جاويش أوغلو بحث مع لافروف وظريف أوضاع الشمال السوري

مصادر دبلوماسية في أنقرة تعتبر تقرير العفو الدولية عن عفرين «مخالفاً للحقيقة»

TT

جاويش أوغلو بحث مع لافروف وظريف أوضاع الشمال السوري

نفت مصادر دبلوماسية تركية اتهامات وردت في تقرير لمنظمة العفو الدولية، أمس (الخميس)، حمل القوات التركية في عفرين المسؤولية عن تفاقم معاناة سكان المدينة الواقعة في شمال سوريا.
ووصفت المصادر في تعليق لـ«الشرق الأوسط» التقرير بأنه «منحاز» ومخالف للحقيقة واستنكرت وصفه للقوات التركية بقوات الاحتلال ووصف تركيا بأنها دولة احتلال، مشددة على أن تركيا ليس لديها أي أطماع في أراضي أي دولة وأن سبب وجودها في الشمال السوري هو تأمين حدودها من التهديدات الإرهابية وتأمين عودة السوريين إلى أراضيهم. وأكدت المصادر أن القوات التركية حرصت سواء خلال عملية درع الفرات في جرابلس وأعزاز والباب والراعي أو في عملية غصن الزيتون في عفرين على توخي أعلى درجات الحذر ومنع استهداف المدنيين بأي شكل من الأشكال، كما أنها تعمل بعد تطهير هذه المناطق على توفير سبل الحياة وإعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ومواصلات واتصالات. وأقرت المصادر بإمكانية وقوع بعض الحوادث بين الفصائل الموالية لها في هذه المناطق لكن ذلك لا يعني موافقة من الجيش التركي أو تقاعسا أو تساهلا مع مثل هذه الحوادث وأن الجانب التركي يعمل دائما على تأمين سلامة المدنيين وتمكينهم من العيش في مناطقهم في أفضل الظروف. وأشارت المصادر إلى أن تركيا سمحت من قبل لوسائل الإعلام الأجنبية بدخول عفرين لمشاهدة الوضع على الطبيعة بعد انتهاء عملية غصن الزيتون وبدء عودة الحياة في عفرين إلى طبيعتها.
ورصد تقرير العفو الدولية الأوضاع في عفرين مؤكدا أن «القوات التركية تطلق العنان للجماعات المسلحة السورية لارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد المدنيين في المدينة». وكشف النقاب عن مجموعة واسعة من الانتهاكات التي يكابدها أهالي عفرين، قالت: ترتكبها «في الأغلب الأعم» الجماعات المسلحة السورية التي تزودها تركيا بالعتاد والسلاح.
وأشارت المنظمة، إلى أن من بين هذه الانتهاكات الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، ومصادرة الممتلكات، وأعمال النهب. واتهمت القوات المسلحة التركية بالاستيلاء على المدارس، ما عطل تعليم الآلاف من الأطفال. وقالت لين معلوف، مديرة البحوث ببرنامج الشرق الأوسط بمنظمة العفو الدولية: «لقد أدى الهجوم و(الاحتلال العسكري التركي) إلى تفاقم معاناة السكان في عفرين، بعد ما كابدوه من ويلات الصراع المسلح المستمر منذ عدة سنين. وسمعنا قصصا مروعة عمن تعرضوا للاعتقال أو التعذيب أو الإخفاء القسري على أيدي الجماعات المسلحة السورية التي ما برحت تلحق الدمار بالمدنيين بلا ضابط أو رادع من القوات التركية». وأضافت معلوف أن «تركيا هي قوة الاحتلال في عفرين، ومن ثم فإنها مسؤولة عن رفاهية وسلامة السكان المدنيين، والحفاظ على القانون والنظام. وحتى الآن، تقاعست قواتها المسلحة تماما عن النهوض بتلك المسؤوليات».
في السياق ذاته، أكدت مواقع كردية أنّ المجلس المحلي في مدينة عفرين الواقعة في ريف حلب الشمالي الغربي علَّق أعماله لمدة 3 أيام، نتيجة الانتهاكات التي تقوم بها فصائل الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا. وأشارت المواقع إلى أن أعضاء المجلس أضربوا عن العمل نتيجة الانتهاكات وتدخل الفصائل في عمل المجلس، كما طالبوا بخروج فصائل الجيش السوري الحر من مدينة عفرين والمناطق التابعة لها، وإلغاء الغرفة الأمنية من داخل مبنى المجلس. ومنذ أيام، اندلع قتال في مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا بين مسلحين انسحبوا من غوطة دمشق الشرقية، وعناصر الفصائل المتحالفة مع تركيا وأكدت مصادر إعلامية أن الاشتباكات بين مسلحين منتمين إلى فصيل «فيلق الرحمن» ومن وصفوهم بـ«الشرطة العسكرية» احتدمت على خلفية طلب الأخيرة من عناصر الفيلق إخلاء المنازل التي تم توطينهم فيها سابقا.
وأضافت أن العائلات التي طلب منها الخروج رفضت هذه الأوامر، ما تسبب بمشادات كلامية تحولت إلى تبادل لإطلاق نار، دون الكشف عما إذا أسفر الحادث عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.
وأشارت المصادر إلى أن التوتر لا يزال قائما في المدينة بسبب بروز خلافات بين المسلحين، حيث سبق أن أجبرت «حركة أحرار الشام» 7 عائلات غادرت الغوطة الشرقية على إخلاء منازلها تحت تهديد السلاح في يونيو (حزيران) الماضي.
ولفت نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، نقلا عن تنسيقات المسلحين، عن سقوط عدد من المسلحين بين قتيل وجريح جراء الاشتباكات الأخيرة في عفرين بين مسلحين وصلوا من الغوطة وعناصر أحد فصائل الجيش الحر، مشيرة إلى أن الجيش الحر اضطر إلى استقدام تعزيزات إضافية إلى المدينة. وأكدت التنسيقيات اعتقال عناصر تنظيم جيش الإسلام عددا من الذين أتوا إلى عفرين من الغوطة الشرقية، بتهمة التواطؤ مع تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي.
في سياق مواز، بحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف التطورات في سوريا خلال لقائهما أمس على هامش الاجتماع 51 لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، المنعقد في سنغافورة. كما التقى جاويش أوغلو نظير الإيراني محمد جواد ظريف وأجرى معه مباحثات مماثلة.
كان مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا، ألكسندر لافرانتييف، قال إن بلاده لن تسمح باستمرار الوجود التركي في المناطق التي يسيطرون عليها في شمال سوريا.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.