لقاء لأقليات مصرية في «المعبد اليهودي» بالقاهرة يثير ضجة

أكدوا تمسكهم بمصريتهم والتنوع الثقافي للمجتمع

ماجدة هارون، رئيسة الطائفة اليهودية بمصر
ماجدة هارون، رئيسة الطائفة اليهودية بمصر
TT

لقاء لأقليات مصرية في «المعبد اليهودي» بالقاهرة يثير ضجة

ماجدة هارون، رئيسة الطائفة اليهودية بمصر
ماجدة هارون، رئيسة الطائفة اليهودية بمصر

في تجمع نادر الحدوث، التقى ممثلون لأقليات دينية وعرقية مصرية حول مائدة إفطار مساء أول من أمس، داخل المعبد اليهودي في قلب القاهرة. وأثار اللقاء الذي حضره أيضا شيخ أزهري، ضجة وانتقادات في الأوساط العامة عكسته بعض وسائل الإعلام المحلية، لأنه اقترن بالحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، لكن ماجدة هارون، رئيسة الطائفة اليهودية بمصر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن هذا ليست له علاقة على الإطلاق، لأن فكرة عقد اللقاء بدأت قبل الحرب بوقت طويل، كما أن توجيه الدعوات على إفطار رمضان بدأ منذ أكثر من عشرة أيام.
ومن بين المشاركين في حفل الإفطار الذي جرى وسط إجراءات أمنية مشددة، بهائيون ومسيحيون ويهود وأمازيغ ونوبيون وغيرهم. وأكد المشاركون تمسكهم بمصريتهم وأرجعوا الفضل في قدرتهم على الإعلان عن ثقافاتهم الخاصة بقوة، لأول مرة منذ نحو ستين عاما، للدستور الجديد الذي وافق عليه المصريون مطلع هذه السنة. ودعا ممثلو الأقليات، وهم يوزعون التمور على الصائمين لبدء الإفطار الرمضاني، للتسامح والعيش المشترك في وطن واحد «يحترم التنوع والاختلاف ويعده ميزة لا عيبا».
ونظم اللقاء «التحالف المصري للأقليات»، الذي جرى تأسيسه لأول مرة في عام 2012. ويقول مينا ثابت، العضو المؤسس لهذا التحالف إن الغرض من التجمع على حفل الإفطار لا علاقة له بأي أغراض سياسية ولكنه دعوة للمصريين للاستفادة من التنوع الثقافي الذي لديهم. ويرفض المشاركون ربط بعض المنتقدين للإفطار بالحرب على غزة التي بدأت قبل أربعة أيام، قائلين إن اللقاء جرى الترتيب له مسبقا منذ نحو أسبوعين.
وظهر «التحالف المصري للأقليات»، بالتزامن مع صعود تيار الإسلام السياسي إلى السلطة بعد ثورة 2011. وحاول التحالف العمل على تضمين حقوق الأقليات داخل دستور 2012، دون جدوى، وهو الدستور الذي جعل العديد من الكيانات المصرية تشعر بالقلق حيث كان يهيمن على صياغته نواب «الإسلام السياسي» وفي القلب منه جماعة الإخوان المسلمين. وارتبط بتلك الفترة خطاب متشدد أثار الرعب في قلوب البعض حيث وقعت اعتداءات على مسيحيين وشيعة كان أشهرها قتل وسحل رموز شيعية مصرية في محافظة الجيزة وقطع أذن أحد المواطنين المسيحيين في الصعيد، إضافة لاعتداءات على كنائس قتل فيها مواطنون آخرون.
ويوضح مينا ثابت قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «كنا أول كيان يخرج لرفض دستور الإخوان لأنه لم يراع التمثيل لكل المصريين في بنود الدستور، أما حين بدأ تعديل الدستور وفقا لخارطة الطريق، بعد الإطاحة بحكم الإخوان، فقد تقدمنا لرئيس لجنة الخمسين، عمرو موسى، بوثيقة تحت اسم (الحقوق والحريات المصرية) وتضمنت 30 مادة مقترحة، جرت الموافقة على خمس منها، والحمد لله يوجد رضا عن الدستور الجديد إلى حد ما، لكن ما زال النضال مستمرا خاصة في المادة الخاصة بالاعتقاد».
وتولى ممثلو الطوائف دعوة من يعرفونهم لأول إفطار من نوعه، وتقرر أن يكون داخل المعبد اليهودي الذي يقع في منطقة تجارية وإدارية كبيرة في وسط العاصمة المصرية. وعن السبب في ذلك تقول أماني الوشاحي، مستشارة رئيس منظمة الكونغرس العالمي الأمازيغي لملف أمازيغ مصر: «قررنا أن نبدأ بالأقلية اليهودية نظرا لأنهم الآن أقل الأقليات عددا في مصر، وعددهم أصبح لا يزيد على 19 فردا لا غير، بعد أن كانوا بالآلاف، وهم في طريقهم للانقراض الآن، حيث إن أقلهم سنا فوق سن الستين عاما.. أي أنه بعد عشر أو عشرين سنة على الأكثر لن يكون هناك أي يهود مصريين في مصر.. نحن تقريبا اليوم نودع واحدة من أقدم الأقليات في البلاد».
وتضيف الوشاحي قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن هذا أول حفل إفطار لأقليات مصر، وكل سنة ستستضيف مثل هذا الإفطار أقلية معينة. وشددت على أن تنفيذ فكرة إفطار الأقليات تعني أن مصر تغيرت، «ولو كنا طرحنا مثل هذه الفكرة من ثلاث أو أربع سنوات مضت، لكان قد قُضي علينا». وتقول الوشاحي إن مصر «دولة مركزية؛ عبارة عن شعب واحد لكن فيه أقليات، وليس طوائف.. مجموعات من المواطنين المختلفين.. البعض مختلف ثقافيا والبعض دينيا ومذهبيا والبعض الآخر عرقيا. والغرض من اللقاء هو إعطاء قيمة للتعايش السلمي والتسامح وقبول الآخر».
ومن جانبها ترفض ماجدة هارون ربط المناسبة بأي نزاع سياسي محلي أو إقليمي. وتضيف بقولها: «أنا دعوت من أعرفهم من أصدقائي المصريين لحفل الإفطار. وزملائي الآخرون من المسلمين والمسيحيين وغيرهم، دعوا من يعرفونهم، بهدف أن نتجمع، وأن نظهر للعالم أننا أبناء وطن واحد، وأن نقول إن اختلافنا مذهبيا أو دينيا، ليس له دخل بأي شيء آخر. وهذه أول مرة يكون فيها مثل هذا التجمع على حفل إفطار في المعبد اليهودي».
وعما إذا كانت لديها أي مخاوف من أن تفسر بعض الأطراف اللقاء تفسيرا آخر، تجيب السيدة هارون موضحة: «نعم كان هناك من لديه تحفظ، خاصة حين علموا أن الإفطار في المعبد اليهودي، حيث رفض البعض الحضور والمشاركة». وتزيد قائلة: «أنا تألمت لهذا، لأن المعبد اليهودي ليس مستوطنة، ولكنه جزء من شارع عدلي.. جزء من مصر، وموجود منذ أكثر من 100 سنة هنا، ومن بناه هم المصريون». ويوجد في مصر نحو 12 معبدا يهوديا آخر.
وعما إذا كان اختيار المعبد اليهودي له علاقة بما يحدث بين إسرائيل وقطاع غزة في الأيام الأخيرة، تقول هارون إن هذا ليست له علاقة بالأمر على الإطلاق، لأن فكرة الإفطار بدأت قبل الحرب بوقت طويل، كما أن توجيه الدعوات بدأ منذ أكثر من عشرة أيام. وتأمل هارون في أن يعقد مثل هذا الإفطار كل سنة؛ مرة في مسجد ومرة في كنيسة وغيرها. وتستدرك قائلة: «أنا لم أشعر أبدا أنني أقلية. أنا في بيتي.. مصر، والاجتماع لا يسلط الضوء على الأقليات لأي سبب آخر، أكثر من كونه تعريف الناس ببعضهم بعضا وأن يحترم كل منهم الآخر، لأن التنوع عبارة عن ثراء للتراث المصري في اللغة والثقافة والفن والعمارة وغيرها».
وأغلقت قوات الأمن محيط المعبد اليهودي وشارع عدلي الشهير الذي يوجد فيه، مستخدمة المئات من جنود الأمن المركزي وضباط الشرطة والسيارات المدرعة، إضافة للتفتيش الذاتي للحضور والكشف عن هوياتهم قبل الدخول للمعبد. وكان من بين الجلوس على مائدة الإفطار ممثلون لعدة حركات نوبية، وفي الجانب الآخر كانت هناك كريمة كمال، وهي قيادية نسائية مسيحية، وباسمة موسى، وهي قيادية بهائية، والكاتبة اليسارية أمينة شفيق، والمخرج السينمائي داود عبد السيد، والممثل كريم قاسم، وآخرون من الأمازيغ، بينما كان الشيخ الأزهري محمد عبد الله نصر، الملقب بـ«خطيب ميدان التحرير»، والمنسق لجبهة «أزهريون مع الدولة المدنية»، يشارك في وضع أكواب المرطبات أمام الحضور، قبيل آذان المغرب، وهو يستعد لإمامة المصلين لصلاة المغرب على سجادة كبيرة في بهو المعبد اليهودي.
ومثل غالبية الحاضرين لحفل الإفطار هنا، لا يميل الدكتور رؤوف هندي، الممثل عن البهائيين المصريين، استخدام تعبير «الأقليات المصرية»، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنه مع استخدام مصطلح «المواطنون المصريون». والدكتور رؤوف هندي هو المدعي في القضية البهائية الشهيرة التي كان يطالب فيها الدولة بكتابة كلمة «بهائي» في خانة الديانة في الأوراق الرسمية وبطاقات الهوية الثبوتية للبهائيين، على غرار كلمتي «مسلم» أو «مسيحي» بالنسبة لباقي المصريين. واستمرت هذه القضية في المحاكم منذ عام 2001 إلى عام 2009، وحظيت باهتمام واسع من جانب الرأي العام. وبسببها صدر حكم من المحكمة الإدارية العليا بعدم إرغام أي مواطن مصري على كتابة عقيدته غير التي يدين بها.
ويقول هندي إنه لبى الدعوة لحضور الإفطار الرمضاني. ويضيف: «أفطرنا مع يهود وشيعة وسنة ومسيحيين أرثوذكس وكاثوليك إضافة للبهائيين. كما أفطرنا مع أقليات عرقية مصرية من أهل النوبة والأمازيغ.. أنا سعيد بهذا التجمع المصري رغم عدم إدراك بعض المنتقدين لفائدته على وحدة الأمة».
وعدد البهائيين في مصر غير معروف، وفقا للدكتور هندي، وذلك بعد أن أغلقت المحافل البهائية في مصر عام 1960 حيث كانت هي الجهة الإدارية المنوط بها إحصاء عدد المنتمين لهذه الطائفة، وإن كان البعض يقدره ببضعة ألوف. كما كان عدد اليهود المصريين يقدر بالألوف حتى ستينات القرن الماضي، رغم الإعلان عن قيام دولة إسرائيل عام 1948. وخرجت أعداد ضخمة من اليهود المصريين إلى إسرائيل ودول غربية عقب حرب يونيو (حزيران) عام 1967.
ويبلغ عدد النوبيين بضعة ملايين، وكانوا حتى ستينات القرن الماضي يتركزون في جنوب البلاد، لكن مشروع بناء خزان السد العالي أجبر قطاعات واسعة منهم على الهجرة لمحافظات أخرى والبعض هاجر خارج البلاد. وفي كل محافظة مصرية تقريبا يوجد «ناد نوبي» يرعى شؤون أبناء النوبة. ونص الدستور الجديد على ضرورة حل مشاكل النوبة المتراكمة منذ أكثر من نصف قرن، كما نص على حقوق الأقليات والأعراق والثقافات المتنوعة بمصر على أساس أنها إضافة للدولة العربية السنية ذات الامتداد الأفريقي والآسيوي والمنتمية في الوقت نفسه لحوض البحر المتوسط.
ويقول رؤوف هندي: «لا توجد في الإحصاءات الرسمية بمصر تصنيفات بأعداد كل عرق أو طائفة.. لكن البهائيين مثل غيرهم، موجودون في مصر من الصعيد (جنوبا) حتى الإسكندرية (شمالا) وهم مواطنون مصريون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم».
وشارك في حفل الإفطار ممثلا عن الأمازيغ المصريين، إدريس حبون، وهو من واحة سيوة، التي تقع وسط الصحراء في غرب القاهرة بنحو 500 كيلومترا، ويبلغ عدد سكان سيوة نحو خمسين ألف نسمة. ويقول حبون لـ«الشرق الأوسط» عن علاقة سيوة بالأمازيغ: «الرطانة والكلام السيوي منسوب للغة الأمازيغية.. يوجد سكان في مدينة فاس المغربية يتحدثون نفس اللهجة التي نتحدث بها، وهم يزوروننا في بعض المناسبات الاجتماعية. هذا على سبيل المثال دليل على أنه يوجد في سيوة من هم من أصول أمازيغية»، مشيرا إلى أن التجمع في الإفطار الرمضاني مع أقليات أخرى «لفتة نقول فيها إننا، في النهاية، مصريون، رغم اختلاف الأعراق والأديان».



الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)

فيما تواصل الجماعة الحوثية تجاهل الدعوات الدولية المطالِبة بوقف ملاحقة موظفي المنظمات الدولية والإغاثية، كشفت مصادر قضائية عن استعداد الجماعة لإحالة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة والعاملين لدى منظمات إغاثية دولية ومحلية، إضافة إلى أفراد من بعثات دبلوماسية، إلى المحاكمة أمام محكمة متخصصة بقضايا «الإرهاب».

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان محامٍ يمني بارز، تولّى منذ سنوات الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على استمرار اعتقاله ووضعه في زنزانة انفرادية منذ 3 أشهر، وفق ما أفاد به أفراد من أسرته.

وقالت المصادر القضائية لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة بدأت فعلياً بمحاكمة 3 دفعات من المعتقلين، أُصدرت بحقهم حتى الآن أحكام إعدام بحق 17 شخصاً، في قضايا تتعلق باتهامات «التجسس» والتعاون مع أطراف خارجية. وأوضحت أن التحضيرات جارية لإحالة دفعة رابعة، تضم موظفين أمميين وعاملين في المجال الإنساني، إلى المحاكمة خلال الفترة المقبلة.

العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية مهددون بأوامر الإعدام الحوثية (إعلام محلي)

وبحسب المصادر نفسها، فإن الحوثيين نقلوا العشرات من المعلمين والنشطاء في محافظة إب إلى العاصمة صنعاء، في خطوة وُصفت بأنها تمهيد لمحاكمتهم، بعد أشهر من اعتقالهم. وأكدت أن جهاز مخابرات الشرطة، الذي يقوده علي الحوثي نجل مؤسس الجماعة، بدأ بنقل أكثر من 100 معتقل من إب إلى صنعاء، عقب فترات تحقيق مطوّلة داخل سجن المخابرات في المحافظة.

وأشارت إلى أن المعتقلين حُرموا من توكيل محامين للدفاع عنهم، كما مُنعت أسرهم من زيارتهم أو التواصل معهم، رغم مرور أكثر من 6 أشهر على اعتقال بعضهم، في مخالفة صريحة لأبسط ضمانات العدالة والإجراءات القانونية.

دور أمني إيراني

وفق ما أفادت به المصادر في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، فإن خبراء أمن إيرانيين تولّوا الإشراف على حملات الاعتقال الواسعة، التي انطلقت بذريعة منع الاحتفال بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962، التي أطاحت بحكم أسلاف الحوثيين في شمال اليمن. وانتهت تلك الحملات باعتقال العشرات بتهم «التجسس» لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.

وأضافت أن إحكام القبضة الإيرانية على ملف المخابرات لدى الحوثيين، جاء في إطار احتواء الصراعات بين الأجهزة الأمنية المتعددة التابعة للجماعة، إلى جانب الإشراف على خطط تأمين قياداتها السياسية والعسكرية.

غير أن هذا الترتيب، بحسب المصادر، أدى إلى إغلاق معظم قنوات الوساطة القبلية التي كانت تُستخدم سابقاً للإفراج عن بعض المعتقلين، مقابل دفع فِدى مالية كبيرة وتقديم ضمانات اجتماعية بحسن السيرة.

إضراب محامي المعتقلين

في سياق هذه التطورات القمعية الحوثية، أعلن المحامي اليمني المعروف عبد المجيد صبرة، الذي تولّى الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، إضراباً عاماً عن الطعام، احتجاجاً على استمرار احتجازه منذ نهاية سبتمبر الماضي. ونقل شقيقه وليد صبرة، في نداء استغاثة، أنه تلقى اتصالاً مقتضباً من شقيقه أبلغه فيه ببدء الإضراب، وبأن إدارة سجن المخابرات أعادته إلى الزنزانة الانفرادية.

دفاع صبرة عن المعتقلين أغضب الحوثيين فاعتقلوه (إعلام محلي)

وأوضح وليد صبرة أن سبب اعتقال شقيقه يعود إلى منشور على مواقع التواصل الاجتماعي احتفى فيه بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر، مؤكداً أن الأسرة لا تعلم شيئاً عن وضعه الصحي، وأن طلباتهم المتكررة لزيارته قوبلت بالرفض. وتساءل عن مصير الفريق القانوني الذي كلفته نقابة المحامين بمتابعة القضية، وما إذا كان قد تمكّن من معرفة مكان احتجازه أو الجهة المسؤولة عنه.

وأثار إعلان الإضراب موجة تضامن واسعة، حيث عبّر عشرات الكتّاب والنشطاء عن دعمهم للمحامي صبرة، مطالبين بالإفراج الفوري عنه، وضمان حقه في الزيارة والرعاية الطبية.

كما ناشدوا نقابة المحامين، واتحاد المحامين اليمنيين والعرب، ومنظمات حقوق الإنسان، التدخل العاجل لحماية حياته، باعتباره أحد أبرز المدافعين عن الحريات والحقوق، وعن الصحافة والصحافيين، وعن المعتقلين والمختفين قسرياً، والمحكوم عليهم بالإعدام في مناطق سيطرة الحوثيين.


العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على أن الاستقرار السياسي يُعد شرطاً أساسياً لنجاح أي إصلاحات اقتصادية، في ظل تداعيات قرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، مشيداً في الوقت ذاته بجهود تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لخفض التصعيد، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظات شرق البلاد.

جاءت تصريحات العليمي، الأحد، خلال اتصال أجراه بمحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، للاطلاع على المستجدات الاقتصادية والنقدية، والتداعيات المحتملة لقرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، على خلفية الإجراءات الأحادية التي شهدتها المحافظات الشرقية في الأيام الماضية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن مصدر رئاسي أن العليمي استمع إلى إحاطة من محافظ البنك المركزي حول مستوى تنفيذ قرارات مجلس القيادة، وتوصياته الهادفة لمعالجة الاختلالات القائمة في عملية تحصيل الإيرادات العامة إلى حساب الحكومة في البنك المركزي، إضافة إلى عرض للمؤشرات المالية والنقدية، والجهود المطلوبة لاحتواء تداعيات القرار الدولي على استقرار سعر الصرف، وتدفق الوقود والسلع، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف المصدر أن الاتصال تطرق إلى تقييم شامل للأوضاع الاقتصادية الراهنة، وما يفرضه تعليق أنشطة صندوق النقد من تحديات تتطلب تنسيقاً حكومياً عاجلاً للحفاظ على الاستقرار سواء المالي أو النقدي، وضمان استمرار التزامات الدولة تجاه المواطنين.

وكانت مصادر يمنية رسمية ذكرت أن صندوق النقد الدولي قد أعلن تعليق أنشطته في اليمن، عقب التوتر الأمني في حضرموت والمهرة خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أثار مخاوف من انعكاسات اقتصادية محتملة، في وقت تعتمد فيه الحكومة اليمنية على الدعم الخارجي والمؤسسات الدولية في تنفيذ برامج الاستقرار المالي والإصلاحات الاقتصادية.

إشادة بمساعي التهدئة

أفاد المصدر الرئاسي اليمني - حسب ما نقلته وكالة «سبأ» بأن العليمي أشاد بالمساعي التي يبذلها تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات، لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة، مثمناً دعم الرياض للموازنة العامة، وتعزيز صمود مؤسسات الدولة، واستمرار الوفاء بالالتزامات الحتمية تجاه المواطنين.

جنود تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن يحرسون مدخل القصر الرئاسي (رويترز)

وأشار المصدر إلى أن العليمي عدّ إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن بمثابة «جرس إنذار»، يؤكد ارتباط الاستقرار الاقتصادي بالاستقرار السياسي، ويبرز أهمية توحيد الجهود لتفادي انعكاسات سلبية على الوضعين المالي والمعيشي.

كما جدّد رئيس مجلس القيادة التأكيد على أن الانسحاب الفوري للقوات الوافدة كافة من خارج محافظتي حضرموت والمهرة يُمثل الخيار الوحيد لإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، واستعادة مسار النمو والتعافي، وتعزيز الثقة مع مجتمع المانحين والمؤسسات الدولية.

توحيد الجهود

يأتي اتصال العليمي بمحافظ البنك المركزي عقب لقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُّبيدي (رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي) في العاصمة المؤقتة عدن بقيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، برئاسة اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي.

وكان اللقاء ناقش - حسب الإعلام الرسمي اليمني - سُبل توحيد الجهود في مواجهة المخاطر التي تهدد أمن المنطقة والإقليم، وتمس المصالح الدولية، وتهدد حرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، والتنسيق مع الشركاء الدوليين لوقف تهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية.

اجتماع وفد عسكري سعودي إماراتي في عدن مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)

وأكد الزُّبيدي خلال اللقاء عمق ومتانة العلاقات الأخوية مع دول التحالف، مثمناً الدور الذي تقوم به في دعم القوات المسلحة، ومواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وعقب هذا اللقاء كانت القيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي عقدت اجتماعها الدوري برئاسة الزبيدي، واستعرضت نتائج اللقاء مع قيادة القوات المشتركة للتحالف، وما خرج به من تفاهمات لتعزيز الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، وتأمين خطوط الملاحة وحماية الأمن البحري، إضافة إلى الأوضاع في وادي حضرموت والمهرة، والجهود المبذولة لتطبيع الأوضاع، وحفظ السكينة العامة.


«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.