واشنطن تتعهد ببقاء قواتها في مناطق شرق الفرات لمنع عودة «داعش»

السفير الأميركي وليام روباك زار مدينة الطبقة السورية

السفير الأميركي وليام روباك خلال زيارته لمدينة الطبقة السورية («الشرق الأوسط»)
السفير الأميركي وليام روباك خلال زيارته لمدينة الطبقة السورية («الشرق الأوسط»)
TT

واشنطن تتعهد ببقاء قواتها في مناطق شرق الفرات لمنع عودة «داعش»

السفير الأميركي وليام روباك خلال زيارته لمدينة الطبقة السورية («الشرق الأوسط»)
السفير الأميركي وليام روباك خلال زيارته لمدينة الطبقة السورية («الشرق الأوسط»)

زار السفير الأميركي وليام روباك، مدينة الطبقة الواقعة جنوب نهر الفرات شمال شرقي سوريا، وعقد اجتماعاً مسؤولي الإدارة المدنية، ضم رئيس المجلس التشريعي الشيخ حامد الفرج، والرئيسة التنفيذية للإدارة المدنية هند العلي، وأعضاء ورؤساء الهيئات التنفيذية، واستمرت المباحثات نحو 4 ساعات.

وكشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن السفير وليام روباك استهل بداية حديثه بأنه مكلف بشكل رسمي من الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتولي الملف السوري، وسيقوم بزيارة ميدانية للمدن والبلدات في شرق الفرات التي تحررت من قبضة تنظيم «داعش» المتطرف، بدعم ومساندة التحالف الدولي والولايات المتحدة، وسيطّلع بشكل مباشر على احتياجات هذه المناطق التي اتشحت بالسواد طوال سيطرة عناصر التنظيم، وإصلاح البنية التحتية وتقديم المعونات والمساعدات إلى المدنيين والسكان.

والدبلوماسي الأميركي وليام روباك شغل منصب سفير الولايات المتحدة في مملكة البحرين، وعمل في تونس وليبيا والعراق وغزة. ونقل خلال اجتماعاته لمسؤولي إدارة الطبقة، أن بلاده قلقة بشأن تطورات الشمال السوري، وانتشار عناصر «داعش» في جيب حدودي مع العراق.

كما أكد أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعهد ببقاء القوات الأميركية والتحالف الدولي العاملة في شرق الفرات، في المناطق المحررة من قبضة داعش لمنع حدوث فراغ أمني أو خلل عسكري، أو عودة عناصر «داعش» أو ظهور تنظيمات إرهابية متطرفة. وشدد أن الرئيس ترمب لا يعتزم سحب قوات بلاده من المناطق التي تتواجد فيها قوات سورية الديمقراطية بما فيها مدينة الطبقة جنوب نهر الفرات، لدعم عملية الاستقرار في هذه المناطق.

والطبقة الواقعة على بعد 55 كيلو متر غرب محافظة الرقة، هي المدينة الوحيدة الواقعة جنوب نهر الفرات خاضعة لسيطرة «قوات سورية الديمقراطية»، والتي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عمادها العسكري، وهذه القوات مدعومة من التحالف الدولي والولايات المتحدة، والأخيرة قامت ببناء قاعدة عسكرية في المدينة، وتفقد روباك الجنود الأميركيين العاملين في القاعدة.

ونقل مسؤولو الإدارة المدنية في الطبقة، بحسب المصدر الذي حضر الاجتماعات، للسفير الأميركي حجم ضغوطات التهديدات التركية، وقطعها روافد نهر الفرات وتناقص منسوب مياه الفرات الأمر الذي شكل تحدياً لتوليد الطاقة الكهربائية.

وكشف المسؤولون المحليون للسفير الأميركي أن ثلاثة مجموعات كهربائية تعمل في سد الطبقة لكن عدم توفر قطع التبديل والصيانة تحول دون عودة السد إلى عمله الطبيعي، حيث كان يولد 880 ميغاواط بالساعة قبل عام 2011، وذكروا أن قطع الصيانة للسد روسية الصنع، وأنه خلال لقاءاتهم مع الوفد الروسي برفقة خبراء وفنيين من من النظام السوري زاروا الطبقة وسد الفرات بداية الشهر الماضي، فرض هؤلاء شروطاً مقابل توفير قطع التبديل والصيانة. وطلب المسؤولون من السفير الأميركي المساعدة في شراء قطع التبديل لإصلاح السد وشبكات الطاقة الكهربائية في الطبقة.

كما قدم مسؤولو الإدارة المدنية خلال الاجتماع شرحًا مفصلاً وموسعاً للجوانب الاجتماعية والمعيشية المختلفة لحياة المواطنين في الطبقة منذ تحريرها من قبل قوات سورية الديمقراطية في يونيو (حزيران) 2017، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وأهم متطلبات إعادة الإعمار واحتياجات هيئات الصحة والتعليم والبلديات، وطلبوا من السفير الأميركي تقديم الدعم المالي بشكل مباشر للإدارة المدنية، وإضافة دعم مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية والمحلية للمساعدة في التنمية وعودة عجلة الحياة لشكلها الطبيعي.

وفي نهاية زيارته، زار السفير الأميركي وليام روباك مبنى المستشفى الوطني بالطبقة واطلع على آلية عمله واستمع من مدراء المشفى والأطباء والممرضين العاملين فيه، إلى أبرز التحديات والعقبات التي تواجه عملهم.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».