باسكال مشعلاني: أنا شرقية بطبعي وأستمع إلى العمالقة لتمرين صوتي

أطلقت مؤخراً أغنية «بخاف أعشقك»

باسكال مشعلاني: أنا شرقية بطبعي وأستمع إلى العمالقة لتمرين صوتي
TT

باسكال مشعلاني: أنا شرقية بطبعي وأستمع إلى العمالقة لتمرين صوتي

باسكال مشعلاني: أنا شرقية بطبعي وأستمع إلى العمالقة لتمرين صوتي

قالت الفنانة باسكال مشعلاني إنها حريصة دائماً على الظهور أمام جمهورها بإطلالة طبيعية. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «قد يُخيَّل للبعض أن الفن يحتاج إلى تغييرات جذرية تطال صاحبه شكلاً وفناً كي يستطيع الاستمرار في ظل المنافسة الحامية على الساحة الفنية. ولذلك يأخذنا أحياناً بعض الوقت لنتعرف على هذه الفنانة أو تلك بسبب تبدلات مبالغة في إطلالتها. ولكني على عكس الآخرين أفضّل التمسك بملامحي كما هي». وتتابع باسكال مشعلاني: «جميل هو التجدد ولكن دون مبالغة تتسبب في تشويه حقيقة الشخص وطبيعته. وفي معظم أغاني المصورة أركن إلى التجديد من خلال لمسات جمالية طفيفة كالماكياج مثلاً ولون الشعر وإذا ما لمست استهجاناً من قِبل جمهوري وحتى من قِبل المقربين مني أستعيد شكلي العادي لأحافظ على الصورة التي حُفرت في ذاكرة الناس وأحبوني على أساسها».
لا ترفض الفنانة اللبنانية صاحبة أعمال غنائية شهيرة لامست العالمية، الخضوع لمبضع الجراحة، وتعلّق: «أنا مستعدة لهذا الأمر ولا أخافه ولكني لن أقوم به إلا في حالة ترهل الجلد وظهور علامات التقدم في العمر على أن أضمن نتائجها مسبقاً دون زيادة أو نقصان. فالفنان يلفت جمهوره بصوته أولاً وبحضوره وإطلالته ثانياً».
وعن عملها الجديد «بخاف أعشقك» (من كلمات مارون روحانا وألحان وتوزيع ملحم بوشديد) وإطلالتها النضرة في الفيديو كليب الخاص به والذي وقّعه لها فادي حداد تقول: «طلبت من مخرج الأغنية الذي سبق وتعاونت معه في أكثر من عمل أن يبتكر فكرة جديدة وخارجة عن المألوف. وفوجئت بطرحه الموضوع المحوري للكليب عليّ ألا وهو كوكب الأرض. ولكني عدت واقتنعت به عندما شرح لي أن الطبيعة هي منبع الجمال، ووافقت بعد أن شرح لي كيف سيجمع ما بينها وبين الحداثة».
وعن كيفية محافظتها على خامة صوتها وقوته تقول: «أقوم بتمرين صوتي بشكل مستمر مرتين في الأسبوع وعادةً ما أستمع إلى عمالقة الغناء العربي أمثال أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفيروز ووديع الصافي كي أصقله وأحافط على بحّته فهو يحلو أكثر بفضل هذه الأغاني. ولذلك ترينني أعود إلى الساحة دائماً متجددة تقنياً وطربياً فيكون الشبه بين قديمي وجديدي محدوداً». ولكن في أغنية «بخاف أعشقك» لاحظنا تطوراً جديداً في صوتك بعد أن لوّنتِه بتقنية أجنبية؟ «أنا شرقية بطبعي وهي الهوية التي تطبع صوتي، ولكني لا أتوانى عن الاستماع إلى مغنين أجانب أمثال سيلين ديون وبيونسيه وغيرهما لأواكب كل جديد في عالم الموسيقى والأداء وأستفيد منه». وتضيف في الإطار نفسه: «عادةً ما أختتم سهراتي بأغاني العمالقة تلبيةً لرغبة الحضور وأحاول عندما أقوم بذلك أن أضع روحي وإحساسي في الأداء، فلستُ من النوع الذي يغنّي من أجل السميعة فقط بل أحب أن تكون لي إضافاتي الخاصة التي أعتز بها».
وعما إذا هناك من عمل خليجي جديد تحضّره، ترد: «بالفعل هناك أغنية خليجية جهّزتها مؤخراً وأنوي طرحها في الأسواق قريباً وهي من كلمات سعود الشربتلي وألحان تامر توفيق بعنوان (لعبها صح)». وتستعد أيضاً لطرح أغنية أخرى جديدة تصفها بـ«المجنونة» وتقول: «لديّ فكرة واضحة ومسبقة عن الموضوع الذي سيسود تصوير هذه الأغنية فيما لو قررت القيام بذلك بعد أن رسمته شخصياً في خيالي».
وعن المسافات التي تفصل ما بين إطلالة وأخرى لها على الساحة توضح: «المهم أنني لا أغيب عن الساحة وأطل بين وقت وآخر بأغانٍ جديدة أختارها بدقة. وقريباً ستكون لديّ مفاجآت كثيرة في هذا الخصوص ستتلقفونها الواحدة تلو الأخرى. وعندما أكون في منزلي الجبلي أعمل على البحث عن كل جديد في عالم الفن والموسيقى فأقرأ كثيراً وأستمع إلى أغانٍ غربية وعربية فأستشفّ من خلالها النزعات الرائجة اليوم في هذا المضمار مما يضفي إلى خلفيتي الثقافية الفنية عناصر جديدة».
وماذا عن معجبيك عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟ «أهتم بتعليقاتهم وأقف على آرائهم ولا أتوانى عن تغيير أو تعديل ما يطالبونني به إذا كان الأمر يستحق ذلك بالفعل».
تشير باسكال إلى عطش الناس اليوم إلى أغاني العمالقة وتؤكد أن هذا الشوق لزمن الفن الجميل سيزداد يوماً بعد يوم، «أغنيات نجاة الصغيرة ووردة وأم كلثوم وغيرهن مطلوبة مني دائماً في ختام كل سهرة وأشعر بأن الناس عطشى لها وتفتقدها».
وعن المنافسات الحادة التي تشهدها الساحة الفنية ولا سيما بين المغنين من جيلها ترد: «الشعور بالغيرة بعيد عني كل البعد وأقول برافو لكل فنان يُصدر عملاً مميزاً. فلكل منا هويته الفنية والتنافس على تقديم الأجمل وبشكل راقٍ هو ما أجتهد له». ومن ناحية ثانية تستعد باسكال مشعلاني لإصدار ألبوم طربي من خلال استعادة أغانٍ قديمة بتوزيع موسيقي جديد. «هذا الألبوم أتوقع أن يرى النور في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. واخترت أغاني لصباح ووردة وعبد الحليم وغيرهم لأؤديها فيه بتوزيع موسيقي معقول بأنامل زوجي ملحم بوشديد دون إجراء تغييرات كبيرة فيها. وسيكون هذا الألبوم على شكل سهرة لايف (حية) بعيداً عن الأعمال التسجيلية التقليدية».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».