ليبيا: تأجيل التصويت على مشروع الدستور

ترحيب أممي بانعقاد مجلس النواب... والسراج يقيل وزير دفاعه

TT

ليبيا: تأجيل التصويت على مشروع الدستور

أرجأ مجلس النواب الليبي إلى اليوم حسم التصويت على قانون الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد للبلاد، بعد جلسة مثيرة للجدل عقدها أمس في مقره بمدينة طبرق بأقصى شرق البلاد، تخللتها مناوشات بين محتجين أغلقوا المقر لبعض الوقت وتأخر الجلسة عن موعدها.
وفي مشهد متكرر صاحب غالبية جلسات مجلس النواب، تجمع محتجون عرقلوا دخول بعض النواب الذين اشتكوا في المقابل من تدخل بعض الحرس الرئاسي المنوط بهم تأمين المكان لمنعهم من الدخول. كما قال أعضاء في المجلس إنهم منعوا من دخول المقر لوجود اعتصام من قبل بعض رافضي التصويت.
وأشار الناطق باسم المجلس عبد الله بليحق إلى أن رئيس البرلمان عقيلة صالح علق الجلسة بعد حضور 93 نائباً فقط، علما بأن تمرير القانون يحتاج إلى 120 صوتاً من أصل 200. ويفترض أن يناقش النواب بنداً يتعلق بتقسيم ليبيا إلى ثلاث دوائر، واشتراط حصول الدستور على أغلبية الثلثين زائد واحد على مستوى ليبيا، إضافة إلى التصويت بنعم أو لا من دون اشتراط ذكر الأسباب لمن يقول لا. وقال بليحق إن الجلسة ناقشت «عدداً من الضوابط الرقابية والأحكام لعملية التصويت والفرز من أجل ضمان أكبر قدر من النزاهة والشفافية وحماية عملية الاستفتاء من التزوير».
وكانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أعلنت عن ترحيبها بوصول النواب إلى طبرق تمهيداً لانعقاد «الجلسة الهامة» لمجلس النواب الليبي للتصويت على قانون الاستفتاء على الدستور. وقالت البعثة في بيان مقتضب إنها «تتابع بانتباه شديد، مع المجتمع الدولي، هذه العملية الديمقراطية لضمان عملية انتخابية حرة ونزيهة على قانون الاستفتاء من أجل مستقبل ليبيا وسلامها».
وكانت نائبة رئيس البعثة الأممية ستيفاني ويليامز بحثت أمس مع رئيس ديوان المحاسبة الليبي خالد شكشك المستجدات الاقتصادية والإصلاحات المرتقبة، مؤكدة على أهمية توحيد المؤسسات الحكومية.
إلى ذلك، أعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج إقالة وزير الدفاع المهدي البرغثي. وقرر السراج رفع الإيقاف الاحتياطي عن عمل البرغثي، وإعفائه من مهامه، وذلك في رسالة سربها مكتبه موجهة إلى الجهات المختصة يطالب فيها بتنفيذ القرار.
وقررت حكومة السراج إيقاف البرغثي مؤقتاً عن العمل وإحالته للتحقيق في شهر مايو (أيار) العام الماضي، على خلفية الهجوم الدامي الذي تعرضت له قوات الجيش الوطني الليبي في قاعدة براك الشاطئ، ما أدى إلى مقتل نحو 140 بين مدنيين وعسكريين.
وقال الناطق باسم الجيش الوطني الليبي العميد أحمد المسماري إن البرغثي «ضابط محسوب على الجماعات الإرهابية مستقيل من الجيش على خلفية تكفيره للجيش». وجاءت هذه التصريحات في إطار ندوة عقدها المسماري، مساء أول من أمس، في القاهرة بعنوان «ليبيا وتحديات الأمن القومي». وقال إن الجيش يخوض «معركة كبيرة جداً ضد الإرهاب وبقايا الميليشيات».
واعتبر أن قناة «الجزيرة» القطرية «قامت بأعمال سوداء داخل ليبيا»، مشيراً إلى أن «التغطيات الإعلامية التي بثها تنظيم القاعدة من ليبيا كانت عبر الجزيرة». وأضاف أن «الخسائر البشرية في ليبيا وصلت إلى أكثر من 50 ألف قتيل منذ عام 2011 حتى الآن»، متهماً المجتمع الدولي بأنه «سلّم ليبيا إلى تنظيم القاعدة والإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية المختلفة عام 2011» في أعقاب الثورة التي أطاحت نظام معمر القذافي.
وأشار إلى أن دولاً بينها قطر «دعمت الإرهاب في ليبيا»، معتبراً أن «إطالة أمد عمليات مكافحة الإرهاب يعود إلى استمرار الحظر الدولي على تسليح الجيش». وأعلن أن «توحيد المؤسسة العسكرية الليبية في الشرق والغرب أصبح قريباً برعاية مصرية بعد جولات الحوار التي استضافتها القاهرة أخيراً، وقطعت شوطاً كبيراً من أجل التوصل إلى تسوية»، مؤكدا أن الاجتماعات مستمرة لتحقيق هذا الهدف.
وبعد ساعات من تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في مواجهة الميليشيات في ليبيا، زار المسماري أمس مقر الشؤون المعنوية التابعة للقوات المسلحة المصرية. وأرجع المسماري في بيان مقتضب الزيارة إلى «تكليف» من حفتر للتنسيق بين الطرفين إعلامياً.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.