يتحول المركز إلى مدرسة لخدمة اللاجئين المتسربين من التعليم، وهذا يحتاج إلى تصاريح حكومية. أما محمود بسام، 26 سنة، الذي يعمل مدرسا بالمركز نفسه فيقول: «قررت خلال فترة إقامتي تعليم الأطفال السوريين، لأنهم سيكونون الجيل القادم لسوريا الذي سيبنيها ولذا يجب أن يكون متعلما ومثقفا».
من جهته، قرر طلال إبراهيم، 49 سنة، استغلال خبرته السابقة كمسعف في «الأونروا» (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين). وانضم لفرق توعية اللاجئين وأشار إلى أنه يعمل ضمن فريق مكون من 17 متطوعا من مختلف الجنسيات والتخصصات، يهتم بدعم اللاجئين، وتوثيق قصص النجاح بين اللاجئين وإنشاء جسر للتواصل بشكل عام بكل أطيافه.
يقول طلال لـ«الشرق الأوسط»: «يتميز وضع اللاجئين في مصر بمعاملتنا بصورة جيدة من الشعب المصري، فلم يعاملنا أحد باستعلاء أو فوقية أو تم فصلنا في معسكرات حدودية، على العكس وجدنا كثيرا من المودة والترحيب».
وفي المجال الرياضي، برزت «الأكاديمية الرياضية السورية» التي أسسها بطل المصارعة السوري الدولي أمير عوض، فمن دمشق وصل عوض 34 سنة مع أطفاله وزوجته إلى مصر كمحطة مؤقتة بحثا عن رحلة هجرة غير شرعية عبر البحر إلى أوروبا ينقذ بها أحلامه الضائعة وسط الحرب، إلا أن تكرار حوادث الغرق زادت من مخاوفه.
يقول عوض: «أُسست الأكاديمية منذ عامين لتدريب الأطفال السوريين وخلق جيل رياضي سوي يمثل مشروع بطل مستقبلي، كما انضمت فئات أخرى من نساء ورجال لاحقا». ويضيف: «تتنوع التدريبات بين الجمباز والمصارعة بأنواعها واستفاد منها حتى الآن قرابة 300 شخص من 20 جنسية مختلفة من اللاجئين بمصر».
وأضاف: «نظمنا قبل شهر رمضان الماضي، دورة كرة قدم بالتعاون مع نادي سموحة الرياضي بعنوان (شكرا مصر)، تقديرا على الاحتواء الذي شعرنا به، فالسوريون في مصر أنجح من غيرهم حتى في أوروبا بسبب شعورهم بالمحبة والأمان».
وفنيا، وجد السوريون أنفسهم داخل «عروس البحر الأبيض المتوسط»، بعدما أطلق المنشد طارق السويدان، عدة مبادرات فنية تهدف لتعميق التعايش بين الشعبين المصري والسوري من خلال عروض فنية مشتركة تحت شعار «أمل وتعايش»، كما أطلق عدة أغنيات من بينها «يا مصر يا أمنا» امتنانا لحسن الضيافة. ونظم «السويدان» مبادرات أخرى مثل «بالفن تتوحد الشعوب». و«نجوم الشام»، و«لم المغربي على الشامي». بالإضافة إلى جلسات العلاج بالفن.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.