الخرطوم تستعد لمراسم توقيع اتفاق سلام جنوب السودان

حراك محموم لإنهاء خلافات الفرقاء قبل الأحد... والرافضون يستنجدون بمجلس الأمن

TT

الخرطوم تستعد لمراسم توقيع اتفاق سلام جنوب السودان

أكدت الحكومة السودانية، أمس، اكتمال الترتيبات لحفل توقيع اتفاقية السلام النهائية، التي تضع حداً للحرب الأهلية المستمرة منذ 5 سنوات بين فرقاء جنوب السودان. ويحضر حفل التوقيع يوم غدٍ (الأحد)، عدد من رؤساء دول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيقاد) التي تقود الوساطة.
وفي حين يتحرك الوسطاء بين الفرقاء بشكل محموم لإنهاء الخلافات قبل الموعد المضروب، كشفت مصادر المعارضة الجنوبية، أن القوى الرافضة للتوقيع، تقدمت بملاحظات على الاتفاقية لمجلس الأمن الدولي، مطالبة بالتدخل ولعب دور محوري لمعالجة الإشكالية التي تواجه الأطراف.
وقال مبعوث الرئيس السوداني وزير الخارجية، الدرديري محمد أحمد، للصحافيين في جوبا التي وصل إليها أمس، لإجراء مشاورات مع رئيس جنوب السودان سيلفا كير، إن الترتيبات اكتملت في الخرطوم للتوقيع على اتفاقية السلام، بين حكومة جوبا وفصائل المعارضة يوم غدٍ (الأحد). وأضاف: «توقيع السلام أصبح مؤكداً يوم الأحد في قاعة الصداقة بالخرطوم وبمشاركة عدد من رؤساء دول إيقاد».
وحتى مساء أمس، يحاول الوسطاء، إقناع تحالف المعارضة ومجموعة المعتقلين السابقين، الرافضين للتوقيع، بتغيير موقفهما. وقال هؤلاء في بيان مشترك أمس، إنهما لن يوقعا على اتفاق تقاسم السلطة يوم غدٍ (الأحد) لرفض جوبا الملاحظات التي تقدم بها الطرفان، وأكدا أنهما عرضا على وزير الخارجية السوداني الذي يقود الوساطة، الدرديري محمد أحمد، هذه القضايا وإخضاعها للتفاوض حتى يوقعا على الاتفاق.
وذكر البيان المشترك أن الوسيط وعد بالنظر في النقاط المثارة، وقال: «لقد أبلغنا الوسيط (أول من أمس) أنه أجرى مشاورات مع الأطراف وأن جوبا رفضت أن تؤخذ شواغلنا بعين الاعتبار، ولذلك ليس هناك ما يمكن فعله». وأضاف: «على ضوء هذه التطورات، نود أن نحيط جماهير شعبنا بأننا لا يمكن أن نوقع على الاتفاق المذكور بشكله الحالي، ومع ذلك مستعدون للتوقيع إذا تمت معالجة شواغلنا عبر الوسطاء».
وكان وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد قد وصل إلى جوبا، وأجرى مشاورات مع الرئيس سيلفا كير لتقريب وجهات النظر وتضييق الشقة بين الأطراف فيما يخص قسمة السلطة في الولايات.
وطبقاً لتحالف المعارضة ومجموعة المعتقلين السابقين، فإنهما ظلا في تشاور مستمر مع الوساطة، تركز على المادة 4 (عدد وحدود الولايات)، والمواد الفرعية 6.7 و6.8 (اللجنة الوطنية للمرحلة ما قبل الانتقالية وصندوقها)، والمادة 5.1 (تقاسم المسؤولية في الولايات والحكومات المحلية)، منوهين بأنهما قدما عدة خيارات في هذه القضايا الثلاث.
وأوضحا أن المادة 4 تتعلق بتشكيل اللجنة المستقلة للحدود، واتخاذ القرار داخلها والمرجعية في حالة فشل اللجنة في التوصل إلى قرار نهائي، وقالا إنهما اقترحا بأن تكون المرجعية اعتماد القرار الذي اتخذه المجلس الوزاري لـ«إيقاد» في الدورة 55 بتاريخ 31 يناير (كانون الثاني) 2016 أو المقاطعات الـ79 بحدودها في 9 يوليو (تموز) 2005 أو الأقاليم الثلاثة، أو كحل أخير، التحكيم.
من جهتها، جددت جبهة الخلاص الوطني المعارضة التي تحمل السلاح بزعامة الجنرال توماس سريلو رفضها التوقيع على الاتفاق النهائي بشأن تقاسم السلطة. وقالت في بيان، إن «الاتفاقية لم تعالج جذور الأزمة واهتمت بالمحاصصة بين النخب في تقاسم السلطة».
وفي السياق أيضاً، كشفت الهيئة القومية لدعم السلام بجنوب السودان، أن القوى الرافضة لتوقيع اتفاقية سلام الخرطوم، تقدمت بملاحظاتها على الاتفاقية لمجلس الأمن الدولي، بخصوص سير الاتفاقية بالشكل الحالي. وقال ستيفن نقور القيادي الجنوبي وأمين العام الهيئة القومية لدعم السلام بجنوب السودان وعضو وفد التفاوض بمنتدى تنشيط السلام أديس - الخرطوم، لـ«الشرق الأوسط»: «تقدمنا بهذه الملاحظات لمجلس الأمن الدولي، وأكدنا للدول دائمة العضوية سير التفاوض، وناشدنا الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل خاص من أجل لعب دور محوري لمعالجة الإشكالية التي تواجه الأطراف والمساهمة في دعم هذه الاتفاقية».
وفي الوقت الذي أقرّ فيه نقور، بأن التوقيع سيكون في وقته حال التوافق الكلي بخصوص إدخال الملاحظات المقدمة من جانب التحالف المعارض بجنوب السودان، أكد أن التحالف سيرحب بكل الجهود لتقريب وجهات النظر بخصوص الملفات العالقة، حتى يتم التوقيع على الاتفاق بالشكل النهائي.
وبخصوص مشاركة مصر في دفع التفاوض، قال نقور: «نرحب بالدور المصري بخصوص التوصل إلى الحل النهائي بالبلاد بحكم أن جمهورية مصر تعتبر دولة محورية على مستوى أفريقيا، وتستطيع أن تلعب دوراً مهماً في تقريب وجهات نظر الأطراف».
وكانت حكومة جنوب السودان والمعارضة المسلحة وعدد من الفصائل الأخرى قد وقعت اتفاقاً مبدئياً بالأحرف الأولى على تقاسم السلطة في 25 يوليو الماضي في الخرطوم ينهي حالة الحرب المستمرة منذ أكثر من 5 سنوات، فيما تحفظت مجموعات معارضة أخرى على الاتفاق.
وانفصل جنوب السودان عن السودان في يوليو 2011، عبر استفتاء شعبي. وبعد عامين من الاستقلال دخلت الدولة الجديدة في حرب أهلية بين حكومة الرئيس سيلفا كير ميارديت ومنافسه السياسي ريك مشار، وقتل أكثر من 10 آلاف شخص وتم تشريد أكثر من مليونين آخرين بين نزوح داخلي ولجوء إلى دول الجوار.
وفشل اتفاق سلام وقع في أغسطس (آب) 2015 في وقف الحرب، حيث تجدد القتال في يوليو 2016 في جوبا.



العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)
رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)
TT

العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)
رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)

احتفل اليمنيون رسمياً وشعبياً في الداخل والخارج بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت بأسلاف الحوثيين في 1962، وبهذه المناسبة أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أنه «لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني» والمتمثل في الجماعة الحوثية.

ورغم أعمال القمع والاعتقالات الواسعة التي شنتها الجماعة الحوثية في مناطق سيطرتها والاستنفار الأمني فإن السكان في مناطق متفرقة احتفلوا بشكل فردي بذكرى الثورة التي ترى فيها الجماعة خطراً يمكن أن يستغل لتفجير انتفاضة عارمة للقضاء على انقلابها.

احتفالات بذكرى الثورة اليمنية في مدينة الخوخة المحررة جنوب محافظة الحديدة (سبأ)

وفي المناطق المحررة، لا سيما في مأرب وتعز وبعض مناطق الحديدة الخاضعة للحكومة الشرعية، نظمت احتفالات رسمية وشعبية على نحو غير مسبوق بحضور كبار المسؤولين اليمنيين، الذين حضروا حفل «إيقاد شعلة الثورة».

وحضر الاحتفال الرسمي في مأرب عضو مجلس القيادة الرئاسي سلطان العرادة ورئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك، ومعه وزراء: الداخلية، والتجارة والصناعة، والمالية، والكهرباء، والمياه والبيئة، والإعلام والثقافة والسياحة.

وفي حين أقامت العديد من السفارات اليمنية في الخارج الاحتفالات بذكرى الثورة «26 سبتمبر» شهدت مدينة تعز (جنوب غرب) حشوداً غير مسبوقة في سياق الاحتفالات الرسمية والشعبية بالمناسبة.

وكان اليمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين بدأوا دعواتهم للاحتفال بالثورة هذا العام منذ بداية الشهر الجاري، وهو ما جعل الجماعة تستنفر قواتها في صنعاء وإب وذمار والحديدة وتهدد الداعين للاحتفال قبل أن تشن حملات اعتقال شملت المئات، بينهم سياسيون ووجهاء قبليون وصحافيون وحزبيون.

حشود كبيرة تحتفل في مدينة تعز اليمنية عشية ذكرى الثورة التي أطاحت بأسلاف الحوثيين في 1962 (سبأ)

وعلى وقع الاعتقالات الحوثية رأى «التحالف الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» المؤيدة للحكومة الشرعية أن الجماعة الحوثية تحاول «طمس الهوية اليمنية الثورية، وتكرار ممارسات الحكم الإمامي ومحو آثار الثورة السبتمبرية العظيمة».

ودعت الأحزاب في بيان المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى «إدانة الجرائم والانتهاكات الحوثية، والوقوف بحزم ضد هذه الجماعة التي تمثل تهديداً ليس فقط لليمن، بل لأمن واستقرار المنطقة بأسرها».

هجوم رئاسي

بالتزامن مع احتفالات اليمنيين بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» هاجم رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الحوثيين، في خطاب وجهه من نيويورك حيث يشارك في الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة، وأشاد بالتمسك بالاحتفال بالمناسبات الوطنية.

وحض العليمي على جعل الاحتفال «دعوة للفعل والتماسك والثبات ونداء مسؤولية وواجب لا يستثني أحداً للانخراط في معركة استعادة مؤسسات الدولة بالسلاح، والمال، والكلمة».

ورأى أن الاحتفالات المبكرة كل عام «تؤكد أن شعلة التغيير ستظل متقدة أبداً في النفوس». وأضاف «هذا الاحتشاد، والابتهاج الكبير بأعياد الثورة اليمنية في مختلف المحافظات هو استفتاء شعبي يشير إلى عظمة مبادئ سبتمبر الخالدة، ومكانتها في قلوب اليمنيين الأحرار، ورفضهم الصريح للإماميين الجدد، وانقلابهم الآثم». في إشارة إلى الحوثيين.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وهاجم العليمي الحوثيين وقال إنهم «اختاروا الفوضى حين ساد الاستقرار، واقترفوا جريمة الانقلاب حين توافق اليمنيون على الديمقراطية وسيادة الشعب، وفرضوا الحرب يوم جنح الجميع إلى السلام، وقاموا بنهب المؤسسات وتخريبها واحتكروا موارد البلاد وأثقلوا المواطنين بالجبايات».

وأشار رئيس مجلس الحكم اليمني إلى أن الجماعة الموالية لإيران اجتاحت المدن والقرى بالإرهاب والعنف وانتهاك الحريات العامة، واختطفت الأبرياء من النساء والأطفال والمسنين، وعبثت باستقلال القضاء وأفرغت القوانين من قيمتها، وحرفت التعليم عن سياقه الوطني والعلمي، وحولته إلى منبر طائفي وسلالي متخلف.

وشدد في خطابه على أنه «لا خيار - في بلاده - سوى النصر على المشروع الإيراني». وقال «إن حريتنا وكرامتنا، تتوقف على نتيجة هذه المعركة المصيرية التي لا خيار فيها إلا الانتصار».

وأكد العليمي على أنه لا يوجد مستقبل آمن ومزدهر لليمن بمعزل عن الدول العربية وفي مقدمها دول تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، والإمارات. وقال «هذا المصير لا يتعلق فقط بهذه المرحلة، ولكن بحقائق التاريخ، والجغرافيا التي تتجاوز أوهام الأفراد وطموحاتهم، وأزماتهم».