رواج البيع الإلكتروني في مصر بعد ارتفاع كلفة المحال التجارية

تشهد خدمات التسوق والشّراء عبر الإنترنت في مصر، رواجاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، بعد ارتفاع أسعار إيجار المحال التجارية التقليدية، والكلفة الاقتصادية المترتبة على عمليات البيع والتخزين والتداول، وباتت تهدّد عرش التجارة التقليدية وتقلّص دورها في مصر، الأمر الذي دفع وزارة المالية المصرية إلى دراسة تشريع جديد لفرض ضرائب على المعاملات التجارية عبر الإنترنت، وسط ترحيب من المتابعين والتجار بخطوة الحكومة لتقنين أرباح الاقتصاد الرّقمي.
واضطرت بعض الشركات والمؤسسات التجارية الكبرى إلى استغلال شبكة الإنترنت لتسويق منتجاتها وبيعها إلكترونياً، بجانب البيع عبر المنافذ بالشّكل التقليدي.
وترجع أسباب لجوء بعض الشّباب المصري إلى تلك المشروعات التجارية، لسهولتها واستهدافها شريحة أكبر من تلك التي تستهدفها الأسواق التجارية، فضلاً عن صعوبة إجراءات فتح محال جديدة وترخيصها وضرائبها، إلى جانب إيجارات المحال المرتفعة، وخدمات الكهرباء والمياه والغاز التي ارتفعت شرائحها أيضاً في الآونة الأخيرة.
جرجس عياد، حاصل على بكالوريوس تجارة، وصاحب إحدى منصات التسوق الإلكتروني، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لجأت إلى فكرة البيع (أونلاين)، بعد تجارب كثيرة في سوق العمل المصري باءت جميعها بالفشل، ما اضطرني إلى اللجوء إلى فكرة العمل الحر. وقد بدأت هذا الأمر منذ ثلاث سنوات تقريباً». ولفت إلى أنّه لجأ في البداية إلى تعلّم كيفية صُنع الإعلانات الممولة عبر «فيسبوك»، مستخدماً موقع «يوتيوب» في تعلّم تلك الإجراءات، ومن ثمّ اتجه إلى التجربة التي فشل في بدايتها، إلا أنّه نجح في وقت لاحق وحقّق أرباحا مجزية. ويضيف: «بعد تجارب كثيرة فاشلة، نجحت في تسويق الملابس الرّجالية بأسعار مناسبة، أقل بكثير من أسعار المحال التجارية».
يتعامل عياد مباشرة مع المصانع التي تنتج هذه الملابس، وبالتالي فهو يحصل عليها بسعر الجملة، ويبيعها لزبائنه بسعر التجزئة، الأمر الذي يُدرّ عليه فارقاً كبيراً في السّعر، ومع الوقت أصبح يضع تصميمات معينة تناسب الشّباب، وينفذها صاحب المصنع، ومن ثم يروج لها ويبيعها لزبائنه، حتى اتجه أخيراً إلى تصميم أزياء حفلات تخرّج طلاب الجامعات، وأصبح معروفاً لدى الدّفعات المتلاحقة من طلبة الجامعات، ويطلبونه بالاسم لتصميم أزياء التخرج.
وأوضح عياد أنّ إجراءات فتح محال جديدة تتطلّب مصاريف باهظة، فضلاً عن الإيجارات والخدمات المرتفعة، لافتاً إلى أنّ شقيقه الأصغر يساعده في إرسال الملابس إلى زبائنه، بعد الاتفاق معهم على السّعر ومصاريف الشّحن والعنوان، ذاكراً أنّه يجمع كثيراً من الطّلبات لتنفيذها في يوم واحد.
يشار إلى أنّ معدل البطالة في مصر انخفض إلى 10.6 في المائة في الربع الأول من العام الجاري، مقابل 12 في المائة بالربع الأول من العام الماضي. وفق بيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الصادر منذ شهرين، الذي أفاد بأن عدد العاطلين عن العمل بلغ ثلاثة ملايين و94 ألفاً في الربع الأول من العام، بانخفاض 409 آلاف عن الربع المقابل من العام الماضي، وبتراجع 215 ألفاً عن الربع الرابع من 2017. وأوضح الجهاز الحكومي أنّ حجم قوة العمل بلغ 29 مليوناً و186 ألف فرد، بزيادة 37 ألفاً عن الربع المماثل من العام الماضي.
من جهته، يقول مهدي محمد، أحد روّاد التسوق عبر شبكة الإنترنت لـ«الشرق الأوسط»، إنّه اعتاد منذ أن انشغل في عمله وكثرت مسؤولياته، أن يشتري ما يريده عبر الإنترنت، موضحاً أنّ جهاز الكومبيوتر المحمول الذي يملكه حالياً، اشتراه من أحد المنصات الإلكترونية، بعد دفع مصاريف الشّحن التي وصفها بالقليلة، مقارنة بنزوله أحد المولات أو المحال التجارية، وضياع وقت كبير في التسوق، هذا الوقت هو أولى به في عمله.
أما سارة إبراهيم، الطالبة بكلية الفنون الجميلة بجامعة عين شمس، فتعمل على تصميم هدايا شهر رمضان للمخطوبين، والمرتبطين عاطفياً، وهو ما يعرف بـ«صندوق رمضان». تقول: «أعمل منذ سنتين في تصميم (صندوق رمضان) للمخطوبين والمرتبطين عاطفياً، وأبدأ في تنفيذ هذا قبل الشهر الكريم بفترة مناسبة، إلا أنّني لا أملك منصة إلكترونية كبيرة للتسويق من خلالها، مجرد صفحتي الشّخصية فقط». ولفتت قائلة: «لجأت إلى بعض الصّفحات الكبيرة عبر موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) التي يتابعها قطاع عريض من الجمهور، لتسويق منتجي، بعد الاتفاق مع مسؤول الصفحة على مقابل مادي مناسب مقابل الإعلان لديه، ومن ثم أبدأ في تلقّي الطّلبات من الزبائن عبر الهاتف، أو من خلال الرسائل الخاصة، وبعد تحديد المطلوب، أقابل هذا الشّخص في مكان عام، وأعطيه طلبه، وأتسلم منه المبلغ المتّفق عليه مسبقاً».
تُضيف سارة أنّ الأمر ربما يكون صعباً عليها؛ لأنّها تعمل بمفردها، إلا أنّها متحرّرة من كلفة استئجار محلّ وكلفة ديكوره، وفواتير الكهرباء والمياه، فضلاً عن الضرائب ومضايقات الآخرين.