الأمن الألماني يحذر من خطر أطفال العائلات المتطرفة

يرى فيهم {مصدر قلق لا يستهان به}

أطفل «داعش» في الموصل قبل تحريرها («الشرق الأوسط»)
أطفل «داعش» في الموصل قبل تحريرها («الشرق الأوسط»)
TT

الأمن الألماني يحذر من خطر أطفال العائلات المتطرفة

أطفل «داعش» في الموصل قبل تحريرها («الشرق الأوسط»)
أطفل «داعش» في الموصل قبل تحريرها («الشرق الأوسط»)

ترى دائرة حماية الدستور الألمانية (مديرية الأمن العامة) في العائلات المتشددة في ألمانيا خطرا داهما على الأمن العام، وتتعامل مع أطفالهم كمصدر خطر «لا يستهان به». نقلت ذلك مجموعة «فونكه» الألمانية يوم أمس عن دراسة تحليلية لدائرة حماية الدستور حول مخاطر التشدد في ألمانيا. ويذهب معدو الدراسة إلى أن خطر تطرف الأطفال لا يصدر عن العائلات التي التحقت بتنظيم داعش في سوريا والعراق فحسب، وإنما من العائلات المتشددة التي تعيش في ألمانيا أيضاً.
وتقدر الدراسة هذا الخطر على أنه صادر عن بضع مئات من العائلات المسلمة التي تعيش في ألمانيا وتربي عدة مئات من الأطفال. ويصف التقرير خطر تطرف أطفال العائلات المتشددة على أنه «مثير للقلق».
تجري في هذه العائلات تربية الأطفال «منذ الولادة»، بحسب تقرير الدائرة الأمنية، على الآيديولوجيا المتطرفة التي تبرر العنف ضد أصحاب المعتقدات الأخرى المخالفة لعقيدتها. ويضيف التقرير أن «هناك مؤشرات على تطرف مبكر وسريع ممكن بين المراهقين ينطوي على خطر لا تمكن الاستهانة به».
ولا تتوفر لدى دائرة حماية الدستور المعلومات حول الأطفال المتطرفين إلا عن طريق الصدفة، بحسب الدراسة، لأن القانون يحظر على الدائرة الاحتفاظ بملفات عن أطفال تقل أعمارهم عن 14 سنة. ولا يجوز للدائرة فتح السجلات للمتطرفين من الأطفال إلا بوجود أدلة ملموسة على اقترافهم أو محاولة اقترافهم جناية ما.
وفيما يخص الدوائر الأمنية، لا يمس الموضوع هنا الجنايات التي يرتكبها القاصرون، بقدر ما يهمها «الأدلجة» التي تقودهم إلى التطرف عن طريق التطبيقات والكتب التعليمية والمسلسلات التي تروج للعنف والحروب. ومثال ذلك الفصل «اللغوي» في التعامل في البيت والمجتمع حينما يفرق الأب في تربيته للطفل بين مدارس (الكفار) والمدارس (الاعتيادية) في المساجد».
وتؤكد الدراسة على أن المقصود من هذا التقييم ليس اضطهاد الأطفال والقاصرين، وإنما «الوقاية من خطر تطرفهم».
وعلى هذا الأساس تميز دائرة حماية الدستور بين ثلاث مجموعات من العائلات، وهي العائلة التي تقاتل إلى جانب الإرهابيين في سوريا والعراق، والعائلة التي عادت إلى ألمانيا بعد التحاقها بالإرهابيين، والعائلة المتطرفة التي تعيش في ألمانيا. وسبق لرئيس دائرة حماية الدستور الاتحادية هانز - جورج ماسن أن حذر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي من أطفال العائلات العائدة من مناطق القتال في سوريا والعراق، ومن الأطفال الذين ترسلهم هذه العائلات إلى ألمانيا بعد الخسائر التي مني بها التنظيم في هذين البلدين. وأقرت الحكومة الألمانية مقترح شمول القاصرين حتى سن 14 سنة في سنة 2016 بعد تعدد الجنايات التي يرتكبها الأطفال. وأصبحت ولاية بافاريا الولاية الوحيدة التي تقر فتح السجلات الأمنية للقاصرين تحت سن 2014.
وحذر باتريك زينيزبورغ، النائب عن الحزب الديمقراطي المسيحي، عضو لجنة الرقابة البرلمانية على الأجهزة الأمنية والمخابراتية، من التخلي عن الحذر في التعامل مع القاصرين المتطرفين، ودعا إلى مراقبتهم وفتح الملفات لهم في مديرية الأمن «عند الحاجة».
جدير بالذكر أن النائبة كريستينا شرودر، من الحزب الديمقراطي المسيحي، دعت قبل أشهر إلى وضع أطفال العائلات الإسلامية المتشددة تحت رعاية دوائر الشباب عند الحاجة.
وعبرت شرودر، وهي وزيرة العائلة السابقة (2009 - 2013) في حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، عن اتفاقها مع فولفغانغ تورزهايم، رئيس شرطة فرانكفورت، الذي ذكر أن أطفال العائلات المسلمة المتشددة يرسمون الإرهابيين ويتمنون لأنفسهم مهنة «التطرف» بدافع التربية التي يتلقونها في البيت على أيدي والدين متشددين.
وقالت شرودر بضرورة الوقوف بشكل حاسم ضد الثقافات الغريبة والأوساط الدينية، وأضافت أن على موظفي دوائر الشباب أن يكونوا مستعدين لوضع هؤلاء الأطفال تحت رعايتهم عند الحاجة. وحذر تورزهايم من ظاهرة «أطفال الكراهية»، وقال إنه يتوقع نشوء جيل جديد من المتشددين المستعدين لممارسة العنف بفعل تربيتهم منذ نعومة أظفارهم من قبل ذويهم على آيديولوجيا كراهية الأديان الأخرى. وأضاف أن على دوائر الشباب والمحاكم المدنية أن تفصل هؤلاء الأطفال عن ذويهم المتشددين، وأن على السلطات أن تضع أطفال الملتحقين بالحرب إلى جانب الإرهاب تحت رعاية الدولة. كما حذر هيربت رويل، وزير داخلية ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، من المخاطر الناجمة عن عودة «أطفال داعش» من مناطق القتال في سوريا والعراق إلى ألمانيا.
وقال الوزير على هامش مؤتمر أمني للوزارة إن هؤلاء الأطفال تطرفوا كثيراً في أحضان «داعش» في سوريا والعراق. وأشار إلى 75 ألمانياً عائداً من القتال في مناطق «داعش» بينهم 8 نساء، يضاف إليهم 18 طفلاً من مختلف الفئات العمرية. وأضاف الوزير أنه يشاهد ثغرات في النظام الأمني في ألمانيا، لأنه لا يجد رداً على سؤال كيفية التصرف مع «أطفال داعش» من عمر يقل عن 14 سنة. ويمكن لدائرة حماية الدستور (مديرية الأمن العامة) أن تحفظ بيانات تفصيلية جداً حول «الداعشيين» البالغين، ولكنها تعجز عن حفظ البيانات حول الأطفال والقاصرين.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.