ظريف: أميركا لن تستطيع منع إيران من تصدير النفط

طهران تطلب من «أوبك» عقد اجتماع استثنائي بعد تعديلات الإنتاج

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
TT

ظريف: أميركا لن تستطيع منع إيران من تصدير النفط

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.

لم يستبعد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمس عودة بلاده إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة إذا ما كانت ستؤدي إلى نتائج ملموسة، لافتا في الوقت ذاته إلى أن خطة واشنطن لوقف صادرات النفط الإيرانية «لم تنجح تماما».
وقال ظريف لصحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة، إنه على الولايات المتحدة «أن تدرك عواقب منع تصدير النفط الإيراني»، ولمح إلى تهديدات إيرانية سابقة بمنع تصدير النفط عبر إغلاق مضيق هرمز وقال: «لا يمكنهم التفكير في أن إيران لن تصدر النفط وأن آخرين سيصدرونه»، وفقا لوكالة «رويترز».
ولمح الرئيس الإيراني حسن روحاني الشهر الماضي إلى أن إيران قد تغلق مضيق هرمز، وهو ممر ملاحي رئيسي للنفط، إذا حاولت الولايات المتحدة وقف صادرات النفط الإيرانية.
وقال ظريف: «أعدت أميركا غرفة عمليات حرب ضد إيران»، مضيفا أنه «لا يمكن أن نستدرج لمواجهة مع أميركا بالسقوط في فخ غرفة عمليات الحرب هذه واللعب على جبهة قتال».
وفي مقابلة مع وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا)، قال ظريف: «لا نريد أن نحول المحادثات إلى أمر محرم، لكن يتعين أن تؤتي بنتائج وألا تكون إهدارا للوقت».
وذكر ظريف أن إيران لم تغلق أبدا باب المفاوضات السياسية، حتى مع الولايات المتحدة، لكنها تجريها دائما بأجندة واضحة مسبقا ونتائج واضحة متوقعة. وأضاف: «لا بد أن نستكشف كل شيء بدقة، وأن نتخذ قرارا عقلانيا على أساس مصلحتنا الوطنية» وفقا لوكالة الأنباء الألمانية.
وفي تصريح آخر، قال ظريف عبر «شبكة أخبار جمهورية إيران الإسلامية» الرسمية: «تخيلوا التفاوض الآن، كيف سنثق بهم؟ أميركا تتذبذب بشكل دائم، ولذا فلم يعد أحد يثق بهم»، مضيفا: «هناك فرق كبير هذه المرة... في السابق، لم يكن أحد يدعم إيران. لكن جميع دول العالم تدعمها الآن»، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأثار عرض ترمب للقاء المسؤولين الإيرانيين جدلا واسعا في الأوساط الإيرانية، ورجحت مصادر إعلامية لقاء بين الرئيسين الإيراني والأميركي على هامش الجمعية العامة في الأمم المتحدة، لكن حكومة روحاني قللت من أهمية تلك التقارير.
وجدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أمس دعوته إلى الدول الأخرى بالانضمام إلى العقوبات ضد إيران، إذ تتطلع الإدارة الأميركية إلى تصفير صادرات النفط الإيرانية مع حلول موعد المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية لإجبارها على وقف برامجها النووية والصاروخية وتدخلها في الصراعات الإقليمية.
ووصف ظريف خطة الإدارة الأميركية بـ«الساذجة والمستحلية».
في غضون ذلك، نقل الموقع الإخباري لوزارة النفط الإيرانية (شانا) أمس عن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه قوله، إن «أوبك» قد تحتاج لعقد اجتماع استثنائي إذا فشلت المنظمة في منع أعضائها من تعديل إنتاجهم من الخام من دون الحصول على موافقة.
وذكر الموقع الإعلامي لوزارة النفط الإيرانية، أن زنغنه أرسل «خطاب شكوى» إلى نظيره في دولة الإمارات العربية بعدما لاحظ أن بعض أعضاء «أوبك» يحاولون تعديل إنتاجهم. وأضاف أن زنغنه أبلغ وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، الرئيس الحالي لـ«أوبك»، أنه يجب على اللجنة المشتركة لـ«أوبك» والمنتجين خارج المنظمة ألا توزع زيادات في الإنتاج بين منتجين آخرين.
وكتب زنغنه: «في حال لم تنفذ اللجنة التكليف المنوط بها... وكان لها فهم مختلف لقرار مؤتمر (أوبك)، فإنه ينبغي إثارة المسألة في اجتماع استثنائي لمؤتمر (أوبك) لاتخاذ قرار»، لكن مصادر في (أوبك) قللت من احتمال عقد اجتماع استثنائي، وقال مصدر بالمنظمة: «لا توجد حاجة».



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».