انطلاق اجتماعات «مبادرة الشرق الأوسط الموسع» في القاهرة بمشاركة 30 دولة

تهدف لدعم تمكين المرأة وحرية التعبير.. وتغيب عنها تركيا وسوريا

السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية
السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية
TT

انطلاق اجتماعات «مبادرة الشرق الأوسط الموسع» في القاهرة بمشاركة 30 دولة

السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية
السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية

انطلقت بالعاصمة المصرية القاهرة اليوم اجتماعات الدورة العاشرة لمنتدى «من أجل المستقبل.. مبادرة الشرق الأوسط الموسع»، بمشاركة 30 دولة، من بينها دول عربية، والدول الثماني الصناعية الكبرى، إضافة إلى باكستان وأفغانستان، وتغيب عنه سوريا وتركيا. ويهدف المنتدى إلى توفير إطار شامل للحوار بين حكومات الدول الأعضاء ومجتمعاتها المدنية حول ثلاث قضايا رئيسة هي: تمكين المرأة والشباب، والتنمية الاقتصادية، وحرية التعبير.
وعقدت جلسة الافتتاح اليوم على مستوى كبار مسؤولي الدول المشاركة، تحضيرا للاجتماع الوزاري للمنتدى والمبادرة الذي يعقد غدا (الثلاثاء). وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن المنتدى سيعقد هذا العام في غياب كل من تركيا وسوريا، موضحة أن عدم حضور أنقرة يرجع للعلاقات المتوترة مع القاهرة منذ أشهر؛ نظرا لرفض مصر تدخل تركيا في شؤونها. في حين أنه لم يجر توجيه الدعوة لسوريا في أعمال المنتدى تنفيذا لقرار جامعة الدول العربية بتعليق عضويتها، حيث تعد الجامعة العربية شريكا أساسيا في المنتدى.
وقال السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون الهيئات المتعددة الأطراف والأمن الدولي، رئيس وفد بلاده في اجتماع كبار المسؤولين، في كلمته بالجلسة الافتتاحية لأعمال المنتدى، إن مبادرة الشرق الأوسط الموسع التي انطلقت منذ عشر سنوات «شهدت تقدما ملموسا على صعيد تعزيز التفاعل الحقيقي بين الحكومات والمجتمع المدني».
وأضاف أن «مصر لم تكن لتشهد هذه المرحلة الفارقة من تاريخها الممتد إلا من خلال شبابها، الذي هو صاحب الشرارة الأولى والمحرك الرئيس لثورتي 25 يناير (كانون الثاني) و30 يونيو (حزيران)، وقوة الدفع المستمرة نحو تحقيق أهدافهما من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية».
وشدد بدر على أن «التحولات المتلاحقة التي تشهدها دول المنطقة تؤكد محورية وأهمية التواصل بين الشعوب والحكومات لإحداث التغيير وهو ما يرسخ دورا أكبر للمجتمع المدني على كافة الأصعدة، حيث تغيرت طبيعة العلاقة بين الحكومات والمجتمع المدني الذي أصبح شريكا وطرفا أساسيا للحكومات».
وأشار السفير بدر إلى أنه «ليس مصادفة أن تختار مصر والمملكة المتحدة كرئيسين مشتركين لفعاليات هذا العام»، موضحا أن «للمنتدى ثلاثة محاور موضوعية رئيسة هي: التنمية الاقتصادية وتمكين المرأة وحرية التعبير، لما تمثله كل من هذه المحاور من أولويات وطنية وتفرضه من تحديات تستلزم تضافر الجهود كحكومات ومجتمع مدني في دول مجموعة الثماني ودول المنطقة لمواجهتها، وذلك من منطلق الشراكة الحقيقية وتبادل الخبرات».
وأوضح أن «الحق في حرية التعبير حق أساسي لا يجوز الافتئات عليه ولكنه يحمل معه مسؤوليات تفرض علينا كحكومات ومجتمع مدني مهمة تكثيف التعاون لنشر الوعي حول أبعاده المختلفة بصورة تعزز من دوره كأداة للتقريب بين الشعوب».
وأضاف أن الاختبار الحقيقي لمبادرة الشرق الأوسط الموسع وقدرتها على الاستمرار «يكمن في مدى الالتزام جميعا بتفعيل الشراكات بين الدول الصناعية الكبرى ودول المنطقة في سبيل تحقيق التقدم، وذلك استنادا لمبادئ الملكية الوطنية لعمليات التحول الديمقراطي وتحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وهو ما يتطلب خطوات وتعهدات عملية قابلة للتنفيذ».
وحول مشاركة دولة جنوب السودان، قال بدر إنها جاءت بناء على طلب منها ووافقت عليه الرئاسة المشتركة المصرية - البريطانية، مثلما هو الحال مع سويسرا التي تشارك في المنتدى هذا العام بطلب منها.
من جانبه، أعرب إدوارد أوكدن مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالخارجية البريطانية - الذي تتولى بلاده مع مصر رئاسة المنتدى هذا العام - عن أمله في نجاح الحكومة المصرية المؤقتة في مصر في تنفيذ خارطة الطريق التي جرى إقرارها. وقال المسؤول البريطاني في كلمته إن هذا هو العام العاشر لعملية مبادرة الشرق الأوسط الموسع ومنتدى المستقبل، «ومن المهم بالتالي أن ننظر ونقيم الغرض الأساسي الذي تأسست من أجله المبادرة ومنتدى المستقبل وكيفية إعطاء قوة دفع لهذه العملية الأساسية بعد مرور هذه السنوات».
وأشار إلى أن «الأوضاع في المنطقة قد تغيرت كثيرا وبشكل واضح الآن مقارنة بما كانت عليه منذ عشر سنوات منذ تأسيس المنتدى»، مضيفا أنه من المهم تطوير الوسائل التي يجري من خلالها دعم دول المنطقة في هذا الإطار بفاعلية.
وأضاف أن «هناك العديد من التغيرات الكبيرة التي شهدتها دول المنطقة من بينها الأحداث المأساوية التي تشهدها سوريا، ولكن هناك في الوقت نفسه تغييرات أخرى بعضها تطورات إيجابية مثل الأحداث التاريخية التي شهدتها مصر في الأعوام القليلة الماضية».
وأوضح المسؤول البريطاني أنه على «الصعيد متعدد الأطراف، فإن هناك مسائل مهمة من بينها مبادرة عملية السلام في الشرق الأوسط التي يقودها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، والتي نؤكد على أهميتها وأهمية أن تعطي مثل هذه الفعاليات إشارات إيجابية قوية لهذه العملية». وقال إن المنتدى سيستعرض على مدار جلساته دعم العملية الديمقراطية في دول المنطقة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.