الظاهرة الثقافية لمونديال البرازيل

مثقفون يفتشون في الملعب عن «نيرودا» و«بورخيس» وكيف يشمت «ماركيز» بخيبة «يوسا»

الظاهرة الثقافية لمونديال البرازيل
TT

الظاهرة الثقافية لمونديال البرازيل

الظاهرة الثقافية لمونديال البرازيل

لم يوحد العرب، خلال شهر عاصف بالمآسي، حدث مثلما فعل مونديال كأس العالم الذي تقام بطولاته في البرازيل، هذا الحدث الذي أجبر الملايين من الشباب العرب على التسمر حول الشاشة الفضية يتابعون فعالياته، ويتناقلون أخبار المنافسات الحامية التي تدور رحاها في البرازيل، فتبعث جوا من الحماس في أرجاء العالم.
وكأي ظاهرة كبرى، هناك ثقافة ترافقها، تنبعث من حولها، تنتجها هذه الروح الرياضية التي تتجاوز الفروقات، وطوت المسافات بين الأمم والثقافات والشعوب، فخلال نحو شهر من عمر السباق الكروي، دارت مساجلات بين المثقفين العرب: كيف تمكن المونديال من أن يصنع ثقافته الخاصة التي تتجاوز ثقافات التقسيم؟ وكيف تمكن من أن يطلق روح المبادرة؟ وكيف نجح أن ينشر ثقافة الإنجاز والتعاون والإيجابية؟ وكان مما تداوله الجمهور على نطاق واسع مبادرة جمهور الفريق الياباني لتنظيف المدرجات بعد هزيمة فريقهم.
حتى الصورة كانت مدهشة بالنسبة لجمهور واسع يفتش في الأرجاء عن لقطات الفرح التي تكسو المدرجات، وخلال أمسية رمضانية تحلق عدد من المثقفين حول الشاشة لمتابعة مباراة فريقي البرازيل وألمانيا، وهي المباراة التي شهدت «مجزرة» حقيقية سطرها الألمان على أرض «السامبا».
سألت «الشرق الأوسط» عددا من المثقفين الحاضرين عن قراءتهم الثقافية لمشهد المونديال، وجاءت هذه المشاركات كالتالي:

* طارق خواجي: ملعب آخر ليوسا وماركيز
انطلق كأس العالم، يمكنك معرفة ذلك من هدوء الطرقات والمقاهي المتجردة من الشاشات، وكشخص يعتقد أنه فقد اهتمامه، فقد كنتُ أشعر بالسعادة في كل ذلك الهدوء. ألتقط هاتفي وأتصل بصديق لي لأناقشه في مقال سينمائي قادم، يأتيني صوته المعاتب بحب لا يخلو من غضب مدعى: «لقد ارتكبتَ ثلاثة أخطاء؛ لقد اتصلت بي وقت مباراة كرة قدم، في كأس العالم، والفريق الذي أشجعه مهزوم حتى هذه اللحظة». سؤالي الجارح التالي عمن يشجع؟ تلقى إجابة حزينة، تحمل كلمة واحدة: «البرتغال»، لكن الألمان قبروا أحلامه منذ البداية. السؤال عن دافع هذا الصديق لتشجيع البرتغال سهل، لكن الإجابة عنه صعبة وغير متوقعة، وكيف يمكن أن يتوقع أحد أن السبب يكمن في أسطورة الرواية الحديثة الراحل خوزيه ساراماغو صاحب الروايات البارزة مثل: «سنة موت ريكاردو ريس»، و«العمى»، و«قصة حصار لشبونة» و«كل الأسماء».
أستطيع أن أتفهم مثل هذا الدافع، فقد كانت لي تجربة قريبة في عام 1999، عندما قرأت لأول مرة رواية «باهيا» لجورجي أرمادو؛ حيث دفعتني معرفة أنه برازيلي للبحث كثيرا عنه والتهام رواياته لاحقا بحكم انتمائه لأميركا اللاتينية التي عرفت بكرة القدم، لكنني بصفتي محب للأدب والرواية لم أنتبه للأسماء العظيمة التي أفرزتها تلك الدول المميزة بالكرة مثل البرازيل ثم الأرجنتين التي ظللت مفتونا بها بعد تعرفي على إرنستو ساباتو.
إنها لظاهرة فريدة أن نرى في هذا الدول انعكاسات مثقفيها وهي تتحرك على الملعب، «نيرودا» مع تشيلي يواجه «بورخيس» مدربا للأرجنتين، «خوان رولفو» يقود الهجوم المكسيكي انتقاما من «كارلوس سالازار هيريرا» الذي كتب عنه نقدا لاذعا في كوستاريكا، بينما يبتسم الراحل «ماركيز» في وجه «يوسا» الذي لم يتأهل منتخب بلاده للمسابقة، في الوقت الذي يحاول فيه «جون غريسمير» في روايته «لا أحد يفكر في غرينلاند» أن ينبه «الفيفا» لغرابة قرارهم بعدم أهلية غرينلاند للمشاركة في كأس العالم!
* كاتب وناقد سينمائي سعودي

* عدنان فرزات: ثقافة ذكاء الجسد
ما نراه من مودة ظاهرة من قبل المثقفين تجاه كرة القدم، يختلف عما يخفونه من غيرة تجاه اللاعبين الذين يستطيعون بأقدامهم لا بأقلامهم تحقيق جماهيرية واسعة وثروة كبيرة. ولكن مع ذلك، فكاتب مثل دان براون أو باولو كويلهو أو غابرييل ماركيز - حال حياته - ليس لديهم هذا الشعور بسبب تجاوز مبيعات أعمالهم لعشرات الملايين من النسخ.
إلا أن هذه الغيرة لا تقف حاجزا أمام تكريس ثقافة ذكاء الجسد التي يؤديها الرياضيون بشكل أوبرالي جماعي، فأحيانا تشعر أنك أمام فرقة تعزف لحنا أوبراليا متناغما بحركات ساحرة أقرب إلى الباليه.
وهناك ثقافة أخرى تكرسها مونديالات كرة القدم، وهي ثقافة لغة المعلقين الرياضيين، فبعضهم يعطي تشبيهات بلاغية وصورا إبداعية للمشهد ولا أبرع كاتب.
ربما الشيء الوحيد المزعج إنسانيا في المونديالات، هو هذا البذخ لبناء ملاعب ضخمة قد لا يحتاجها البلد مرة أخرى بعد انتهاء المونديال، بينما هناك فقراء في البلد نفسه أحوج إلى هذه الأموال، ولكن في كل الأحوال فليكن البذخ على الرياضة، فهذا أفضل من السخاء على الحروب.
*روائي وكاتب صحافي سوري

* عبد اللطيف المبارك: إنسان العالم
حين أعود بالذاكرة إلى الطفولة أتذكر أني لم أحتج كثيرا إلى درس الجغرافيا، ذلك الدرس الذي كنت أراه مترفا جدا، وكأنه ثقافة عامة لا تحتاج إلى منهج ودرس ومدرسة، في ذلك الوقت لم أكن أعرف ما سبب ذلك، والآن وبعد هذه السنين أستطيع القول إن السبب في ذلك هو المونديال العالمي، حين بدأت بمتابعته حينما كان في الولايات المتحدة عام 1994، وكنت أهتم بالمشاركين في تلك اللعبة وحظوظ المتسابقين. وهكذا أصبحت خبيرا في أعلام الدول والتعدادات السكانية والتنوع العرقي، خبيرا بالأجواء المناخية. التصاقك بمثل هذه الفعاليات العالمية يعلمك أشياء حتى المدرسة لا تستطيع أن تعطيك إياها، وهي ثقافة الفرح حين يفوز فريقك: طريقة الاحتفال، الرقص المختلف، وكذلك ثقافة الحزن والخسارة، والأغاني الحزينة جدا، والعود والقيثار والناي القديم.
ما أؤمن به حقا، هو أنك كلما اقتربت من الساحرة المستديرة، كلما اقتربت من إنسان العالم.
* شاعر سعودي



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.