بعد قطيعة 15 عاماً... الرئيس الصومالي في إريتريا

مايك بينس التقى في واشنطن مع آبيي أحمد... وأكد شراكة طويلة مع إثيوبيا

صورة وزعتها وزارة الإعلام الإريترية للقاء أفورقى مع فرماجو فى أسمرة
صورة وزعتها وزارة الإعلام الإريترية للقاء أفورقى مع فرماجو فى أسمرة
TT

بعد قطيعة 15 عاماً... الرئيس الصومالي في إريتريا

صورة وزعتها وزارة الإعلام الإريترية للقاء أفورقى مع فرماجو فى أسمرة
صورة وزعتها وزارة الإعلام الإريترية للقاء أفورقى مع فرماجو فى أسمرة

في خطوة تطبيعية جديدة، تشهدها العلاقات الدبلوماسية في منطقة القرن الأفريقي المضطربة، وصل الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو إلى العاصمة الإريترية، أسمرة، لفتح صفحة جديدة في العلاقات معها، بعد قطيعة دبلوماسية استمرت لخمس عشرة سنة.
وتأتي خطوة الرئيس الصومالي بعد أيام من تقارب بين إريتريا وإثيوبيا تجلَّى في توقيع إعلان مشترك في التاسع من يوليو (تموز) أنهى نحو عقدين من حال الحرب بين البلدين منذ نزاعهما الأخير بين 1998 و2000.
وحظي فرماجو، باستقبال شعبي ورسمي حافل، خلال زيارته الرسمية التي تستمر 3 أيام. وخرج مئات من الإريتريين إلى شوارع العاصمة، رافعين أعلام البلدين، وصور الرئيسين ترحيباً بفرماجو والوفد المرافق له، قبل أن يشرع على الفور في إجراء محادثات مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وقال المتحدث باسم الرئيس الصومالي عبد النور محمد، على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن «الصومال مستعد لكتابة فصل جديد من علاقاته مع إريتريا... إن التعاون الإقليمي هو مفتاح التقدم في القرن الأفريقي».
وأوضح وزير الإعلام الإريتري يمانى جبر ميسكيل، أن الزعيمين عقدا قمة في مستهل المحادثات، مشيراً إلى أن الوفد المرافق للرئيس الصومالي يضم وزراء الإعلام والثقافة والسياحة والمواصلات والخارجية، ومن المقرر أن يزور فرماجو عدة مدن ومواقع خلال جولته. وعلّق سفير إريتريا لدى اليابان استيفانوس أفورقي، على الزيارة، وقال عبر حسابه على «تويتر» إن «رياح التغيير موجودة لتبقى في القرن الأفريقي».
وتوترت العلاقات بين البلدين بسبب اتهام أسمرة بدعم حركة الشباب المرتبطة بـ«القاعدة»، التي تسعى إلى إسقاط الحكومة الصومالية. وبسبب هذه الاتهامات، فرضت الأمم المتحدة عقوبات على إريتريا منذ 2009 تشمل تجميد أصول ومنع مسؤولين سياسيين وعسكريين من السفر، إضافة إلى حظر على الأسلحة. لكن أسمرة نفت هذه الاتهامات على الدوام وأظهرت التقارير الأخيرة لخبراء أمميين أنه لا دليل عليها.
وطلبت إثيوبيا رسمياً من الأمم المتحدة، قبل أيام رفع العقوبات عن إريتريا، ولمح الأمين العام أنطونيو غوتيريش إلى أن هذه العقوبات قد لا تكون مبررة بعد اليوم.
من جهة أخرى، أكد نائب الرئيس الأميركي مايك بينس، لدى لقائه في البيت الأبيض بالعاصمة الأميركية واشنطن مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد على شراكة الولايات المتحدة الطويلة مع شعب إثيوبيا.
وأشاد مايك بما وصفه بـ«جهود الإصلاح التاريخية» التي قام بها أحمد منذ تولي مهام منصبه رئيساً للحكومة الإثيوبية في أبريل (نيسان) الماضي، بما في ذلك تحسين احترام حقوق الإنسان وإصلاح بيئة الأعمال التجارية وإحلال السلام مع دولة إريتريا.
وطبقاً لبيان وزَّعه مكتب آبيي أول من أمس، فقد شجع مايك أيضاً القيادة الإثيوبية على الاستمرار في حل النزاعات الإقليمية في القرن الأفريقي وتعزيز التجارة والاستثمار بين الولايات المتحدة وإثيوبيا.
وقالت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية إن الطرفين أكدا على القيم المشتركة بينهما والتزامهما ببناء شراكة أقوى في الأيام المقبلة. واعتبر أحمد في كلمة ألقاها أمام تجمع لمسلمي إثيوبيا في أميركا الشمالية بولاية فرجينيا، أن المثل العليا للحب والغفران والمصالحة أساس لتحقيق السلام والديمقراطية والازدهار في إثيوبيا.
إلى ذلك، قالت السلطات المحلية إنه سيتم اليوم، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا تشييع جنازة مدير مشروع سد النهضة المهندس الراحل سيمجنيو بيكيلي. وقالت اللجنة المنظمة للجنازة إنها ستتم في كاتدرائية في أديس أبابا، في الواحدة بعد الظهر بحضور عائلاته وأقاربه والمسؤولين الحكوميين، مشيرة إلى أن مراسم الدفن ستتم بشكل مميز باعتبار بيكيلي أحد أبرز المناضلين من أجل التنمية.
ويطالب مئات من الإثيوبيين بالقصاص لمقتل بيكيلي مدير مشروع سد النهضة، الذي يتكلف أربعة مليارات دولار، فيما بدا أنها عملية قتل رمياً بالرصاص قد تكون لها تداعيات سياسية على حكومة رئيس الوزراء آبيي أحمد.
وعثرت السلطات بيكيلي مقتولاً في سيارته، الخميس الماضي، داخل سيارته في الميدان الرئيسي في العاصمة، حيث كان مصاباً بطلق ناري في الرأس ما أثار احتجاجات شعبية.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.