السويداء... اختبار بالدم لـ «الحكم الذاتي»

أكثر من 50 ألف مطلوب للخدمة العسكرية يرفضون شروط النظام السوري

السويداء... اختبار بالدم لـ «الحكم الذاتي»
TT

السويداء... اختبار بالدم لـ «الحكم الذاتي»

السويداء... اختبار بالدم لـ «الحكم الذاتي»

دخلت محافظة السويداء في جنوب سوريا ما يمكن وصفه بـ«مرحلة الحسم» و«تقرير المصير»، بين أن تعود إلى سلطة النظام السوري، بمضمونها الأمني والعسكري إلى جانب الوجه الإداري، وبين أن تحتفظ بتجربة «الحكم الذاتي» التي بدأت باختبارها قبل 7 سنوات، وألزمتها الدفاع الذاتي عن النفس، وأبعدت المطلوبين للخدمة العسكرية الإجبارية عن الالتحاق بصفوف قوات النظام.
هذه القضية وضعت الطرف الروسي في موقع المفاوض للبحث عن مخرج يرضي النظام المصرّ على اقتياد أكثر من 50 ألف مطلوب للخدمة العسكرية، والعودة الفعلية والكاملة إلى السويداء، وبين أهالي يرفضون هذا التوجه، بحسب ما يقول معارضون للنظام في المنطقة.
وفي ظل هذا الجدل، غطت التفجيرات الإرهابية والهجمات الانتحارية التي استهدفت المنطقة وأسفرت عن مقتل أكثر من 250 شخصاً، على كل النقاش السابق، رغم أن معارضين اعتبروا أن الهجوم الأخير لتنظيم داعش، يتحمل مسؤوليته النظام. إذ أكد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في تصريح صحافي له «مسؤولية قوات نظام الأسد تجاه تمكّن تنظيم داعش من تنفيذ هذه العمليات الإجرامية، وذلك بالنظر إلى تمكُن المهاجمين من قطع مسافات طويلة، وتجاوز حواجز عدة، والدخول إلى المدينة لارتكاب جريمتهم». وأشار الائتلاف إلى «الدور الأصلي للنظام في إنشاء ودعم تنظيم داعش الإرهابي وتركه يرتكب جرائمه»، مؤكدا رفضه التمييز بين إرهاب نظام الأسد وإرهاب التنظيمات المتطرفة والعنصرية والطائفية، مشددا على «ضرورة محاربة الإرهاب، والعمل على تخليص سوريا منه».

تعد السويداء أكبر المحافظات الثلاث الواقعة في جنوب سوريا، وتمتد شرقا وجنوبا على الحدود مع الأردن، وتسكنها غالبية من الموحّدين الدروز. ولقد حاولت السويداء منذ تفجر الثورة السورية على الحياد، مع أن واحدا من كبار ضباط النظام، هو العميد عصام زهر الدين، يتحدر من محافظة السويداء المعروفة باسم جبل العرب، وقتل العام الماضي إثر استعادة النظام السيطرة على مدينة دير الزور من قبضة «داعش».
والواقع أن السويداء لم تشهد تحركات عسكرية استراتيجية ضد النظام، مع أن المنطقة شهدت عدة مظاهرات وسرعان ما استوعبها النظام. وحاول تحييد السويداء عن آلته العسكرية، عندما كان الوضع مضبوطاً، بموجب تسوية غير معلنة. وأدى التحييد الواقعي عن الأحداث إلى منح المحافظة هامشا لـ«حكم ذاتي» جرى اختباره خلال السنوات الفائتة، وإن ظلت إدارات الدولة الرسمية – أي النظام – موجودة. ويمكن القول: إن المحافظة قلّما شهدت مواجهات مباشرة، ولم تخرج عن سيطرة النظام، الذي يمتلك في أراضيها مطارين عسكريين هما مطار الثّعَلة (غرب) ومطار خِلخِلة (شمال) على الرغم من التوترات التي اتسمت بها مدينة السويداء (المركز الإداري للمحافظة) باستثناء تصفية الضابط خلدون زين الدين بعد التحاقه ورفاقه بالثورة، ثم عندما أشهرت حركة «مشايخ الكرامة» معارضتها للنظام وأُخمِدت هذه التجربة عبر اغتيال الشيخ أبو فهد وحيد البلعوس قائد «المشايخ» في تفجير استهدف موكبه في العام 2015.
ومن ناحية أخرى، تعقدت علاقة محافظة السويداء في فترات ما بـ«جارتيها» محافظة درعا ومحافظة ريف دمشق إبان احتدام الثورة السورية، رغم أن قنوات اتصال دائمة ظلت موجودة، بهدف إخماد التوتر. ومع أنها حافظت على علاقتها مع إدارات الدولة الرسمية، فإن الشعور بـ«الحكم الذاتي» كان يتزايد عند كل منعطف، وخصوصا المنعطفات العسكرية، حين كان أبناء السويداء يعملون لصدّ الهجمات ويتولّون مهمة الأمن الذاتي.

- تحييد السويداء خلال الأزمة
نزعة الحياد أو التحييد، تحولت الآن إلى عبء، وصارت مادة خلافية أكثر تعقيدا إثر محاولة النظام بسط سيطرته على المحافظة بالقوة، وإعادة حضور الدولة بالمعنيين الأمني (الاستخباراتي) والعسكري إليها، وهو ما يرفضه السكان.
وهكذا، عادت قضية السويداء إلى الضوء، مع استعادة النظام القسم الأكبر من الجنوب السوري إثر «تسويات» مع المعارضة برعاية روسية. ولقد تحدث ناشطون عن أن ميليشيا «حماة الديار» الموالية للنظام، جمعت أسلحة عناصرها الخفيفة والمتوسطة، خلال الأسبوعين الأخيرين، تمهيدا لتسليمها، وذلك في استمرار لمساعي النظام لسحب السلاح منذ منتصف العام 2017.
وفي ظل مقترحات بأن تعمل قوات النظام لضم المطلوبين للخدمة العسكرية أو العسكريين المدنيين الخارجين عن سيطرتها، إلى «الفيلق الخامس»، الذي يُدار من قبل القوات الروسية في سوريا، التقى وفد عسكري روسي الأسبوع الماضي مع بعض شيوخ العقل (الرؤساء المذهبيون للدروز) الثلاثة وكذلك وجهاء من المحافظة، في منزل شيخ العقل يوسف جربوع، للتباحث بمستقبل المحافظة. ونُقل عن الوفد الروسي أنه مُكلّف بنقل اقتراحات زعماء السويداء، حول نزع السلاح و«تسوية أوضاع» الميليشيات المحلية والمطلوبين للخدمة في قوات النظام إلى القيادة الروسية، التي كان يفترض أن تبحثها مع القيادة السورية لإيجاد حلول مناسبة.
تلك المقترحات كانت تتسم بالتعقيد، «إذ تمكن أهالي السويداء خلال الأزمة من إبقاء أنفسهم بعيدين عن تداعيات الحرب، وذلك عبر مواقف متتالية كانوا يسعون خلالها لتوافق مع الأطراف بهدف تحييد المنطقة عن تداعيات الحرب»، وفق الباحث السياسي السوري الدكتور سمير التقي، الذي يشير في حديث إلى «الشرق الأوسط» أنه على الرغم من أن فئات من السويداء كانت موالية للنظام أو انخرطت في بيئات معارضة «كانت للسويداء في المبدأ، هويتها الخاصة، ولا تزال، وهو ما يمنع النظام من العودة إليها بالشكل الذي كان سائدا قبل الأزمة السورية».
ويتابع التقي أن «القضية الرئيسة اليوم أن النظام لا يمكن أن يدخل بشبيحته وأدواته الأمنية والميليشيات الإيرانية أو الفيلق الخامس إلى المنطقة، بسبب موانع الأهالي». ويلفت إلى أن «الاعتقاد الأكبر هو إيجاد حل وسط، وهو حل لن يجده إلا الروس لأن النظام يسعى لتحطيم إرادة المدينة، ولا يوافق على أن تكون هناك إدارة محلية تسمح لأن تنأى السويداء بنفسها عن الشبيحة وأمراء الحرب». ثم يقول: «ثمة ميليشيات تنتشر في درعا قامت بعمليات تعفيش ونهب. نحن مقبلون على حالة حرجة، يحاول الروس تهدئتها، لكن من الصعب إخضاع جبل العرب وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، لذلك لا بد من أن تكون هناك فرص ليتمكن أهالي جبل العرب من الاحتفاظ بهويتهم وبالقدرة على إدارة شؤونهم بعيدا عن التدخلات».

- موانع «الحكم الذاتي»
غير أن المعضلة في ذلك تتمثل في النظام. وهي تجعل المهمة أكثر تعقيدا مما آلت إليه الأمور في الشمال السوري، بالنظر إلى أن أكراد سوريا، استطاعوا تحقيق جزء من الاستقلالية في الإدارات المدنية بدعم أميركي وغربي، وهو الدعم المفقود في السويداء حتى الآن. وحقاً، ليس هناك طرف يقرّر سوى الروس، في ظل موانع يحاول النظام وضعها، وضغوط يمارسها لعودة الأمور إلى ما كانت عليه.
وعمّا إذا كان الروس يستطيعون دعم هذا التوجه، يرى التقي أن الروس يحتاجون إلى مخرج، ذلك لأن النظام «يضع شروطا تعجيزية، ويعتبر أن القرار النهائي للمحافظة يعود له حصرياً». ولا ينفي التقي أن السويداء تسعى إلى تطبيق «إدارة مدنية مستقلة عن بنية النظام وأجهزته الأمنية»، معربا عن قناعته بأن هذه التجربة التي برزت خلال الحرب من خلال إدارة الشؤون مدنيا بنحو مستقل، والدفاع عن المدينة بمعزل عن النظام «هي نقطة مضيئة بتجربة المحافظة». ويستطرد: «الأكراد أخذوا حقهم، لكن أهالي السويداء لا يلقون حتى الآن دعما من قوة دولية تحميهم».

- مطلوبون للخدمة العسكرية
خلال سنوات الأزمة السورية السبع، عزف القسم الأكبر من أهالي السويداء عن الالتحاق بقوات النظام وأجهزته الأمنية أو الميليشيات التابعة له، مع أن الشبان كانوا يعملون على حماية أنفسهم من هجمات كتل تنظيم داعش القريبة منهم، ويواجهون إشكالات مع فصائل عسكرية معارضة، فضلا عن مواجهة النظام وضباطه الأمنيين حين كانوا يتخذون قرارات ويريدون تطبيقها بالقوة، ضد رغبة السكان (منها ما هو متصل بالأراضي والمراعي). ومن ثم، وصل عدد المطلوبين للخدمة الإجبارية بعد 7 سنوات، إلى أكثر من 50 ألف (نحو 53 ألف) شاب مطلوب، كما تقول المعارضة السورية عالية منصور، ويمثل هؤلاء معضلة أمام الالتحاق بالقوات العسكرية النظامية، في حين يضغط النظام لاقتيادهم للخدمة.
وقبل أسابيع قليلة، أعلنت شبكات إعلامية موالية للنظام في السويداء عن إعادة فتح باب «تسوية أوضاع» المتخلّفين عن الخدمتين الاحتياطية والإلزامية والمنشقين الدروز بالنسبة للخدمة العسكرية تحت إشراف «الفيلق الخامس الروسي السوري المشترك». وقال ناشطون إن «آلية التسوية»، تشمل المطلوبين للخدمتين الإلزامية والاحتياطية والمنشقين «الفارين»، وسيمضي الملتحقون خدمتهم في المنطقة الجنوبية، أي محافظات درعا والسويداء والقنيطرة.
التقي يشرح قضية التخلف عن الخدمة العسكرية، بالقول: إن السكان يعتبرون أنفسهم قاموا بحماية المدينة والمحافظة طوال سنوات الأزمة بمعزل عن النظام. بل إن مصادر التسليح لم تكن محصورة بالنظام، بل كان السلاح يأتي من أطراف مختلفة وأدوا دورهم واستطاعوا البقاء خارج الحرب السورية الأهلية كحرب عمياء.
وبالتالي، يرون أنهم حموا أنفسهم في الوقت الذي كان النظام بعيدا عنهم وعن حمايتهم، ولذلك يرفضون الآن العودة إلى المنظومة العسكرية والأمنية، والانخراط في قوات النظام والإبقاء على التجربة نفسها. ويضيف: «من مصلحة الروس إغلاق الموضوع الآن، لكن النظام يصر على عودتهم إلى التجنيد، وهو ما يرونه فصلا جديدا لإعادة دور أجهزة الأمن وفروع المخابرات وأمراء الحرب إلى المنطقة».
ويشرح التقي دور المجندين والتجربة المحلية خلال سنوات الأزمة، قائلا: «بالسلوك العام أبقى أهالي السويداء أنفسهم خارج التورّط بالدم، وبقوا نظيفين من تداعيات الحرب الأهلية. هذا المكسب لا يريدون التضحية به». ويؤكد أنه «يجب الحفاظ على هذه التجربة التي أمنت السلم الأهلي، ولم تدخل عمليا تحت الحكم العسكري وحكم الميليشيات والمحسوبيات».

- تفجيرات إرهابية
في ظل هذه الوقائع، جاءت الهجمات الإرهابية لتنظيم داعش التي استهدفت محافظة السويداء، لتخلط الأوراق، بالنظر إلى أن المعارضة اعتبرت الهجوم نتيجة تراخٍ متعمّد من النظام، ومحاولة لإعادة تعويم نفسه كحامٍ للسويداء. إذا تساءلت عن كيفية دخول الانتحاريين إلى المنطقة، بينما يمتلك النظام القدرة على رصد المنطقة من الجو. وفي حين يدعي النظام أن طائراته الحربية وقواته العسكرية شاركت في صدّ الهجوم وضرب التنظيم وقواعده، يؤكد شهود من أهالي السويداء أنهم تكفلوا وحدهم بصد الهجوم.
«داعش» بدأ هجومه صباح الأربعاء قبل المضي بتفجير 4 انتحاريين أحزمتهم الناسفة في مدينة السويداء تزامنا مع تفجيرات مماثلة استهدفت قرى في ريفها، قبل أن يشن هجوما على 7 قرى ويتمكن من السيطرة لساعات على 3 منها، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وتحدثت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مقتل «عشرات الشهداء» وإصابة عشرات آخرين بجروح جراء الهجمات. وأوردت أن وحدات الجيش «تصدت لهجوم نفذه إرهابيو تنظيم داعش على منازل المواطنين في قرى المتونة ودوما وتيما والشبكي (الشبكة)» في ريف السويداء الشمالي. وقتل 56 من مقاتلي التنظيم، بينهم 7 انتحاريين، وفق المرصد.
وتمكنت قوات النظام مع مسلحين محليين من صد هجوم الإرهابيين في مدينة السويداء وقرى في ريفيها الشمالي والشرقي، فيما أفادت آخر حصيلة للمرصد عن مقتل 246 شخصا، بينهم 135 مدنياً، غالبيتهم «سكان محليون حملوا السلاح دفاعا عن قراهم». وارتفعت الحصيلة تدريجيا منذ صباح الأربعاء حتى منتصف الليل مع العثور على جثث مزيد من المدنيين قال المرصد إنه «تم إعدامهم داخل منازلهم بالإضافة إلى وفاة مصابين متأثرين بجراحهم». وتبنى تنظيم داعش الأربعاء في بيانين منفصلين الهجمات، وقال إن «جنود الخلافة» نفذوها في مدينة السويداء وريفها. ونشر فجر الخميس على حساباته على تطبيق «تلغرام» صورا تظهر قيام مقاتليه بذبح شخصين على الأقل، قال إنهما من الجيش (النظامي) السوري والموالين له في ريف السويداء.
ويعد هذا الاعتداء الأكبر على المحافظة التي بقيت إلى حد كبير بمنأى عن النزاع منذ اندلاعه في العام 2011. وتسيطر قوات النظام على كامل المحافظة فيما يقتصر تواجد مقاتلي التنظيم على منطقة صحراوية عند أطراف المحافظة الشمالية الشرقية.

- تبادل اتهامات
هجوم «داعش» أظهر أن التنظيم بعد طرده من مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور، ما زال قادرا على التسلل من الجيوب والمناطق الصحراوية التي يتحصن فيها لتنفيذ هجمات دموية. ويُذكر أن قوات النظام – المدعومة من الروس – في مايو (أيار) الماضي تمكنت بعد هجوم واسع من طرد التنظيم من أحياء في جنوب دمشق، وأجلت مئات من مسلحيه من مخيم اليرموك وأحياء مجاورة في جنوب العاصمة إلى البادية السورية الممتدة من وسط سوريا حتى الحدود مع العراق، والتي تتضمن جزءا من أطراف محافظة السويداء. ومنذ إجلاء هؤلاء من جنوب دمشق، فإنهم دأبوا على شن هجمات على نقاط للنظام وحلفائه في البادية والمناطق المحيطة بها، وفق المرصد.
هذا، ونشرت شبكات إعلامية محلية على مواقع التواصل الاجتماعي صورا قالت إنها تعود لمقاتلين من التنظيم قتلوا خلال الاشتباكات الأربعاء قبل الماضي. وأفادت بالعثور على بطاقات هوية بحوزتهم تظهر أنهم من مخيم اليرموك.
هذه الوقائع، زادت من الشكوك حول مسؤولية النظام الأولى بإجلاء مقاتلي التنظيم من جنوب دمشق إلى هذا المكان. وتاليا بالتقاعس عن صدّه، واستدرجت ردودا مقابلة. وبينما علّق رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال استقباله مسؤولا روسيا على ما حدث بالقول إن «جريمة اليوم تدل على أن الدول الداعمة للإرهاب تحاول إعادة بث الحياة في التنظيمات الإرهابية لتبقى ورقة بيدهم يستخدمونها لتحقيق مكاسب سياسية»، نددت وزارة الخارجية الروسية بـ«أعمال العنف الجماعية ضد السكان المسالمين» في السويداء.
ولكن، ربما كان أبلغ ردود الفعل، ذلك الذي جاء من النائب السابق وليد جنبلاط رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» في لبنان الذي قال بداية: «السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف وصلت، بهذه السرعة، تلك المجموعات الداعشية إلى السويداء ومحيطها، وقامت بجرائمها قبل أن ينتفض أهل الكرامة للدفاع عن الأرض والعرض؟ أليس النظام الباسل الذي ادعى بعد معركة الغوطة أنه لم يعد هناك من خطر داعشي.. إلا إذا كان المطلوب الانتقام من مشايخ الكرامة؟». وتابع في تغريدة ثانية: «وما هي جريمة مشايخ الكرامة سوى رفض التطوّع بالجيش لمقاتلة أهلهم أبناء الشعب السوري». وأردف جنبلاط: «الحزب الاشتراكي يتمنى للمرة الثانية من القيادة الروسية حماية مشايخ الكرامة من انتقام النظام وغدره، وحفظ كرامة مشايخ الكرامة، والأخذ بعين الاعتبار بمطالبهم المحقة».

- حركة «مشايخ الكرامة»
«مشايخ الكرامة» هم مجموعة من المشايخ والفعاليات في محافظة السويداء رفضوا، في تحرك لهم منذ العام 2013، التطبيع مع النظام والقتال في صفوفه. وردّ النظام بالتحريض عليهم، وانتهى الأمر باغتيال أبرز قادة المجموعة الشيخ وحيد البلعوس (أبو فهد) في تفجير يجزم المعارضون أن النظام مسؤول عنه في العام 2015.
وعاد «مشايخ الكرامة» إلى الضوء أخيرا في ظل الحملة التي قادها النظام السوري للسيطرة على الجنوب السوري. إذ تبنّت حركة «مشايخ الكرامة» في محافظة السويداء موقف الحياد من المواجهات بين قوات النظام والمعارضة على أطراف محافظتي درعا والسويداء، الشهر الماضي. وأورد الجناح الإعلامي لـ«مشايخ الكرامة» بياناً، قالوا فيه إن الحركة لن تكون «طرفا في إراقة الدماء تمسّكاً منها بثوابت مؤسسها الشيخ وحيد البلعوس» الذي اغتالته أجهزة النظام الأمنية في العام 2015، برفقة عدد من قيادات وعناصر الحركة. ووصف البيان الأحداث الأخيرة بـ«الصراع بين أبناء الوطن الواحد».
وفي أعقاب اجتماع بين المفاوضين الروس وفعاليات السويداء، أصدر فصيل «قوات شيخ الكرامة» في السويداء، بيانا اتهم فيه روسيا بأنها «قوة احتلال»، بعد تسريبات عن أن الطرف الروسي اعتبر «مشايخ الكرامة» فصيلا إرهابياً.
وقال البيان، إن «الكلام الروسي الأخير عن وجود منظمات إرهاب في جبل العرب تصعيد خطير جداً، فكيف لرعاة الإرهاب وصانعيه، ولدولة محتلة، أن تصف مَن حمل السلاح مدافعا عن أرضه وعرضه بالإرهاب؟». وأعلن مقاتلو الفصيل الأبرز في السويداء عن جاهزيتهم «العالية لأي استفزاز من أي جهة كانت، ونعتبر أي اعتداء على أي شاب من شباب الجبل هو إعلان للحرب التي كنا وما زلنا أهلا لها».


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».