روحاني يلوّح بـ{كشف الحقائق}... واعتقال مسؤول رفيع عشية بدء العقوبات

وجّه الرئيس الإيراني حسن روحاني ردا رسميا أمس على دعوة رئيس البرلمان علي لاريجاني للمثول أمام النواب لمساءلته، معلنا استعداده الوقوف للرد على الأسئلة إلا أنه في الوقت نفسه لوح بمصارحة الإيرانيين حول بعض الحقائق. وفيما تتجه الحكومة الإيرانية اليوم إلى إعلان إجراءات جديدة للبنك المركزي للسيطرة على أزمة العملة بموازاة بدء العقوبات الأميركية غدا (الثلاثاء) أعلن القضاء الإيراني أمس عن اعتقال المسؤول الثاني في البنك المركزي الإيراني غداة إقالته من منصبه على خلفية تدهور أسعار العملة والفساد الاقتصادي.
وانتقد روحاني 80 نائبا وقعوا استجوابه، ما دفع رئيس البرلمان إلى توجيه طلب رسمي للرئيس الإيراني لحضور جلسة استجواب حول 5 محاور تتعلق بتدهور الوضع الاقتصادي وعجز النظام البنكي وتراجع قيمة العملة الإيرانية. وقال في رسالته إلى لاريجاني إن مشروع المساءلة «خارج الإطار الدستوري». وفي الملاحظة الثانية قال إن «الزمان والأوضاع في البلد ليست مناسبة لمثل هذه الخطوة»، مشددا على أن المشروع «لم يستوف الشروط المطلوبة».
وقال روحاني إنه سيتوجه إلى البرلمان في الموعد المقرر للرد على أسئلة النواب، إلا أنه لوح في الوقت نفسه بمصارحة الإيرانيين، وقال في هذا الصدد إن المساءلة «فرصة جديدة لقول بعض الحقائق للشعب الذي يعد صاحب البلد والذي نستمد مشروعيتنا من صوته»، لافتا إلى أن حضوره في البرلمان يأتي «للحيلولة دون أي خلافات بين أجهزة السلطة واحتراما للبرلمان»، وفق ما أوردت وكالات رسمية عن موقع الرئيس الإيراني.
وبذلك يتعين على روحاني الرد على أسئلة النواب قبل الأسبوع الأخير من شهر أغسطس (آب). وكان مساعد الرئيس الإيراني للشؤون البرلمانية حسين علي أميري اعتبر مشروع المساءلة «غير قانوني ومسيساً».
وفي الأيام الأخيرة، لم يسلم روحاني من الانتقادات اللاذعة للصحف الإيرانية، سواء المنتقدة لسياسته أم المؤيدة لحكومته، وطالبت أغلب الصحف الإصلاحية، روحاني بالخروج عن صمته والتحدث مع المواطنين، وزادت المطالب مع دخول الاحتجاجات ليلتها الخامسة أول من أمس.
والأسبوع الماضي، أعلن مكتب الرئيس الإيراني عن إلغاء خطاب تلفزيوني موجه للشعب حول تدهور أوضاع العملة وتراجع الوضع الاقتصادي. وأول من أمس، أعلنت الحكومة عن سياسة جديدة يعلنها البنك المركزي اليوم لإدارة الوضع الاقتصادي وإدارة سوق العملة. ويترقب الإيرانيون بقلق تداعيات المرحلة المقبلة من العلاقات مع الولايات المتحدة، واستراتيجية الأخيرة بعيدة الأمد حيال طهران. مع العلم أن الإيرانيين يرزحون أصلا تحت وطأة التراجع الكبير الذي شهده اقتصاد بلادهم وعملتهم الوطنية.
وقبل أسبوع أعلنت الحكومة تغيير رئيس «المركزي»، فأقالت ولي الله سيف وقدمت عبد الناصر همتي رئيسا جديدا للبنك المركزي. ودعا أكثر من 20 نائبا في البرلمان أمس القضاء الإيراني إلى إصدار مذكرة منع خروج ولي الله سيف من إيران. ونقلت وكالة «مهر» الحكومية عن النائب أبو الفضل ترابي إن النواب يعملون على مشروع جديد يمنع كبار المسؤولين الإيرانيين من مغادرة البلاد حتى عامين بعد ترك مناصبهم، وذلك بهدف إتاحة الفرصة للقضاء للنظر في أدائهم.
في غضون ذلك، أعلن المتحدث باسم القضاء الإيراني غلام حسين محسني إيجائي أمس عن اعتقال مساعد رئيس البنك المركزي لشؤون العملة، أحمد عراقجي، غداة إقالته من منصبه، وهو ابن شقيق مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
وأعلن إيجائي عن اعتقال مسؤول رفيع في مكتب أحد مساعدي الرئيس الإيراني، إضافة إلى 5 تجار ينشطون في مجال الصيرفة على خلفية مكافحة الفساد الاقتصادي، معلنا عن محاكمة عدد من الموقوفين في قضايا الفساد قريبا وفقا لوكالات إيرانية.
وبناء على أجندة البرلمان الإيراني المعلنة منذ أكثر من أسبوعين، فمن المقرر أن يمثل اليوم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للرد على أسئلة النواب حول آخر تطورات الاتفاق النووي، بما فيها الحزمة الأوروبية المقترحة، إضافة إلى إجراءات الدول المتبقية في الاتفاق النووي لتعويض الانسحاب الأميركي من الاتفاق بالتزامن مع بدء المرحلة الأولى العقوبات الأميركية التي من المقرر أن تبدأ غداً الثلاثاء باستهداف معظم القطاعات قبل عقوبات الطاقة مطلع نوفمبر (تشرين الثاني).
واعتبارا من أولى ساعات الثلاثاء، تُمنع الحكومة الإيرانية من شراء الدولار، وسيتم فرض عقوبات واسعة النطاق على الصناعات الإيرانية بما فيها صادرات السجاد.
وأفادت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية نقلا عن مصدر دبلوماسي كبير في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بأن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تشهد الشهر المقبل اجتماعا بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الإيراني حسن روحاني.
وطرح ترمب مجددا أول من أمس عقد لقاء مع روحاني قائلا: «سألتقي (به) أم لا، لا يهم... الأمر عائد إليهم»، مضيفا: «إيران واقتصادها تسوء حالتهما بشكل سريع».
وأثارت دعوة ترمب المسؤولين الإيرانيين لإقامة لقاء دون شروط مسبقة، موجة من التكهنات خلال الأيام القليلة الماضية. وربطت مصادر إعلامية بينها وبين زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي إلى واشنطن بعد لقائه نظيره الإيراني في طهران. ولمح عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام علي أكبر ناطق نوري إلى نقل رسالة إيرانية إلى الولايات المتحدة.
وتحت تأثير الجدل في إيران حول قبول أو رفض دعوة ترمب، نشرت الصحف الإيرانية جملة من الشروط نقلا عن مسؤولين كبار في الحكومة الإيرانية في سياق التعليقات الإعلامية على دعوة الرئيس الأميركي. وفي الوقت الراهن على الأقل، تركز الولايات المتحدة على الضغط دبلوماسيا واقتصاديا على إيران بأكبر مقدار ممكن، رغم عدم اتضاح اتجاه سير الأمور وإن كان هناك خطر متزايد لاندلاع نزاع.
وتوقعت وكالة «إيسنا» الحكومية أمس أن تواجه إيران ظروف صعبة بعد المرحلة الأولى للعقوبات الأميركية وذلك عقب توقف دام عامين نتيجة تنفيذ الاتفاق النووي.
وتشكك الوكالة التي تدعم حكومة روحاني في قدرة إيران على تحمل الضغوطات، في ظل سجل الحكومة الحالية -وخاصة الأجهزة المعنية- في الاقتصاد والقضايا المالية والبنكية وتزايد الانتقادات لأداء الحكومة الاقتصادي.
وبعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي اتهمت طهران الولايات المتحدة بـ«انتهاك التزاماتها في الاتفاقيات الدولي بما فيها الاتفاق النووي». وفي المقابل، أعلنت الإدارة الأميركية شروطا وردت أغلبها على لسان وزير الخارجية الأميركي للتوصل إلى اتفاق حقيقي مع طهران. وأهم الشروط مرهون بتعديل سلوك طهران الإقليمي ولا سيما أنشطة «فيلق القدس» ووقف تطوير برنامج الصواريخ الباليستية.
دعوة ترمب جاءت في ذروة التلاسن بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين. وبعد شهور من التصريحات الهجومية، فاجأ ترمب المراقبين الأسبوع الماضي عندما عرض عقد لقاء مع الرئيس الإيراني حسن روحاني «في أي وقت» ودون شروط مسبقة.
وجاء التحول الذي سارع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للتخفيف من حدة أبعاده، بعد أيام فقط من انخراط الرئيسين الإيراني والأميركي في سجال حول تهديد إيران للمصالح الأميركية وتهديد مضيق هرمز ردا على خطوة واشنطن لتصفير النفط الإيراني. ففي إحدى التغريدات على موقع «تويتر» وبالخط العريض، هاجم ترمب ما اعتبره تصريحات روحاني «المختلة حول العنف والقتل». جاء ذلك ردا على تحذير روحاني في 22 يوليو (تموز) لترمب من «اللعب بالنار» لأن النزاع مع إيران سيكون «أم المعارك».
وأعقب عرض ترمب للحوار تلميحا من بومبيو بدعم تغيير القيادة الإيرانية، حيث قال أمام جمهور من المغتربين الإيرانيين في كاليفورنيا إن النظام في طهران شكل «كابوسا». ولا يخفى أن مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون يعد من أبرز الأصوات الداعية إلى تغيير النظام الإيراني.
وتثير مواقف بولتون وبومبيو في الوقت الراهن مخاوف الإيرانيين أكثر من ترمب. وفي هذا السياق، أشارت نائبة مدير برنامج السياسة الخارجية في معهد «بروكينغز» للأبحاث سوزان مالوني في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أنه «بالنسبة لبولتون، فإن الضغط بحد ذاته هو المطلوب». وأضافت أن الإدارة الأميركية تعتبر أنه إذا أدى الضغط إلى «استسلام بالجملة (للنظام) فهذا أمر جيد وإذا أدى إلى تغيير النظام فهذا أفضل».
ويعتقد خبراء أميركيون أن ضغوطات ترمب أثمرت عن بعض النتائج. وقال مارك دوبويتز الرئيس التنفيذي لمؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات»، وهو مركز أبحاث في واشنطن ضغط من أجل إعادة التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني، إنه عندما تشعر إيران «بصلابة الجانب الأميركي تتراجع، لكنها تندفع، عندما ترى أميركا ضعيفة. في الوقت الحالي هم يدركون صلابة» واشنطن.
وأفاد دوبويتز، الذي نوه إلى أن إيران أجرت اختبارات صاروخية أقل مؤخراً، بأن خطاب ترمب وموقفه من إيران يخفف خطر التصعيد، ما يقلل من احتمال اندلاع نزاع. وأضاف: «يفترض أنه إذا تحدث بقوة فإن ذلك سيعزز مصداقية القوة العسكرية الأميركية».
في شأن متصل، قال «الحرس الثوري» الإيراني أمس على لسان المتحدث باسمه رمضان شريف، إنه أجرى مناورات عسكرية في الخليج خلال الأيام الماضية، مضيفا أنها استهدفت «مواجهة تهديدات محتملة» من الأعداء، وفقا لوكالة «رويترز». وفال مسؤولون أميركيون الخميس، إن الولايات المتحدة تعتقد أن إيران بدأت تنفيذ تدريبات في مياه الخليج.
ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن رمضان شريف، المتحدث باسم الحرس، قوله «أُجري هذا التدريب بهدف ضبط وحماية أمن الممر المائي الدولي وفي إطار برنامج تدريبات الحرس العسكرية السنوية».