25 ألفاً من شباب الغوطة في «مراكز اعتقال»... وقوائم إضافية لسجناء ماتوا تحت التعذيب

النظام وضع رجال شرق دمشق تحت حراسة مشددة تمهيداً لزجهم في معركة إدلب

TT

25 ألفاً من شباب الغوطة في «مراكز اعتقال»... وقوائم إضافية لسجناء ماتوا تحت التعذيب

أفاد نشطاء سوريون معارضون بتسلم أهالي معتقلين في سجون النظام السوري وثائق تفيد بمقتل السجناء «تحت التعذيب»، في وقت يحتجز النظام السوري آلافاً من رجال وشباب الغوطة الشرقية لدمشق في معتقلات تحت مسمى «مراكز إيواء»، وسط تعتيم كبير من قبله على أماكن وجودهم وأوضاعهم، ذلك بهدف سوقهم إلى الخدمتين الإلزامية والاحتياطية للقتال إلى جانب جيشه.
وخرج بين 5 مارس (آذار) و15 أبريل (نيسان) الماضيين أكثر من 158 ألف شخص من مدن وبلدات وقرى الغوطة، وذلك بحسب إحصاءات نشرها مكتب «الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية» (أوتشا) في سوريا؛ نحو 66369 ألفاً منهم رفضوا «التسوية» وغادر إلى محافظات الشمال الواقعة تحت سيطرة المعارضة، والباقي 92 ألفاً خرجوا عبر الممرات الآمنة التي أقامها المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتنازعة في سوريا، وتوزعوا ما بين مراكز الإيواء التي أقامتها حكومة النظام في محيط الغوطة.
وأقامت حكومة النظام مراكز الإيواء في مناطق «حرجلة، ونجها، والدوير، وعدرا تجمع المدارس، وعدرا معهد الكهرباء، والنشابية، والفيحاء، وأكرم أبو نصر»، ولاحقاً جرى افتتاح مراكز «اليادودة، وشركة الكرنك للنقل، والعدية، وبدره، والبويضة»، وجميعها بريف دمشق.
ووصف نشطاء حينها مراكز الإيواء بـ«المأساوية»، حيث الاكتظاظ السكاني وانعدام المعايير الأساسية وتراجع البنية التحتية الضرورية لخدمة آلاف الأشخاص. وتحدثت مصادر أهلية من الغوطة الشرقية لـ«الشرق الأوسط»، بأن أكثر من 60 ألفاً من أصل الـ92 ألفاً خرجوا من مراكز الإيواء حينها عبر «نظام الكفيل»، وغالبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ إلى مناطق الريف المجاور مثل قطنا والتل وجرمانا، ووصل عدد منهم إلى محافظة السويداء.
وبحسب المصادر، يترتب على الكفيل «التعهد بإيواء الخارج على مسؤوليته، وفي حال طلب الشخص ولم يتم إيجاده في عهدة الكفيل يصار إلى إلقاء القبض على الكفيل». وأوضحت المصادر أن حكومة النظام لجأت إلى «نظام الكفيل» بهدف تسريع إخلاء النازحين من مراكز الإيواء وعودتهم إلى منازلهم أو الانتقال إلى مناطق سيطرة النظام، لعدم قدرتها على تلبية احتياجات آلاف النازحين.
وتابعت أن من تبقى في مراكز الإيواء هم من الرجال والشباب ممن اضطرهم النظام إلى توقيع «تسويات» لهم، بعد إجراء دراسات أمنية دقيقة حولهم، ويتراوح عددهم بين 25 إلى 30 ألفاً، ليسمح بعد ذلك للرجال بعمر 51 عاماً بالخروج من بعض المراكز، على حين رفع العمر إلى 55 في مراكز أخرى، ليتبقى محتجزاً في تلك المراكز ما بين 20 إلى 25 ألفاً.
وقالت: «من تبقى هم بحكم المعتقلين (من قبل النظام) ومن غير المعروف حالياً أماكن اعتقالهم، ولكن من المرجح أنه جرى تجميعهم في عدد قليل من المراكز، لا يعرف أي من ذويهم مكانها، ولم يتم التواصل مع أحد منهم على الإطلاق، ويُعتقد أن النظام يعتبرهم من المتخلفين عن الخدمتين الإلزامية والاحتياط». وبعد أن أشارت المصادر إلى أن بنود اتفاقات «التسوية» التي وقعتها فصائل الغوطة الشرقية مع النظام نصت على «عدم تجنيد المسلحين والمدنيين الراغبين في تسوية أوضاعهم في صفوف الجيش لمدة 6 أشهر بعد انسحاب عناصر الفصائل»، ذكرت أن عملية اعتقال هؤلاء من قبل النظام تهدف إلى انتهاء فترة الـ6 أشهر التي تضمنتها اتفاقات «التسوية»، ليصار بعد ذلك إلى سوقهم للخدمتين الإلزامية والاحتياط.
وأعربت المصادر عن اعتقادها، بأن «احتجاز هؤلاء من قبل النظام وعدم السماح لهم بمغادرة مراكز الإيواء، بسبب تخوفه من فرارهم، خصوصاً أن عددهم ليس قليلاً، وسيشكلون رافداً جيداً لجيشه في معركة إدلب المقبلة»، لافتة إلى أن مثل هؤلاء يزج بهم في الصفوف الأولى على الجبهات.
على صعيد آخر، أفادت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» أنه من خلال تواصلها مع عائلة الضحية يحيى شربجي أنه في 23 يوليو (تموز) الحالي و«لدى إجراء ذويه معاملة استخراج بيان قيد عائلي من دائرة السجل المدني في مدينة داريا بمحافظة ريف دمشق تمَّ إخبارهم من قبل الموظف هناك أنَّ ابنهم مسجَّل في السجل المدني على أنه متوفى». وتابعت: «صُعقت العائلة لهذا الخبر، وخصوصاً أنه قد كتب أسفل اسم يحيى أنه متوفى في 15 يناير (كانون الثاني) 2013 دون وجود أيَّة تفاصيل عن مكان الوفاة أو سببها. وحصلت الشبكة على نسخة من بيان القيد العائلي نحتفظ به ضمن سجلاتنا، وكحال عشرات آلاف العائلات السورية لم تتمكن عائلته من اتخاذ أية إجراءات قانونية لمعرفة أسباب وفاته أو مجرد الحصول على جثَّته، لأن النظام السوري يرفض تسليم الجثث بشكل قاطع، ولا تعلم الشبكة السورية لحقوق الإنسان مصير مئات آلاف الجثث ولا طريقة إخفائها».
وأخبرت عائلة يحيى «الشبكة» أنَّ عناصر من «فرع المخابرات الجوية قامت باعتقال محمد شقيق يحيى - علمت العائلة بوفاة محمد قبل نحو شهر من وفاة يحيى، عبر دائرة السجل المدني أيضاً -، وأجبرته على الاتصال به، وإخباره أنه مصاب في منطقة صحنايا بمحافظة ريف دمشق، وأنَّ عليه القدوم لإسعافه، ولدى ذهاب يحيى إلى المكان الذي حدَّده له شقيقه، تبيَّن له أنه كمين وقامت المخابرات الجوية باعتقاله، وكان برفقته الناشط غياث مطر، ذلك منذ 6 سبتمبر (أيلول) 2011، أما غياث مطر فقد قتله النظام السوري وسلَّم جثته وعليها آثار تعذيب بربري إلى عائلته بعد أربعة أيام فقط، فيما ظلَّ مصير يحيى شربجي مجهولاً منذ ذلك التاريخ».
ومنذ مايو (أيار) سجلت «الشبكة» قيام النظام السوري بـ«تسجيل مختفينَ قسرياً على أنَّهم متوفون في دوائر السِّجل المدني وبلغ عدد الحالات الموثَّقة لدينا حتى لحظة إصدار هذا البيان 343 حالة بينهم 8 أطفال».
وأفادت عدة مصادر عن وصول قوائم مماثلة للسجل المدني في حلب (550 معتقلا) والحسكة (750) ومعضمية الشام قرب دمشق (80 اسماً). وقالت صفحة «تنسيقية أهالي داريا في الشتات» على «فيسبوك»: «هناك أسماء 68 معتقلاً تسلم ذووهم وثائق تؤكد وفاتهم تحت التعذيب في سجون النظام، من أصل ألف اسم أرسلته الأفرع الأمنية قبل أيام للسجل المدني في داريا، على أن يكون هُناك قائمة ثانية سترسل بعد فترة».



هل تعتزم مصر المطالبة بتسليمها أحمد المنصور؟

المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)
المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)
TT

هل تعتزم مصر المطالبة بتسليمها أحمد المنصور؟

المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)
المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)

قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن هناك أمر ضبط وإحضار صادراً من السلطات القضائية بمصر ضد المصري أحمد المنصور الذي أطلق تهديدات لبلاده من سوريا، وأفادت الأنباء بالقبض عليه من جانب السلطات الأمنية بدمشق.

ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن مصدر بوزارة الداخلية السورية، الأربعاء، أن السلطات الحاكمة الجديدة في سوريا ألقت القبض على المنصور عقب بثه تسجيلات هدد وأساء فيها للسلطات المصرية، ودعا لاحتجاجات.

وكان المنصور أثار جدلاً واسعاً بعد ظهوره في مقطع فيديو مصور وخلفه علم مصر القديم قبل ثورة «23 يوليو»، وبجواره شخصان ملثمان، معلناً تأسيس حركة مسلحة باسم «ثوار 25 يناير»، وهدد بإسقاط النظام المصري بقوة السلاح أسوة بما حدث في سوريا.

دعوة أحمد المنصور قوبلت بالرفض حتى من معارضين مصريين، الذين وصفوها بأنها تسيء لسلمية ثورة 25 يناير 2011.

ومن خلال بحث قامت به «الشرق الأوسط»، لم تتوصل لأحكام قضائية مسجلة ضد أحمد المنصور سواء بتهم إرهابية أو جنائية. فيما أوضح المصدر المصري المطلع أن سلطات التحقيق أصدرت أمر ضبط وإحضار للمنصور بتهمة الانضمام لجماعات إرهابية مسلحة والتحريض على قلب نظام الحكم بقوة السلاح وتهديد الأمن القومي المصري، ويجري تجهيز ملف لطلب تسلمه من السلطات في سوريا.

وبحسب المصدر فليس شرطاً وجود أحكام قضائية لطلب تسليم المنصور من سوريا، بل يكفي وجود قرارات بضبطه للتحقيق معه خاصة حينما يتعلق الأمر باتهامات جنائية وليست سياسية.

وفي تقدير البرلماني المصري مصطفى بكري، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن «السلطات السورية لن تسلم أحمد المنصور لمصر، هي فقط ألقت القبض عليه لمنعه من الإساءة للسلطات في مصر لأنها لا تريد صداماً مع القاهرة».

إلا أن الإعلامي والناشط السوري المقرب من الإدارة الجديدة بدمشق عبد الكريم العمر قال لـ«الشرق الأوسط» إن «السلطات السورية الحالية لديها حرص على عدم تحويل سوريا الجديدة كمنطلق تهديد لأي دولة، كما أنها حريصة على العلاقة مع مصر».

وأشار إلى «أنه لا يعلم ما إذا كانت هناك نية لدى الإدارة في سوريا لتسليم المنصور لمصر من عدمه، ولكن المؤكد أنها حريصة على التقارب مع القاهرة».

وبحسب تقارير إعلامية محلية فإن المنصور من مواليد محافظة الإسكندرية، لكنه يتحدر من محافظة سوهاج، وانضم إلى «حركة حازمون»، التي أسسها القيادي السلفي المسجون تنفيذاً لأحكام قضائية حازم صلاح أبو إسماعيل.

كما شارك أحمد المنصور في اعتصامي «رابعة» و«النهضة» لأنصار الرئيس «الإخواني» الراحل محمد مرسي عام 2013، وعقب سقوط «حكم الإخوان» فر من مصر وانضم إلى «جيش الفتح» و«هيئة تحرير الشام» في سوريا، وبعد سقوط نظام بشار الأسد بدأ في بث مقاطع فيديو يهاجم فيها الدولة المصرية.