الفصائل توحّد جهودها العسكرية تحضيراً لمعركة إدلب

تتجه للإعلان عن «غرفة عمليات» قد تضم «تحرير الشام»

الفصائل توحّد جهودها العسكرية تحضيراً لمعركة إدلب
TT

الفصائل توحّد جهودها العسكرية تحضيراً لمعركة إدلب

الفصائل توحّد جهودها العسكرية تحضيراً لمعركة إدلب

تتجه الفصائل المعارضة في إدلب للإعلان عن غرفة عمليات عسكرية مشتركة أو «جيش موحّد» في المنطقة الشمالية التي تعيش حالة من السباق بين الاتفاق السياسي والحسم العسكري، فيما أشارت مصادر أخرى إلى أن التوجه سيكون لإعادة إحياء «جيش الفتح»، أي أن يضم «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) سابقاً.
وأجمع كل من مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن ومصدر رفيع المستوى في المعارضة، على أن التوجّه هو لإعادة إحياء «جيش الفتح»، بينما أكد مصدر عسكري معارض في إدلب لـ«الشرق الأوسط»، أن المباحثات لا تزال مستمرة، وأن التوجه للإعلان عن غرفة عمليات عسكرية مشتركة تجمع كل الفصائل في الشمال من دون الاندماج تحت لواء جيش موحد، على أن يتم توزيع مسؤوليات الجبهات والقطاعات فيما بينها، ومن ضمنها «تحرير الشام».
وأوضح «أن العمل لتوحيد الصفوف كان قد بدأ قبل نحو عشرين يوماً، والأمور إيجابية، وهناك توجه للإعلان عن النتائج النهائية خلال أيام». وفيما لفت إلى أن هناك حالة من الخوف والتوتر تعيشها العائلات وأهالي المنطقة الذين يقدر عددهم بنحو أربعة ملايين نسمة، أكد أن هناك قناعة لدى الجميع بأنه لا خيار أمامهم إلا القتال.
وأشار المصدر إلى «أن النظام كان قد بدأ يحشد قواته منذ أيام في موازاة المعلومات التي تصل إلينا بأن الهجوم بات قريباً»، موضحاً أن عدد المقاتلين الذين من المتوقع أن ينضموا تحت لواء «الجيش الجديد» يقدّر بما بين 125 و150 ألفاً، بعد نزوح كبير شهدته المنطقة تحولت معه إلى ملجأ للمعارضين العسكريين والمدنيين.
في المقابل، نقلت وكالة الأنباء الألمانية، عمن وصفته بـ«مصدر رفيع المستوى في المعارضة السورية»، قيام فصائل المعارضة في الشمال السوري بتشكيل «جيش جديد» لمواجهة قوات النظام التي تستعد للتوجه إلى محافظة إدلب بعد انتهاء معارك محافظة درعا خلال الأيام القليلة المقبلة، وهو ما لفت إليه «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مشيراً إلى أنه جرى التوصل لاتفاق بين الفصائل العاملة في محافظة إدلب وأجزاء أخرى من الشمال السوري على إعادة تشكيل «جيش الفتح» الذي كان قد أعلن عنه سابقاً في الثلث الأول من العام 2015، وكانت «جبهة النصرة» أبرز فصائله.
ولفت «المرصد» إلى أن هذا التوافق جاء بعد سلسلة مشاورات ومباحثات تزامنت مع التلويح من قبل الروس والنظام بشن عملية عسكرية مقبلة في محافظة إدلب، بغية إنهاء وجود الفصائل فيها.
وقال المصدر للوكالة الألمانية: «توحدت فصائل المعارضة وأبرزها (جبهة تحرير سوريا) و(هيئة تحرير الشام) و(الجبهة الوطنية) و(جيش الإسلام) و(جيش إدلب الحر)، لتشكيل جيش جديد أطلق عليه اسم (جيش الفتح)، ويزيد عدد مقاتليه عن أكثر من 75 ألف شخص، بهدف التصدي لقوات النظام التي بدأت تحتشد باتجاه المنطقة من محاور ريف حلب الجنوبي والغربي وريف إدلب الغربي وريف اللاذقية، وتم تحديد مهام كل جبهة من تلك الجبهات».
وأكد أن «عملية التحضير لـ(جيش الفتح) بدأت منذ عدة أشهر، وعقدت اجتماعات مكثفة لتحديد الأطر العامة لـ(الجيش) والمهام التي توكل إلى قياداته، وتم ضم أغلب مقاتلي الفصائل التي غادرت حمص والغوطة الشرقية وريف دمشق ودرعا إلى (الجيش) الجديد».
وتوقع المصدر أن تبدأ العمليات العسكرية قبل نهاية شهر أغسطس (آب) المقبل، بعد خروج أهالي بلدتي كفريا والفوعة من ريف إدلب، فيما بدأت قوات النظام بإرسال تعزيزات عسكرية كبيرة إلى شمال وغرب سوريا.
ووصف «المرصد» ما تعيشه إدلب اليوم بـ«الفوضى السياسية والأمنية والعسكرية» على وقع التلويح المستمر بعملية عسكرية ضد إدلب بعد انتهاء العمليات في الجنوب السوري، وذلك في موازاة محاولات تركية - روسية للتوصل لتوافق يضمن مصالح الطرفين، ويؤدي إلى إرساء الهدوء في الشمال السوري. ولفت «المرصد» إلى أن هذا الأمر يترافق مع فوضى أمنية سببها تنظيم داعش وخلايا نائمة تنفذ عمليات اغتيال وقتل واختطاف وإعدام بحق مقاتلين ومدنيين وقادة.
وربط «المرصد» بين هذا الاتفاق والمعلومات التي لفتت إلى تسليم الفصائل المعارضة للقوات التركية، نقاطاً ومواقع على الشريط الحدودي بين سوريا والجانب التركي، في أعقاب تمكن القوات التركية خلال الأسابيع والأشهر الفائتة من تثبيت 12 نقطة عسكرية رئيسية في سوريا، ضمن محافظات إدلب وحماة وحلب، فيما يجري هذا كله بتوافق روسي - تركي، يمنح الفرصة لإنهاء قضية إدلب، وحل الأمر فيها، مع محاولة تركية للحيلولة دون تنفيذ الروس والنظام للعملية العسكرية التي يلوحان بها ضد الفصائل العاملة في إدلب والشمال السوري.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم