تباين روسي ـ فرنسي حول شروط الإعمار

TT

تباين روسي ـ فرنسي حول شروط الإعمار

ظهر تبابين في مجلس الأمن الدولي بين روسيا وفرنسا إزاء شروط المساهمة في إعمار سوريا، إذ دعت موسكو القوى العظمى الجمعة إلى إنعاش اقتصاد سوريا وعودة اللاجئين.
ودعا مساعد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي إلى رفع العقوبات الأحادية المفروضة على دمشق، وقال إن الدول يجب ألا تربط المساعدة بمطالبها بإجراء تغييرات سياسية في نظام بشار الأسد.
ويعتبر مراقبون أن التدخل العسكري الروسي لدعم نظام الأسد في 2015 كان نقطة التغيير في مسار النزاع الذي راح ضحيته أكثر من 350 ألف شخص وأدى إلى نزوح الملايين.
وقال بوليانسكي أمام مجلس الأمن الدولي إن «إنعاش الاقتصاد السوري» يشكل «تحديا حاسما» بينما تعاني سوريا من نقص حاد في مواد البناء والآليات الثقيلة والمحروقات لإعادة بناء مناطق بأكملها دُمرت في المعارك. وأضاف: «سيكون من الحكمة لكل الشركاء الدوليين الانضمام إلى المساعدة في جهود تعافي سوريا والابتعاد عن الربط المصطنع بالضغط السياسي».
لكن فرنسا قالت بوضوح إنه لن يتم تخصيص مساعدات لإعادة إعمار سوريا ما لم يوافق الأسد على مرحلة انتقالية سياسية تشمل صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات.
وكانت ثماني جولات من مفاوضات السلام حول سوريا أخفقت في تحقيق أي اقتراح بينما بدأت لجنة مدعومة من روسيا بإعادة صياغة الدستور السوري.
ومنذ فشل الجولة الأخيرة لمحادثات السلام في ديسمبر (كانون الأول)، استعاد قوات النظام السوري الغوطة الشرقية بالقرب من العاصمة دمشق والجزء الأكبر من محافظة درعا في الجنوب.
ورأى السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر في مجلس الأمن أن الأسد يحقق «انتصارات من دون سلام»، مشددا على الحاجة إلى محادثات سياسية حول تسوية نهائية. وقال: «لن نشارك في إعادة إعمار سوريا ما لم يجر انتقال سياسي فعليا بمواكبة عمليتين دستورية وانتخابية (...) بطريقة جدية ومجدية». وأضاف أن انتقالا سياسيا هو شرط «أساسي» للاستقرار، مؤكدا أنه من دون استقرار «لا سبب يبرر لفرنسا والاتحاد الأوروبي تمويل جهود إعادة الإعمار». وكانت روسيا قدمت خلال الشهر الحالي مقترحات لإعادة اللاجئين السوريين من الأردن وتركيا ولبنان ومصر تتطلب دعما ماليا دوليا.
وتبنى النظام السوري نصا تشريعيا هو «القانون رقم 10» أثار جدلا وانتقادات ووقعه الرئيس السوري في أبريل (نيسان). وهو يسمح للحكومة بـ«إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر» أي إقامة مشروعات عمرانية في هذه المناطق، على أن يُعوَّض أصحاب الممتلكات بحصص في هذه المشروعات إذا تمكنوا من إثبات ملكياتهم.
وعبر خبراء عن خشيتهم من ألا يتمكن كثيرون من إثبات ملكيتهم لعقارات معينة، بسبب عدم تمكنهم من العودة إلى مدنهم أو حتى إلى سوريا أو لفقدانهم الوثائق الخاصة بالممتلكات أو وثائقهم الشخصية.
ورد بوليانسكي على الانتقادات لهذا القانون. وقال إن هذا الإجراء استهدفته «حملة إعلامية»، مؤكدا أن السلطات السورية مستعدة لإجراء محادثات مع خبراء من الأمم المتحدة حول هذه المسألة.
وستبحث مسألة عودة اللاجئين في اجتماع الأسبوع المقبل في مدينة سوتشي الروسية تشارك فيه روسيا وتركيا وإيران.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.