ألمانيا تطرد ممثل الاستخبارات الأميركية ردا على التجسس

الفضيحة تتفاعل.. وميركل تشدد على «الثقة بين الحلفاء»

صورة أرشيفية لعنصرين من الأمن يحرسان أمام السفارة الأميركية في برلين (أ.ب)
صورة أرشيفية لعنصرين من الأمن يحرسان أمام السفارة الأميركية في برلين (أ.ب)
TT

ألمانيا تطرد ممثل الاستخبارات الأميركية ردا على التجسس

صورة أرشيفية لعنصرين من الأمن يحرسان أمام السفارة الأميركية في برلين (أ.ب)
صورة أرشيفية لعنصرين من الأمن يحرسان أمام السفارة الأميركية في برلين (أ.ب)

أعلنت الحكومة الألمانية أمس طرد ممثل الاستخبارات الأميركية في ألمانيا في إطار قضية تجسس ألمان لصالح واشنطن. وقال المتحدث باسم الحكومة شتيفن سايبرت في بيان إنه {طلب من ممثل الاستخبارات الأميركية في سفارة الولايات المتحدة مغادرة ألمانيا}. وأوضح النائب الألماني كليمنس بينينغر رئيس لجنة المراقبة البرلمانية لنشاطات الاستخبارات التي اجتمعت أمس في برلين أن هذا الإجراء جاء {ردا على غياب التعاون منذ فترة طويلة في الجهود لتوضيح} نشاطات رجال الاستخبارات الأميركيين في ألمانيا.
من جهتها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ردا على سؤال {أعتقد أنه في هذه الأوقات التي تكون ملتبسة جدا، من الضروري أن تكون الثقة متبادلة بين الحلفاء}، مضيفة أن {مزيدا من الثقة يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الأمن}.
وبعد كشف معلومات أولية الأسبوع الماضي عن عنصر في أجهزة الاستخبارات الألمانية يشتبه بتعامله مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، أعلنت النيابة العامة أول من أمس أنها تحقق في حالة جديدة. وأشارت وسائل الإعلام إلى وجود ضابط في الجيش الألماني يعمل لحساب واشنطن. وجاءت هذه القضية الجديدة بعد أيام على اعتقال عميل في الاستخبارات الخارجية الألمانية (31 عاما) للاشتباه ببيعه أكثر من 200 وثيقة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه).
وقال وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله في مقابلة نشرت أمس إن الأميركيين يبرهنون عن {غباء يثير البكاء} في هذه القضية. وأضاف {إن تجنيد الولايات المتحدة على أرضنا أشخاصا من الدرجة الثالثة هو غباء. وفي مواجهة مثل هذا الغباء لا يمكننا إلا أن نبكي، ولذلك هذا الأمر لا يسلي المستشارة}.
وعادت اتهامات التجسس الجديدة لتقوض جهود الولايات المتحدة لرأب الصدع مع ألمانيا بعد أسبوعين فقط على إطلاق البلدين الحليفين مبادرة دبلوماسية لتجاوز الخلاف حول فضيحة برامج مراقبة قامت بها وكالة الأمن القومي الأميركية. والتزم البيت الأبيض أول من أمس الصمت حول التجسس المفترض، فيما صب المشرعون الألمان جام غضبهم خلال زيارة لواشنطن وانتقدوا اللامبالاة الواضحة حول المسألة في الولايات المتحدة. وقال نوربرت روتغن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الألماني للصحافيين بعد محادثات مع أعضاء في الكونغرس الأميركي ومسؤولي الأمن القومي {نرى أن محادثينا على علم قليل جدا بالمشكلة}. واشتكى روتغن من أن وفده لم يحصل على {الأجوبة} بشأن فضيحة التجسس الأخيرة، محذرا من أن نشاطات الاستخبارات الأميركية في ألمانيا قد تؤدي إلى {نزاع مجمد} في العلاقات بين جانبي الأطلسي. وعبر زميله المشرع نيلس آنين عن الأسف لأن الاتهامات الجديدة تقوض {النوايا الحسنة} لما يعرف بالحوار الافتراضي، وهو منتدى دبلوماسي أطلقته ألمانيا والولايات المتحدة في 27 يونيو (حزيران) الماضي لحل خلافاتهما حول جمع الاستخبارات وحماية البيانات. وقال آنين {كانت هناك برامج المراقبة لوكالة الأمن القومي، والتجسس على هاتف ميركل الجوال والآن تأتي قصة التجسس فوق كل ذلك}.
وكرر المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست القول إنه {ليس في موقف يسمح له بتأكيد أو نفي أو حتى التعليق على تقارير متعلقة بنشاطات استخبارات مفترضة}. لكنه قال للصحافيين إن {بعض المحادثات} بين دبلوماسيين ألمان وأميركيين إضافة إلى مسؤولي تطبيق القانون والمخابرات جرت {سعيا لحل بعض الملابسات بشكل مناسب}.
وأكدت ميركل في وقت سابق أن منسق جهاز الاستخبارات الألماني تحدث هاتفيا إلى مدير {سي آي إيه} جون برينان، كما التقى مسؤول كبير بوزارة الخارجية الألمانية أول من أمس السفير الأميركي جون بي إيمرسون للمرة الثانية في خمسة أيام. وقال ارنست إن محادثة هاتفية بين ميركل والرئيس الأميركي باراك أوباما حول قضية التجسس ليست مقررة {في هذه المرحلة}.
وشكك عدد من الخبراء في أن تكون الجهود غير العلنية، كافية لتهدئة التوتر مع ألمانيا. وقال جاك جينز من المعهد الأميركي للدراسات الألمانية المعاصرة {أعتقد أن الطريقة الوحيدة لحل المسألة هي أن يقول أوباما شيئا، لكني لا أعتقد أنه يستطيع أو سيفعل ذلك}. وأضاف {هذا يدع الأمر إما لوزارة الخارجية بأن تسعى لتهدئة المشاعر أو لدائرة المشرعين على جانبي الأطلسي، ولا يوجد رغبة كبيرة في الكونغرس للتدخل هنا} وتوقع أن {يستمر ذلك لوقت طويل}.
وبينما أعرب البيت الأبيض عن القلق إزاء تضرر العلاقات الأميركية - الألمانية الحيوية، أبدى بعض المسؤولين بشكل غير علني تململا إزاء الطريقة التي تعامل بها الألمان مع القضية. وفي وقت سابق وفي مجالس خاصة، قال كبار المسؤولين إن الكثير من الدول تقوم بعمليات تجسس ضد بعضها البعض ضمن النطاق الطبيعي لسير العمل وإن الحكومة الأميركية هدف كبير بحد ذاتها، مضيفين أن الجميع هدف مشروع.
من جانبها حذرت كارين دونفريد المديرة الكبيرة السابقة للشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي لأوباما قائلة {لا نعرف حتى الآن حقيقة} اتهامات التجسس الجديدة. غير أنها أقرت بأنه {لا تزال هناك الكثير من التداعيات لفضيحة وكالة الأمن القومي}.
وتعد الولايات المتحدة ألمانيا {حليفا مهما جدا} في مسائل اقتصادية وقضايا متعلقة بالسياسة الخارجية مثل أوكرانيا وأفغانستان، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دونفريد التي ترأس حاليا مركز الأبحاث جيرمان مارشال فاند (صندوق مارشال الألماني). وأضافت {يبدو لي أننا لا نريد حصر العلاقة فقط} بمسألة التجسس.



روسيا تهاجم وسط كييف «رداً» على هجمات بصواريخ أميركية وتعترف باستهداف مستودع وقود جنوب موسكو

سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
TT

روسيا تهاجم وسط كييف «رداً» على هجمات بصواريخ أميركية وتعترف باستهداف مستودع وقود جنوب موسكو

سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

هاجمت القوات الروسية وسط العاصمة الأوكرانية بأسراب من الطائرات دون طيار ووابل من الصواريخ في وقت مبكر من صباح السبت، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص على الأقل. وبدورها شنت القوات الأوكرانية سلسلة من الهجمات على مناطق متفرقة داخل روسيا وتسببت في حريق اندلع بمستودع للوقود في منطقة تولا جنوب موسكو.

دمار يظهر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل 4 أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع باستخدام صواريخ «أتاكمز» التكتيكية الأميركية الصنع وصواريخ «ستورم شدو» البريطانية.

وتسبب الهجوم الروسي، السبت، في إغلاق محطة مترو لوكيانيفسكا، بالقرب من وسط المدينة، بسبب حجم الأضرار، كما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى عكس الهجمات السابقة على كييف، صدر تحذير بوقوع الغارة الجوية فقط بعد وقوع انفجارات متعددة وليس قبل شن الغارة.

وذكرت تقارير رسمية أنه تم استخدام صواريخ باليستية في الهجوم. وتقع محطة المترو المتضررة بجوار مصنع للأسلحة، تم استهدافه عدة مرات بضربات صاروخية روسية، كما أعلنت موسكو.

رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

وطبقاً لبيان صادر عن سلاح الجو الأوكراني، أطلقت روسيا 39 طائرة دون طيار، من طراز «شاهد» وطائرات دون طيار أخرى و4 صواريخ باليستية. وأسقطت قوات الدفاع الجوي الأوكرانية صاروخين و24 طائرة دون طيار.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن 4 أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 3 آخرون في هجوم بصاروخ باليستي في وسط كييف، في ساعة مبكرة من صباح السبت.

دونالد ترمب يتحدث إلى جانب فلاديمير بوتين خلال لقاء جمعهما في اليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

وقال تيمور تكاتشينكو، رئيس الإدارة العسكرية في العاصمة الأوكرانية كييف، إن انفجارات دوت في سماء المنطقة قبيل الفجر بينما كانت الدفاعات الجوية تصد الهجوم. وأضاف أن 4 أشخاص لقوا حتفهم بينما أعلنت الشرطة مقتل 3. وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إن أضراراً لحقت بمحطة مترو أنفاق وخط مياه. وواصل عمال الإنقاذ البحث وسط الحطام في شارع غمرته المياه.

وتعهدت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، بالرد، بعد أن ذكرت أن القوات الأوكرانية أطلقت 6 قذائف على «منشآت» غير محددة، في منطقة بيلغورود، بالقرب من الحدود بين البلدين. ولم تؤكد أوكرانيا استخدام الأسلحة، حسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء، السبت.

جندي أوكراني يطلق طائرة مسيّرة متوسطة المدى للتحليق فوق مواقع القوات الروسية في خاركيف (رويترز)

وأظهرت صور متداولة على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي سيارات لحقت بها أضرار ومياه غزيرة ناجمة عن انفجار أنبوب مياه في المحطة. وفي أجزاء من كييف، التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة، انقطعت إمدادات المياه بشكل مؤقت.

كما قصفت روسيا مدينة زابوريجيا في جنوب شرق البلاد، حيث قال حاكم المنطقة إن 10 أشخاص أصيبوا ولحقت أضرار بمكاتب منشأة صناعية. وذكر مسؤولون، الجمعة، أن هجوماً صاروخياً شنته روسيا على مدينة كريفي ريه، مسقط رأس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أسفر عن مقتل 4 وتدمير أجزاء من منشأة تعليمية.

بدورها اعترضت منظومات الدفاع الجوي الروسية ودمرت 46 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق أراضي مقاطعات عدة، خلال الليلة الماضية. وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية نقلته، السبت، وكالة «سبوتنيك»: «تم تدمير 18 طائرة مسيّرة فوق أراضي مقاطعة بريانسك، و11 مسيّرة فوق أراضي مقاطعة كورسك، و7 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة كالوجا، و5 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة تولا، و3 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة بيلجورود، وطائرتين مسيّرتين فوق أراضي مقاطعة فورونيج».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوقعان اتفاقاً تاريخياً (أ.ب)

كانت السلطات الروسية قد ذكرت في وقت مبكر، السبت، أن حريقاً اندلع في مستودع للوقود في منطقة تولا جنوب موسكو بعد أن شنت أوكرانيا هجوماً بطائرات مسيّرة.

وكتب حاكم المنطقة دميتري ميلييف على تطبيق «تلغرام» أن الهجوم على المنشأة لم يسفر عن وقوع إصابات. وقال ميلييف إنه تم تدمير 5 مسيّرات. يذكر أنه لا يمكن التحقق من هذه المعلومات بشكل مستقل.

وقالت السلطات المحلية إن تولا، الواقعة على بعد 160 كيلومتراً جنوب موسكو، تعرضت للاستهداف بعد ساعات فقط من هجوم مماثل بطائرات مسيّرة في منطقة كالوجا، جنوب غربي العاصمة، تسبب أيضاً في نشوب حريق في منشأة لتخزين الوقود.

وصباح الخميس، كان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يقوم بزيارة في كييف لإبرام شراكة أمنية تمتدّ على 100 عام مع أوكرانيا.

جنود روس في مكان غير معلن في أوكرانيا (أ.ب)

من جانب آخر اتهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي منافسيه في الانتخابات العامة المقبلة بتضليل الناخبين في ألمانيا عمداً في النزاع حول منح مساعدات إضافية بمليارات اليوروات لأوكرانيا. وقال زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، رولف موتسنيش،

في تصريحات لصحف مجموعة «فونكه» الألمانية الإعلامية: «يتصرف (التحالف المسيحي) و(الحزب الديمقراطي الحر)، ولسوء الحظ (حزب الخضر) أيضاً، بشكل غير مسؤول، ويخدعون الجمهور فيما يتعلق بمسألة ما إذا كان من الممكن توفير أموال إضافية لأوكرانيا».

وذكر موتسنيش أن هناك فجوة في الميزانية العامة الحالية تصل إلى عشرات المليارات من اليوروات، وقال: «إذا كان من المقرر زيادة مساعدات الأسلحة بأموال إضافية قدرها 3 مليارات يورو، فيجب توفير هذه التكاليف من مكان آخر».

صورة من مقطع فيديو وزعته دائرة الصحافة التابعة لوزارة الدفاع الروسية 16 يناير 2025 تُظهر قاذف الصواريخ الثقيل «TOS-1A Solntsepyok» يُطلِق النار باتجاه مواقع أوكرانية (أ.ب)

وأشار إلى أن الأحزاب الأخرى لم تقدم أي إجابة في هذا الشأن، وقال: «من يتصرف بهذه الطريقة المشكوك فيها وغير المسؤولة فيما يتعلق بالسياسة المالية لا يمكن أن يكون جاداً حقاً في المطالبة بدعم إضافي لأوكرانيا، ولكنه يحاول فقط إثارة الانتباه في الحملة الانتخابية».

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن اعتقادها بأنه لا يمكن لأوكرانيا أن تظل دولة مستقلة في ظل الهجوم الروسي عليها دون دعم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو). ورأت ميركل أن الشراكة عبر الأطلسي أصبحت اليوم لا يمكن الاستغناء عنها بصورة أكبر من أي وقت مضى.

زيلينسكي ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك (إ.ب.أ)

جاء ذلك خلال كلمة ألقتها المستشارة الألمانية السابقة كضيفة شرف في حفل استقبال العام الجديد، نظمه «الحزب المسيحي الديمقراطي» بولاية شمال الراين-ويستفاليا في مدينة دوسلدورف (عاصمة الولاية)، وذلك قبل مراسم تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الاثنين. وصرحت ميركل، التي تنتمي لـ«الحزب المسيحي»، بأن الهجوم الذي شنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا أدى إلى تعطيل المبدأ الأساسي لنظام ما بعد الحرب في أوروبا، والخاص بحرمة الأراضي السيادية للدول. وقالت ميركل إن من غير الممكن «منع بوتين من الانتصار في الحرب والحفاظ على أوكرانيا كدولة مستقلة» إلا بدعم الولايات المتحدة والعمل ضمن إطار حلف «الناتو».