العنف يهدّد «فيدرالية الإثنيات» في إثيوبيا

عندما تسلم رئيس الوزراء الإثيوبي ابيي أحمد السلطة في أبريل (نيسان) الماضي وعد شعبه بأيام أفضل، لكن أعمال العنف بين المجموعات الإثنية في اثيوبيا تشكل تحديا كبيرا للإصلاحات التي يريد القيام بها.
بيداسو بورا كان من الذين هللوا لمجيء ابيي احمد الى السلطة، لكنه اضطر بعد بضعة أسابيع إلى الهرب من بيته في جنوب اثيوبيا مع مئات الآلاف من أقلية الجيدو الإثنية أمام جيرانهم من الأورومو الذين طردوهم بوحشية من مزارعهم.
يقول بيداسو الذي أُجبر على الفرار إلى مخيم في كيرشا الواقعة على مسافة 400 كيلومتر جنوب أديس أبابا: "رأيت منازل تحترق وأشخاصاً يرمون الحجارة".
وأدت أسابيع من اعمال العنف بين إثنيتي الأورومو والجيدو بعد تنصيب ابيي مباشرة، إلى نزوح قرابة مليون شخص مما أسفر عن حالة طوارئ إنسانية تبذل المنظمات غير الحكومية جهودا كبيرة لمواجهتها.
ويعرب محللون عن الخشية من أن تؤدي وتيرة التغيير السريع الذي يريده رئيس الوزراء إلى تفاقم العداوات الإثنية القديمة، على غرار ما يحدث بين الاورومو والجيدو. ويقول المحلل هللويا لولي ان "السرعة التي يحصل فيها التغيير في اثيوبيا ونطاقه شبيهان بثورة. عندما يعتقد الناس أن هناك فراغاً في السلطة، فإنهم يحاولون اغتنام الفرصة للدفاع عن مصالحهم. أعتقد أن هذا هو مصدر العنف".
يذكر أن ائتلاف الجبهة الثورية الشعبية الإثيوبية قسم البلاد بعد توليه السلطة عام 1991 إلى تسع مناطق إدارية وفقا لنظام "فيدرالية الإثنيات". وخلال الأشهر الأخيرة، كانت الحدود بين هذه المناطق في صلب النزاعات العنيفة على الاراضي.
والعام الماضي أدى التوتر المستمر حول ملكية الأراضي الصالحة للزراعة بين الأورومو وجيرانهم من الإثنية الصومالية في الجنوب الشرقي إلى تصاعد أعمال العنف التي اوقعت مئات القتلى وأسفرت عن نزوح نحو مليون شخص.
وهناك احتكاكات مماثلة بين الأورومو، المجموعة الإثنية الرئيسية في إثيوبيا بنسبة 35 في المائة من السكان، وشعب الجيدو الذي ينتمي الى "منطقة أمم وقوميات وشعوب الجنوب".
ويعتمد كثيرون من إثنية الجيدو على زراعة البنّ في منطقة الأورومو، في اماكن مثل كيرشا، ويقولون إنهم ضحايا التمييز من سلطات الأورومو.
واندلع العنف بعد تقدّم إثنية الجيدو بشكوى تتعلق بمسألة الأراضي إلى الإدارة الإقليمية. وهاجم أشخاص مسلحون بالحجارة والمناجل شيفيراو جيديشو، وهو مزارع من إثنية جيدو قرب كيرشا، بعد مهاجمة قريته وابلغوه "انها ليست منطقتك، هذا ليس بلدك، يجب أن تغادر". وردا على ذلك، استهدف مجموعة من الجيدو الأورومو.
يقول لوشو بيداشو، وهو من الأورومو وفر إلى مخيم للنازحين بعد مقتل ابن أخيه البالغ من العمر 21 عاما: "ليست لدينا مشكلة مع الجيدو، لكنهم هاجمونا وقتلوا أبناءنا وبناتنا".
وتقدر المنظمة الدولية للهجرة أن عدد النازحين من منطقة إثنية الجيدو بلغ 820 ألفا ومن غوجي الغربية في منطقة الأورومو 150 ألفا. وفيما لم تصدر الحكومة أي حصيلة، أكد اشخاص من إثنية الجيدو أن العشرات قُتلوا.
وخلال الأشهر الأربعة الأولى من توليه السلطة، نال ابيي، وهو من الأورومو، ثقة الإثيوبيين عبر جولاته في البلاد لتعزيز الوحدة وانتقاده الأساليب الوحشية في تطبيق القانون في كثير من الأحيان. لكن خطاب التهدئة هذا لم يمنع اندلاع اعمال العنف بين الإثنيات في البلاد.
وإذا كانت الأزمة الأخطر هي بين مجموعتي الجيدو والأورومو، فإن اشتباكات أخرى اندلعت بين المجموعات في الأسابيع الأخيرة في مدينة أسوسا في غرب البلاد وعاصمة منطقة الاثنية الصومالية جيغيغا في الشرق.
وقد وصل ابيي إلى السلطة بعد عامين من الإحتجاجات المناهضة للحكومة، ومذاك، بدأ التواصل مع المحتجين. ويعرب دبلوماسي غربي في أديس أبابا عن اعتقاده ان مرونة رئيس الوزراء قد تشجع البعض على تصفية حساباتهم بطريقة عنيفة. ويقول: "شعوري هو أن ابيي يعقّد الاوضاع من دون ان يقصد".
ويرى المحلل هللويا أن اعمال العنف تبرر دعوات ابيي إلى مزيد من التماسك. ويحذّر من أنه "إذا تخطت المواجهات حدا معينا، فإنها يمكن أن تعرض استقرار الدولة بأكمله للخطر، لكنها يمكن كذلك أن تدعم خطابه الداعي الى الوحدة".