أشعة الليزر لإرسال البيانات وعروض الفيديو من المحطة الفضائية الدولية

تزيد من سرعة إيصال المعلومات

أشعة الليزر لإرسال البيانات وعروض الفيديو من المحطة الفضائية الدولية
TT

أشعة الليزر لإرسال البيانات وعروض الفيديو من المحطة الفضائية الدولية

أشعة الليزر لإرسال البيانات وعروض الفيديو من المحطة الفضائية الدولية

كل الذين يتذكرون كيفية الاتصال بالإنترنت في أيامه الأولى يمكنهم التعاطف مع مشكلة مراقبي رحلات وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا)، الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر وصول الرسائل من أعماق الفضاء وتنزيلها سطرا سطرا، وهذا يشبه ما كانت عليه شبكة الإنترنت العالمية في التسعينات من القرن الماضي.
لكن نظام الليزر الموجود على متن محطة الفضاء الدولية، من شأنه تغيير كل ذلك كله. ففي الخامس من يونيو (حزيران) الماضي مرت المحطة الفضائية فوق مرصد «تايبل ماونتن» الموجود في رايوود في ولاية كاليفورنيا، لتطلق شعاعا هو عبارة عن فيديو عالي الوضوح والتحديد كان الباحثون في المرصد ينتظرونه. وخلافا إلى بث البيانات العادية التي يجري ترميزها ضمن نطاق من الموجات والترددات اللاسلكية، وصلت هذه إلى الأرض على شاكلة شعاع ضوئي.

* اتصالات بالليزر
«كان من المذهل رؤية مثل هذا الشعاع الضوئي الرائع، وهو يصل من تلك الحمولة الصغيرة على متن المحطة الفضائية»، كما يقول مات إبراهامسون الذي يدير شؤون «أوبتيكال بايلود فور ليزركوم ساينس»Optical Payload for Lasercomm Science في «مختبرات الدفع النفاث» التابع لوكالة «ناسا».
وكان الجهاز الليزري التجريبي هذا الذي يعرف أكثر بـ«أوبالس» «OPALS»، قد أطلق إلى الفضاء على متن المركبة الفضائية «سبايس - إكس دراغون» في ربيع العام الحالي، كهدف لاكتشاف إمكانية تطوير اتصالات فضائية عريضة النطاق عن طريق استخدام الضوء بدلا من الموجات الراديوية، فإذا نجحت هذه التجارب يقول الباحثون فإن «أوبالس» سيكون أشبه بتحديث نظام اتصالات «خط الاشتراك الرقمي» (دي إل إس) لشبكة الإنترنت للوصول إلى معدلات لبث البيانات بسرعة عشرة إلى ألف ضعف الاتصالات الفضائية الحالية.
وقد استغرق هذا البث الفضائي الليزري الأخير مدة 148 ثانية فقط، محققا معدل بث بلغ 50 ميغابايت في الثانية، أي تمكن نظام «أوبالس» هذا خلال 3.5 ثانية فقط من بث نسخة واحدة من رسالة الفيديو التي كان من شأنها أن تستغرق عشر دقائق، باستخدام أساليب البث والتنزيل التقليدية. وقد جرى إرسال الرسالة مرات عدة خلال عملية البث هذه. ولكون المحطة الفضائية تدور حول الأرض بسرعة 17.500 ميل بالساعة، فإن تعقب إشارات نظام الليزر من الأرض الذي يسير بسرعة مع المحطة، قد يكون صعبا. وللحصول على تعقب صحيح، مع إشارات واضحة دقيقة، يقوم ليزر من المحطة الأرضية بإضاءة المحطة، فتستجيب «أوبالس» عن طريق إرسال إشارتها المرمزة بقوة 2.5 واط وإعادتها بالاتجاه ذاته التي تحمل في طياتها الفيديو العالي الوضوح. وخلال البث الذي دام 148 ثانية، حافظت «أوبالس» على توجهها نحو المحطة الأرضية في حدود 0.01 درجة، وتعقبها بسرعة وصلت إلى درجة واحدة في الثانية.
ومن شأن رحلات «ناسا» جمع كميات هائلة من البيانات من الفضاء، يقول إبراهامسون، بيد أن الاتصالات بواسطة الليزر هي بديل سريع لإيصالها إلى الأرض، وهي تمهد الطريق لاتصالات المستقبل من الفضاء وإليه.



«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
TT

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)

شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الاهتمام بمبادرات «إعادة التحريج» بصفتها استراتيجية فعّالة لمواجهة آثار تغيّر المناخ وتحسين سبل معيشة السكان المحليين.

«إعادة التحريج»

تعني «إعادة التحريج»، وفق الأمم المتحدة، استعادة الأراضي التي كانت مغطاة بالغابات من خلال زراعة أشجار جديدة لتعويض الغطاء الحرجي المفقود، بخلاف التشجير الذي يركّز على زراعة أشجار في مناطق لم تكن غابات أصلاً.

وتهدف هذه العملية إلى معالجة تحديات بيئية كبيرة، مثل: التغير المناخي وتآكل التربة، كما تعزّز التنوع البيولوجي، فضلاً عن فوائدها البيئية، مثل تحسين جودة الهواء. وتُسهم «إعادة التحريج» في خلق فرص عمل وتحسين الأمن الغذائي.

ومن أبرز هذه المبادرات «تحدي بون» (Bonn Challenge)، الذي أُطلق عام 2011 بوصفه حملة عالمية، تهدف إلى إعادة تأهيل 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والغابات بحلول عام 2030.

وتشمل هذه المبادرة أساليب متعددة؛ مثل: الزراعة المكثفة لتكوين غابات جديدة لأغراض بيئية أو إنتاجية، والزراعة المختلطة التي تدمج الأشجار مع المحاصيل، أو تربية الحيوانات لزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى التجدد الطبيعي حيث تترك الطبيعة لاستعادة الغابات ذاتياً دون تدخل بشري.

وفي دراسة أُجريت من قِبل فريق بحث دولي من الدنمارك وكندا والولايات المتحدة، تم تحليل تأثير «إعادة التحريج» في تحسين مستويات المعيشة لدى 18 دولة أفريقية، ونُشرت النتائج في عدد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من دورية «Communications Earth & Environment».

واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 200 ألف أسرة بين عامي 2000 و2015. واستخدم الباحثون أساليب إحصائية دقيقة لتحديد العلاقة الإيجابية بين إعادة التحريج وتحسّن مستويات المعيشة.

واستندوا إلى مؤشرات متنوعة لقياس الفقر تشمل التعليم والصحة ومستويات المعيشة؛ حيث أظهرت النتائج أن زراعة الأشجار أسهمت بشكل مباشر في تحسين الدخل وتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة. كما أظهرت أن مناطق زراعة الأشجار كان لها تأثير أكبر من مناطق استعادة الغابات الطبيعية في تخفيف حدة الفقر.

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم علوم الأرض وإدارة الموارد الطبيعية بجامعة كوبنهاغن، الدكتور باوي دن برابر، إن الدراسة تطرح ثلاث آليات رئيسة قد تُسهم في تقليص الفقر، نتيجة لتوسع مزارع الأشجار أو استعادة الغابات.

وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الآليات تتمثّل في توفير الدخل من خلال بيع منتجات الغابات، مثل: المطاط أو زيت النخيل، ما يسمح للأسرة بزيادة مواردها المادية. كما أن زراعة الأشجار قد تؤدي إلى خلق فرص عمل للسكان المحليين، في حين يمكن أن تُسهم مناطق التجديد البيئي في تحسين الظروف البيئية، ما يفيد الأسر المحلية من خلال النباتات والحيوانات التي يمكن بيعها وتوفير دخل إضافي للسكان.

ووفقاً لنتائج الدراسة، هناك مؤشرات من بعض البلدان؛ مثل: أوغندا، وبنين، أظهرت زيادة في النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار مقارنة بتلك التي لا تحتوي عليها.

تأثيرات الاستدامة

كما أشارت الدراسة إلى أن برامج التشجير في أفريقيا التي تهدف إلى استعادة أكثر من 120 مليون هكتار من الأراضي عبر مبادرات، مثل: «السور الأخضر العظيم»، و«الأجندة الأفريقية لاستعادة النظم البيئية»، تمثّل جهداً كبيراً لمكافحة الفقر وتدهور البيئة.

وتُسهم نتائج الدراسة، وفق برابر، في النقاش المستمر حول استدامة تأثيرات زراعة الأشجار في التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية، من خلال تسليط الضوء على الفوائد المحتملة لهذه المبادرات عندما يتمّ تنفيذها بشكل مدروس ومتوازن. كما أظهرت أن مبادرات زراعة الأشجار، مثل «تحدي بون»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية للمجتمعات المحلية، سواء من حيث تحسين مستوى المعيشة أو تعزيز التنوع البيولوجي.

وتوصي الدراسة بأهمية مشاركة المجتمعات المحلية في هذه المبادرات بصفتها شرطاً أساسياً لضمان استدامتها ونجاحها، فالتفاعل المباشر للمجتمعات مع المشروعات البيئية يزيد من تقبلها وفاعليتها، مما يعزّز فرص نجاحها على المدى الطويل.