تونس: «النداء» يمهد لائتلاف سياسي ضد حركة النهضة

استعداداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة السنة المقبلة

TT

تونس: «النداء» يمهد لائتلاف سياسي ضد حركة النهضة

بعد تحديد موعد مؤتمره الانتخابي الأول في نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل، أعلنت قيادات «النداء»، الحزب الفائز في انتخابات 2014 التونسية عن سعيه لقيادة ائتلاف انتخابي استعداداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة السنة المقبلة، واستعادة الأحزاب السياسية المنشقة عنه، وبالخصوص «حركة مشروع تونس»، بزعامة محسن مرزوق الأمين العام السابق المستقيل من حزب النداء، وحزب «المستقبل»، الذي شكله الطاهر بن حسين القيادي السابق في حزب النداء، وحزب «بني وطني»، بزعامة سعيد العايدي وزير الصحة السابق والقيادي في الحزب نفسه.
ومن المنتظر أن يتم الإعلان رسمياً عن هذا التحالف خلال شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، وسيتشكل هذا الائتلاف الانتخابي من أربعة أحزاب على الأقل، وكلها سليلة حزب النداء، في انتظار التحاق أحزاب سياسية أخرى تتقاسم التوجه الليبرالي الحداثي نفسه لحزب النداء، الذي أسسه الباجي قائد السبسي سنة 2012، وأيضاً في محاولة للتكتل ضد التيار الإسلامي المحافظ، الذي تقوده حركة النهضة، بزعامة راشد الغنوشي.
وكانت «النهضة» قد فازت بالمرتبة الأولى في الانتخابات البلدية، التي جرت في مايو (أيار) الماضي، بعد أن منيت بخسارة خلال انتخابات 2014، وهو ما جعل الأطراف السياسية المناوئة لها تسعى إلى التكتل من جديد في محاولة لإيقاف «زحفها» على المشهد السياسي التونسي. أما حزب النداء فقد تعرض لانتكاسة كبيرة بعد أن غادرته مجموعة من قيادات الحزب، إثر توزيع استحقاقات انتخابات 2014، وبعد تفجر الخلافات داخل الحزب واحتدام الصراع على السلطة، وظهور تيار يرفض التوريث السياسي لنجل الرئيس الباجي قائد السبسي، بالإضافة إلى اتهام عائلة السبسي بمحاولة الهيمنة على الحزب، في إشارة إلى حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي لحزب النداء.
على صعيد آخر، دخل الجدل المتصاعد حول التقرير الرئاسي المتعلق بالحريات الفردية والمساواة، حلبة المنافسة المبكرة حول انتخابات 2019، إذ حشد الطرفان الأساسيان في المشهد السياسي (الليبرالي والمحافظ) مناصريهم، بعد أن عبر عدد كبير من المواطنين أمس عن رفضهم لما جاء في تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، التي شكلها الرئيس، كما نظمت مسيرة احتجاجية انطلقت نحو مقر البرلمان، وندد المشاركون فيها بالفصول الواردة في التقرير، وقالوا «إنها خالفت الدين والدستور». كما رددوا شعارات تؤكد أن هذا التقرير «سيهدم الأسرة، ومحتواه معاد لهوية المجتمع التونسي».
وفي هذا السياق، قال المحامي التونسي فتحي العيوني، المؤيد للتيار الإسلامي، في كلمة ألقاها أمام الحضور، إن الرئيس الباجي قائد السبسي بات «مصدر تفرقة للتونسيين، وليس مصدر وحدتهم، كما ينص على ذلك الدستور التونسي»، في إشارة إلى إطلاقه لهذا المقترح الذي قسم المواطنين إلى طرفين متنازعين.
وفي الطرف المقابل، أطلقت مجموعة من الجمعيات والمنظمات الناشطة في مجال الحريات الفردية والمساواة، خلال مؤتمر صحافي عقدته الجمعة بالعاصمة، حملة لمناصرة الحريات الفردية والمساواة.
وقالت يسرة فراوس، رئيسة جمعية «النساء الديمقراطيات» (جمعية حقوقية مستقلة)، إن هذه الحملة «تأتي للدفاع عن الحريات، وعن التوجه التحديثي للمجتمع التونسي، والمقترح الرئاسي يصب في صميم عمل الجمعيات المهتمة بحقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية».
ويتضمن تقرير الحريات الفردية والمساواة عدة مقترحات، أثارت جدلاً سياسياً واجتماعياً ودينياً كبيراً، وفي مقدمتها مقترح المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، وإلغاء عقوبة الإعدام، وإعادة النظر في المهر، وإلغاء نظام رئاسة الزوج للعائلة، علاوة على إلغاء المصطلحات الدينية من القانون التونسي.
وستجد رئاسة الجمهورية نفسها غداً الاثنين، موعد الإعلان عن موقف الرئيس من هذا المقترح، تحت ضغط التيارات الحداثية والليبرالية المطالبة بشدة باحترام المواثيق الدولية، التي صادقت عليها تونس فيما يتعلق برفض كل أشكال التمييز بين الرجل والمرأة، وبالتالي ضرورة إقرار قانون الحريات الفردية والمساواة، وضغط مماثل من التيارات المحافظة، التي ترى أن هذا القانون يشكل تهديداً لكيان الأسرة التونسية، وتجاوزاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
وتوقع أكثر من طرف سياسي ألا يحسم الرئيس في هذا الملف الشائك، وقد يفكك الملف إلى عدة قوانين تطرح لاحقاً على أنظار البرلمان، وأنه لن يورط حزب النداء، المتزعم للائتلاف الحاكم، في مشاريع قوانين تجد معارضة قوية من فئة كبيرة من التونسيين، وهو ما سيؤثر على نتائجه الانتخابية في المحطات المقبلة.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.