البلديات تحصي اللاجئين السوريين... و«أمن الدولة» يخضعهم لـ«تحقيقات غامضة»

عمال سوريون يطلون واجهة مبنى في بيروت أبريل الماضي (أ.ب)
عمال سوريون يطلون واجهة مبنى في بيروت أبريل الماضي (أ.ب)
TT

البلديات تحصي اللاجئين السوريين... و«أمن الدولة» يخضعهم لـ«تحقيقات غامضة»

عمال سوريون يطلون واجهة مبنى في بيروت أبريل الماضي (أ.ب)
عمال سوريون يطلون واجهة مبنى في بيروت أبريل الماضي (أ.ب)

تواصل قضية اللاجئين السوريين في لبنان تفاعلها، فيما العداد يسجل الأرقام المتواضعة للعائدين كما لو أنها إنجازات أطراف سياسية في بازار مشاريع منفصلة عن الدولة ومؤسساتها.
لكن بعيداً عن الاستثمار السياسي، وبانتظار الخطة الروسية للعودة واللجنة الموعودة للتنفيذ، بدأت البلديات بإشراف الأمن العام اللبناني عملية إحصاء منهجية للسوريين في لبنان من خلال استمارات للحصول على المعلومات اللازمة بشأن وجودهم.
ويقول رئيس بلدية الحازمية، في محافظة جبل لبنان، جان أسمر لـ«الشرق الأوسط»، إن «البلدية بدأت منذ شهر ملء استمارات بناء على طلب الأمن العام اللبناني تتضمن معلومات عن المقيمين السوريين من سكان وعمال ونواطير في نطاق البلدية. ونحن نقوم بالعمل كما هو مطلوب لجهة عمل السوريين وهوياتهم. ونسلم الاستمارات بعد إنجازها إلى الأمن العام أسبوعياً».
إلا أن عمل الأمن العام، الذي يستلزم إجراءات قانونية وواضحة، يقابله في كواليس الوجود السوري، تجاوزات إن لجهة طرد جماعي للسوريين المقيمين في بلدة ما، أو لجهة قيام أجهزة رسمية باستدعاءات بغية إجراء «تحقيقات غامضة» تذكر بالنظام المخابراتي السوري - اللبناني.
ويروي عامل بناء سوري لـ«الشرق الأوسط»، أن «جهاز أمن الدولة استدعاه إلى مركزه. فامتثل وتوجه إلى المركز حيث وجد سوريين آخرين، ينتظرون ووجوههم إلى الحائط. وعندما جاء دوره، باشروا التحقيق معه بأسئلة روتينية تتعلق بعمله وإقامته في لبنان وراتبه وكفيله. بعد ذلك تشعب التحقيق إلى أسئلة عن عائلته المقيمة في سوريا، وبالتفصيل الممل عن كل فرد من العائلة. لم يكتفوا بالسؤال عن أشقائه، بل سألوه عن والده ووالدته العجوزين وشقيقاته وأزواجهن وأولادهن والأقارب والأنسباء». ويضيف العامل: «منذ أن دخلت مبنى جهاز أمن الدولة حسبت نفسي في سوريا، سواء لجهة الإجراءات غير الودية أو التدقيق وتكرار الأسئلة لاكتشاف إذا ما كنت أكذب، أو التشديد على أن الرمادي في الأجوبة ممنوع. قالوا لي حرفياً: يجب أن تكون أجوبتك إما أسود أو أبيض».
وأبدى العامل قلقه من نوعية الأسئلة المتعلقة بكونه أو كون أي فرد من أفراد من عائلته مع «جيش البطيخ». وقال: «كانوا يعنون بذلك (الجيش الحر)، كما سألوني إن كنت أعمل مع منظمة إنسانية لحقوق الإنسان أو للمساعدات، ومنذ متى لم أقم بزيارة سوريا، وتفقدوا هاتفي، لكني كغالبية السوريين في لبنان لا أترك أي صور أو محادثات قد تتسبب لي بإشكالات مع الأجهزة الأمنية».
ويقول العامل: «أحد الموجودين كان يرتجف. كما أن سورياً آخر كان قد تم استدعاؤه فخاف ولم يحضر، إلا أنهم استمروا بملاحقته. وعندما حضر، انهالوا عليه بالضرب قبل استجوابه لأنه تأخر».
وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع جهاز أمن الدولة، وسؤاله عن سبب استدعاء السوريين. وبعد استفساره عن مركز الاستدعاء، قال المتحدث، «ما في شي»، بالتالي لا جواب لدى الجهاز ولا توضيح.
رئيس «المركز اللبناني لحقوق الإنسان» ورئيس «الشبكة الأورومتوسطية للحقوق»، وديع الأسمر، يعتبر أن تصرف أحد مراكز جهاز أمن الدولة ليس طبيعياً بالمطلق. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاستدعاء يجب أن يكون بناءً على شبهة، وبأمر قضائي. أما بالشكل المذكور، فهو يتم من دون مسوغ قانوني. ومن خبرتنا في العمل على الانتهاكات التي تحصل في لبنان، يمكن القول إن الجهاز يرغب في تقديم أوراق اعتماده إلى النظام السوري، فيمرر له معلومات تتجاوز السوريين في لبنان، لتشمل أقرباءهم في سوريا. أو أنه يقدم خدمة إلى جهاز آخر لا يريد أن يكون في الصورة، فتولى هو جمع المعلومات لحساب من كلفه. ويبقى السؤال: ما هو مصير هذه المعلومات؟ مع الإشارة إلى أن تسريبها إلى خارج لبنان مخالف للقانون. وجريمة بحق الشخص الذي سرب المعلومات. وهذه التصرفات تخيف السوريين وتدفعهم إلى تجنب العودة إلى سوريا، بفعل شعورهم أنهم مراقبون مراقبة مخابراتية فلا يجرؤون على العودة».
من جهة ثانية، تعمد بعض البلديات إلى طرد السوريين الموجودين في نطاق عملها، أو تحجز أوراقهم الثبوتية، كما حصل في بلدية الكحالة في جبل لبنان منذ أسبوع، إذ قام عناصر البلدية ومجموعة من أبناء المنطقة بمهاجمة منازل السوريين ليلاَ وشتموهم وأجبروهم على المغادرة.
ويشير رئيس بلدية الحازمية، جان أسمر، إلى أن «الإجراءات في نطاق عمل بلديته تتم بالشكل السليم، لأن العمالة السورية موجودة في المنطقة منذ ما قبل الحرب السورية». يذكر أن «2200 عامل كانوا يبنون أحد المراكز التجارية الضخمة في نطاق البلدية قبل أعوام، ومعظمهم لا يزال يعمل في الورش. ولا علاقة لهم بالأحداث في بلادهم، ومعظم النواطير، وعددهم 1300 ناطور، يقيمون بشكل شرعي. ولا حوادث تسجل على هذا الصعيد».
وقالت «هيومن رايتس ووتش» في تقرير نشرته، قبل فترة، إن 13 بلدية في لبنان على الأقل أجلت قسراً 3664 لاجئاً سورياً من منازلهم وطردتهم من البلديات، على ما يبدو بسبب جنسيتهم أو دينهم، بينما لا يزال 42 ألف لاجئ يواجهون خطر الإجلاء.
ويقول وديع الأسمر إن «الكثير من البلديات اللبنانية عمدت إلى اتخاذ تدابير تجاه اللاجئين السوريين بذريعة (حفظ الأمن)، واتخذت إجراءات عنصرية، منها حظر تجولهم ليلاً، إضافة إلى طرد من يتجاوزون الأعداد المسموح لهم بالسكن في شقة واحدة». ويتابع مشدداً على المسؤولية التي تقع على وزارة الداخلية: «يجب أن تنظم الوزارة عمل البلديات، بحيث لا يتم انتهاك حقوق اللاجئ أو العامل السوري. كما أن هناك سياسة متبعة مغايرة للمنطق، فإذا ما اشتكى السكان من وجود عدد كبير من السوريين في منزل واحد، لا يتم استدعاء مالك المنزل الذي سمح لهذا العدد الكبير بالإقامة مقابل بدل إيجار ومحاسبته وفق القانون، بل يتم طرد السوريين. وهذا عقاب جماعي غير مقبول، مع أن المطلوب أن تتم معاقبة المرتكب دون سواه، وليس الأبرياء. على الشرطة البلدية واجبات مقابل حقوقها».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.