ألف نازح سوري يعودون من شبعا إلى بلدهم

الأمن العام اللبناني أكد أن {لا عودة لمن قد يتم توقيفه}

عائلات سورية تنتظر عند نقطة العبور في منطقة المصنع اللبنانية (ا ف ب)
عائلات سورية تنتظر عند نقطة العبور في منطقة المصنع اللبنانية (ا ف ب)
TT

ألف نازح سوري يعودون من شبعا إلى بلدهم

عائلات سورية تنتظر عند نقطة العبور في منطقة المصنع اللبنانية (ا ف ب)
عائلات سورية تنتظر عند نقطة العبور في منطقة المصنع اللبنانية (ا ف ب)

انطلقت أمس القافلة الثانية من النازحين السوريين من بلدة شبعا في جنوب شرقي لبنان والبقاعين الغربي والأوسط إلى سوريا، عبر نقطة المصنع اللبنانية، بإشراف الأمن العام اللبناني الذي أعلن مديره العام اللواء عباس إبراهيم أن «الآلية التي اتبعها الأمن العام هي المتبعة تجاه أي طرف كان»، مشدداً على «أننا مصرون على عدم عودة أي نازح إلى سوريا قد يتم توقيفه»، مؤكداً أن «كل النازحين العائدين ليس لديهم مشاكل لا أمنية ولا قضائية في سوريا».
وعاد نحو ألف نازح من البقاعين الأوسط والغربي ومن شبعا وقرى العرقوب عبر معبر المصنع الحدودي، بحسب ما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية. وبعد اكتمال الاستعدادات اللوجيستية، انطلقت 35 حافلة تُقل النازحين باتجاه سوريا سالكة طريق شبعا راشيا - الوادي - المصنع. وكانت الباصات قد وصلت ظهراً إلى بلدة شبعا لنقل نازحين إليها كانوا وصلوها في العامين 2012 و2013 عبر الوديان والتلال المشرفة عليها من بيت جن السورية ومزرعة بيت جن.
وكان العائدون الذين تم تسجيل أسمائهم والتدقيق فيها ورفعها إلى السلطات السورية التي وافقت عليها، تجمعوا في ثانوية شبعا منذ الصباح الباكر يحملون أمتعتهم وبعض المقتنيات وسط انتشار للجيش اللبناني والقوى الأمنية في محيط الثانوية وعلى الطريق المؤدية إليها وفي حضور مسؤولين في جمعيات الأمم المتحدة الذين استفسروا من النازحين حول العودة وسجلوا ملاحظاتهم، مشيرين إلى أن دورهم يقتصر على المراقبة.
وواكب المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عملية استعداد النازحين للعودة وتفقد ثانوية شبعا. وقال اللواء إبراهيم إنه بتكليف من الرؤساء الثلاثة مستمر في عمله لإعادة النازحين بمواكبة المبادرة الروسية، وأضاف: «نحن نسير وفق الآلية التي وضعناها، وندعو النازحين الراغبين طوعاً في العودة إلى الإقبال بكثافة على مراكز الأمن العام لتسجيل أسمائهم، ولسنا المسؤولين عن التأخير، فقد أرسلنا عدداً كبيراً من أسماء النازحين إلى سوريا ونحن بانتظار الموافقة على عودتهم».
ولفت إبراهيم إلى «أننا مصرون على عدم عودة أي نازح إلى سوريا قد يتم توقيفه، كل النازحين العائدين ليس لديهم مشاكل لا أمنية ولا قضائية في سوريا، وتعود أسباب تأجيل عودة البعض إلى تسوية أوضاعهم مع السلطات السورية، والموضوع ليس له علاقة بحرية الرأي إنما له علاقة ببعد أمني وقضائي في سوريا».
وقال: «دور منظمة الأمم المتحدة التأكد من طوعية عودة هؤلاء النازحين، وتبلغت من مندوب إحدى الجمعيات أن العائدين مرتاحون ومعنوياتهم عالية وتواصلوا مع من سبقهم من العائدين إلى بيت جن وهم شجعوهم على العودة»، لافتاً إلى أن «الآلية التي اتّبعها الأمن العام هي الآلية التي سيتم العمل عليها مع أي طرف كان، أكان روسيا أو غير روسي»، مؤكدا «أن هناك تسهيلات من الدولة السورية»، مضيفاً: «لو كان لدى السوريين نوايا سيئة، لا سمح الله، لكانوا وافقوا على عودتهم ومن ثم عمدوا إلى توقيف المطلوبين منهم». وقال: «نحاول بالتنسيق مع السوريين عدم إرسال المطلوبين بغية تشجيع الآخرين على العودة، وفي النهاية نحن نعمل على تسوية المطلوبين للقضاء أو للأمن، وفي البداية كان الكثير منهم من المطلوبين وسُوّيت أوضاعهم».
وكانت 3 حافلات وصلت ظهراً إلى نقطة المصنع الحدودية لتقل النازحين السوريين من البقاعين الأوسط والغربي ممن يرغبون في العودة الطوعية إلى قراهم، ويبلغ عددهم 134 نازحاً بحسب لوائح الأمن العام اللبناني.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.