شروط الصدر تعقّد مهمة الكتل السياسية لتشكيل الحكومة

زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.
زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.
TT

شروط الصدر تعقّد مهمة الكتل السياسية لتشكيل الحكومة

زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.
زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.

بعد دعوته في وقت سابق إلى إيقاف مفاوضات تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر، فاجأ زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، خصومه وشركاءه السياسيين بوضع شروط جديدة لتشكيل الحكومة ومواصفات لرئيس الوزراء المقبل، بما يزيد على 70 شرطاً؛ مما عقّد مهمة الكتل السياسية في هذا الشأن.
ووضع العبادي نحو 30 شرطاً لتشكيل الحكومة، و40 لرئيسها، أبرزها عدم ازدواج الجنسية، وهو ما يعني ضمناً استبعاد رئيس الوزراء الحالي، وأقوى المرشحين حيدر العبادي الذي يحمل الجنسية البريطانية. واشترط الصدر أن يكون رئيس الحكومة من خارج مجلس النواب، ويجيد أكثر من لغة، ولا يخضع للضغوط الأجنبية. وأن يكون حسن السيرة وغير فاسد، ويعمل على إنهاء التدخلات الحزبية في الحكومة ومؤسساتها.
وفي حين بدا أن العبادي وفقا لأحد قياديي حزب الدعوة الذي ينتمي إليه، مستعداً لـتجميد عضويته في حزب الدعوة، وليس التنازل عنها، فإن رئيس المكتب السياسي للتيار الصدري الدكتور ضياء الأسدي حدد مجدداً في بيان ملامح الحكومة التي يدعو إليها زعيم التيار مقتدى الصدر.
وبشأن إمكانية تنازل مشروط من قبل العبادي حيال عضويته في حزب الدعوة، أعلن القيادي في حزب الدعوة علي العلاق، أن «العبادي لن يستقيل عن حزب الدعوة الإسلامية؛ لأنها تاريخ وفكر وعقيدة، لكن ممكن تجميد عضويته بالحزب بشرط إذا كانت الكابينة الحكومية وكل المناصب العليا والسيادية والدرجات الخاصة وغيرها في الحكومة المقبلة مستقلة تماماً».
وأضاف، أن «من حق مقتدى الصدر طرح رؤيته في شروط اختيار رئيس الوزراء، وهو رأي قابل للحوار»، مبيناً أن «العبادي مرشح النصر لرئاسة الوزراء وليس مرشحاً لحزب الدعوة». ولفت العلاق إلى أن «مباحثات العبادي ورئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني لم تتطرق إلى تحالفات، لكن حصل حوار وتفاهمات بشأن تشكيل الكتلة الأكبر، ومن يقول إن محافظة كركوك ستكون ثمناً لولاية العبادي الثانية فهو أمر مبالغ فيه». وتابع «لا توجد صفقات تحت الطاولة أو تجاوز على الدستور والقانون، وزمن الصفقات السياسية قد ولى بسبب ضغط الشارع ومبادئنا في ائتلاق النصر».
إلى ذلك، أكد ضياء الأسدي، مسؤول المكتب السياسي للتيار الصدري، في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن «السيد مقتدى الصدر يؤسس لبرنامج وطني وحكومة يقوم على أساس المبادئ والثوابت وليس على أساس التحاصص والتوافق»، مشيراً إلى أن الصدر «يدعو إلى حكومة تحالف وطني عابر للطائفية، وملتزم بثوابت بناء الدولة على أسس صحيحة راسخة».
وأوضح، أن «ملامح الحكومة التي يدعو لها الصدر هي ليست حكومة وحدة وطنية أو شراكة وطنية، أو أغلبية سياسية لحزب أو مكون واحد؛ لأنها جميعاً تستند إلى المحاصصة والتوافقات السياسية على حساب المبادئ والقواعد الصحيحة»، معتبراً أن «المعايير والمبادئ التي قدمها (الصدر) في برنامجه هي التي ستقرب أو تبعد الشركاء في الحكومة المرتقبة، وهي ستكون قاعدة التفاهمات مع الفرقاء السياسيين».
واختتم مسؤول المكتب السياسي لزعيم التيار الصدري بيانه بالقول «في رؤيته لتشكيل الحكومة وبناء الدولة يستند السيد الصدر إلى المنهج التدريجي في التحول من التوافقية إلى المعيارية؛ الأمر الذي يساهم في تصحيح العملية السياسية وترسيخ مسارها الديمقراطي».
من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم تحالف «سائرون» الدكتور قحطان الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تحالفه الذي يدعمه مقتدى الصدر «منسجم تماماً» مع الرؤية التي عبّر عنها زعيم التيار، وكذلك الشروط التي وضعها سواء لتشكيل الحكومة أو مواصفات رئيس الحكومة المقبل.
وأضاف الجبوري، أن «المهمة القادمة صعبة ومعقدة بسبب إرث المشكلات والتركات الثقيلة للحكومات السابقة، التي تمثلت بهذا النقص الحاد في الخدمات الأساسية والافتقار إلى البنى التحتية اللازمة لبناء البلد في وقت لم تكن تنقصنا الأموال، بل السبب الرئيسي والمباشر هو الفساد المالي والإداري، وعدم جعل الرجل المناسب في المكان المناسب، وهو ما يجب تداركه في الحكومة القادمة».
وبيّن الجبوري، إن «تحالفاتنا في (سائرون) يستند إلى برنامج حكومي متكامل، وما قدمه الصدر من رؤى وتصورات إنما يعبر عما نعمل عليه».
وفيما إذا كانت شروط الصدر تعقّد مهمة الكتل السياسية، ولا سيما الشيعية منها على صعيد إمكانية تشكيل حكومة؟ يقول الدكتور علي الدباغ، المتحدث الرسمي السابق باسم الحكومة العراقية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوضع الآن لم يصل لدرجة الانقسام الكبير، بل هناك تنافس سياسي، وأحياناً صراع، ويتمثل بمحورين، الأول يحاول أن ينزع من المتصدر الأول (سائرون) ثمار كونه الفائز الأول لاعتبارات كثيرة، أولها أن الفوز ليس كبيراً، بل هو فارق بسيط في عدد المقاعد وبالتالي، فإن الفوز لا ثمار فيه، والاعتبار الآخر هو الرفض القاطع لزعيم (سائرون) في التحاور مع رئيس دولة القانون نوري المالكي».
وقال الدباغ، إن «هناك توجهاً لدفع (سائرون) للمعارضة أو أن تقبل بشروط مفروضة من الكتلة الأكبر التي تتشكل». وبشأن مواصفات رئيس الحكومة المقبل، يقول الدباغ، إن «المواصفات بما فيها التي ذكرت بخطبة الجمعة من قبل المرجعية الدينية خلقت قلقاً عند من يرى نفسه مرشحاً لرئاسة الوزراء وجعلت الاختيار فيه بعض الصعوبة؛ لذلك كانت بيانات التأييد متسارعة لتتماهى مع تلك الخطبة».
ويرى الدباغ، أنه «إذا استثنيا المالكي؛ كون ترشيحه ليس مقبولاً، فإن العامري والعبادي يحاول أحدهما أو بالوكالة أن يفصّل نفسه على تلك المواصفات؛ لذلك لم تنهِ تلك الخطبة آمال العبادي بالخصوص للترشيح، وفعلا فإن اسمه هو الوحيد تقريباً المطروح للتداول في غياب طرح أي اسم بقوة، ويكون مقبولاً، وبالتالي لا يزال العبادي هو الأوفر حظاً رغم الشروط المشددة».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.