العبادي يزور أنقرة وطهران الأسبوع المقبل لبحث ملفات اقتصادية

حرب تصريحات بين ساسة عراقيين وإيرانيين حول العقوبات الأميركية

TT

العبادي يزور أنقرة وطهران الأسبوع المقبل لبحث ملفات اقتصادية

فيما أعلن مسؤول سياسي، أمس، أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي سيزور الأسبوع المقبل كلا من طهران وأنقرة،، تبادل سياسيون عراقيون وإيرانيون الاتهامات حول العقوبات الأميركية على إيران التي أعلن العبادي الأسبوع الماضي أن حكومته ستلتزم بها.
وقال المسؤول السياسي لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «رئيس الوزراء (حيدر العبادي) سيتوجه الثلاثاء إلى تركيا والأربعاء إلى إيران لبحث قضايا اقتصادية مع البلدين». وكان العبادي أعلن الثلاثاء أن العراق مضطر إلى التزام العقوبات الأميركية على إيران رغم عدم «تعاطفه» معها، مذكرا بأن بلاده عانت الحظر الدولي طوال 12 عاما.
وقال في مؤتمره الصحافي الأسبوعي: «لا نتعاطف مع العقوبات ولا نتفاعل معها لأنها خطأ استراتيجي لكننا نلتزم بها» مشيرا إلى أن «العقوبات ظالمة بشكل عام وقد أعلنت موقفي منها». لكنه أكد في الوقت نفسه «نحن ملتزمون حماية لشعبنا ومصالحه».
إلى ذلك، لم تبتعد الفعاليات العراقية الرسمية وغير الرسمية عن اتجاهها المتوقع بالنسبة للموقف العقوبات الأميركية على إيران، فالموالون والقريبون من الأخيرة وأكثرهم من الأحزاب والجماعات الشيعية وبعض الشخصيات السنية التي تدور في فلكهم باتوا على قدر كبير من الاستفزاز والاستنكار لما تتعرض له «الجمهورية الإسلامية»، في مقابل مواقف تمثلها شخصيات سياسية وثقافية مدنية تنتقد علنا التصريحات التي تصدرها شخصيات سياسية إيرانية ضد العراق بطريقة اعتبرت غير لائقة أو مقبولة، كما تنتقد المواقف الداعمة لإيران التي تصدر عن بعض الجماعات العراقية. ومن وراء هذه الخلافات المعلنة والمضمرة، تتنامى مخاوف عميقة داخل الأوساط الشعبية العراقية من احتمال وقوع البلاد في عين عاصفة العقوبات ضد إيران.
وكان البنك المركزي العراقي طلب من أول من أمس، من جميع المصارف المجازة العاملة عدم التعامل بالدولار أو اليورو مع البنوك الإيرانية العاملة في العراق.
المواقف المحلية العراقية سواء الداعمة لإيران أو المناهضة ما زال أغلبها يتمحور حول التصريحات التي أدلى بها العبادي الثلاثاء الماضي، فالداعمون لإيران لم يقبلوا بها معتبرين أنها «خيانة» للجار الشرقي الذي دعم العراق منذ 2003. والمؤيدون رأوا فيها «واقعية سياسية تغلب مصلحة البلاد على أي اعتبار آخر».
ويبدو أن الموقف الذي اتخذه حيدر العبادي أثار حفيظة أكثر من مسؤول إيراني، حيث كتب وزير الداخلية الإيراني السابق عبد الله رمضان زادة، في تغريدة على «تويتر»، «سابقاً قلت ذلك، علينا أن لا نمنع تقسيم العراق». وقوبلت التغريدة باستياء شديد من أطراف عراقية كثيرة. وفي هذا السياق اتهم رئيس تحالف «تمدن» النائب الفائز في الانتخابات الأخيرة فائق الشيخ علي، إيران بقتل مليون عراقي من خلال إدخال تنظيم القاعدة إلى العراق بعد العام 2003، مطالبا الحكومة الإيرانية بتعويض «عوائل الشهداء» بـ11 مليار دولار. وقال شيخ علي في تغريدة له على حسابه الخاص بـ«تويتر» أول من أمس: «ردا على مطالبة نائب رئيس مجلس الشورى الإيراني محمود صادقي، العراق بتعويضهم عن الحرب بـ11 مليار دولار أميركي، فإني باسم عوائل ضحايا الإرهاب، أطالبك وأطالب دولتك بـ11 مليار دولار أميركي، كتعويض عن مليون عراقي قتلتموه، حينما أدخلتم القاعدة إلى بلادنا منذ 2003 بحجة محاربة الأميركيين».
من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين ياسين البكري أن «حالة الانقسام في المواقف العراقية تجاه العقوبات ضد إيران طبيعية، ذلك أن رؤية بناء الدولة غائبة اليوم في البلاد». وقال البكري لـ«الشرق الأوسط»: «انقسام الناس حول موقف العبادي، مرده إلى عدم تقييم المواقف على أساس عقلاني، أو على أساس مصلحة البلاد وغالبا ما تتأثر بانحيازات طائفية وغيرها». ويلاحظ البكري أن «أكثر الأصوات الناقدة لإيران والمطالبة بعدم التورط معها في مسألة العقوبات هي أصوات مدنية وأخشى أن تأثيرها أقل من تأثير تلك القوى السياسية النافذة المرتبطة أو المتعاطفة مع إيران».
أما أستاذ العلوم السياسية الآخر في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي، فيرى أن «ارتباط أغلب قوى السلطة اليوم بإيران كانت نتيجة معارضتها لنظام صدام حسين وعيشها هناك، ويبدو أن هذه القوى تعتقد أن إيران صاحبة فضل عليها ولا بد من الوقوف معها». ويعتقد الفيلي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «أغلب هذه القوى تفكر بطريقة عاطفية وربما مصلحية حتى أن بعضهم طالب في سنوات سابقة بتعويض إيران عن خسائرها في الحرب».
وفي موازاة هذه المواقف، والكلام للفيلي «هناك اتجاه عراقي واضح وقوي يرى أن الدولة والحكومة لديها التزامات أمام شعبها لا تستطيع القفز عليها والانشغال بالقضية الإيرانية». على أن الفيلي يرى أن «مشكلة إيران اليوم هي في قضية التحويلات المالية وليس في التبادل التجاري مع العراق»، مشيرا إلى أن عملية التحويلات المالية «مرتبطة بالولايات المتحدة أساسا، وجميع عوائد العراق المالية المتأتية من النفط تمر عبر بنوك أميركية أو صديقة لأميركا».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.