وفد كردي «يجسّ نبض» دمشق: الخدمات قبل معابر الحدود

واشنطن شجعت «مجلس سوريا الديمقراطي» على التفاوض... وصالح مسلم يتمسك بوجود ضامن دولي لأي اتفاق

مقاتلون أكراد في الرقة (رويترز) - (في الإطار) الهام أحمد (رويترز)
مقاتلون أكراد في الرقة (رويترز) - (في الإطار) الهام أحمد (رويترز)
TT
20

وفد كردي «يجسّ نبض» دمشق: الخدمات قبل معابر الحدود

مقاتلون أكراد في الرقة (رويترز) - (في الإطار) الهام أحمد (رويترز)
مقاتلون أكراد في الرقة (رويترز) - (في الإطار) الهام أحمد (رويترز)

كشفت الجولة الاستطلاعية لوفد من «مجلس سوريا الديمقراطي»، الذراع السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية المدعومة من واشنطن، إلى دمشق اختلاف الأولويات بين الطرفين بين تركيز الحكومة على استعادة البوابات الحدودية وإرسال الأمن إلى شرق نهر الفرات وتركيز الفريق الآخر على استعادة الخدمات والمرحلية في التعاون.
وبحسب المعلومات المتوفرة لـ«الشرق الأوسط»، فإن وفد «مجلس سوريا الديمقراطي» الذي ترأسته رئيسة الهيئة التنفيذية إلهام أحمد وصل إلى دمشق الأربعاء وعقد الخميس لقاءات فردية مع «شخصيات في الحكومة» قبل أن يعقد أمس «أول جلسة رسمية مع وفد حكومي يضم ممثلين من الحكومة والجيش والأمن».
وكان «مجلس سوريا الديمقراطي»، بحسب المعلومات، التقى مع المبعوث الأميركي في التحالف الدولي ضد «داعش» بريت ماكغورك وأبلغه نيته «التفاوض» مع دمشق وأن ماكغورك لم يمانع ذلك، بل اقترح التركيز على استعادة الخدمات في المرحلة الراهنة.
وتسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» التي تعد «وحدات حماية الشعب» الكردية عمودها الفقري على نحو ثلث مساحة البلاد البالغة 185 ألف كيلومتر مربع، لتكون بذلك ثاني قوة مسيطرة على الأرض بعد الجيش السوري.
وبعد عقود من التهميش، تصاعد نفوذ الأكراد مع انسحاب قوات النظام تدرجياً من مناطقها في العام 2012. ليعلنوا لاحقاً الإدارة الذاتية ثم النظام الفيدرالي قبل نحو عامين في «روج أفا» (غرب كردستان) ويضم الجزيرة (محافظة الحسكة)، والفرات (شمال وسط، تضم أجزاء من محافظة حلب وأخرى من محافظة الرقة)، وعفرين (شمال غرب، تقع في محافظة حلب). بعدها، خفضوا السقف إلى «فيدرالية الشمال» في مناطق تحررت من «داعش» بدعم التحالف الدولي.
وحصلت مواجهات محدودة بين قوات النظام والمقاتلين الأكراد، لكن دمشق ترفض الإدارة الذاتية وتقترح نموذج اللامركزية وفق القانون 107. وتحدث الرئيس بشار الأسد في مايو (أيار) الماضي عن خيارين للتعامل مع شرق سوريا: «الأول أننا بدأنا الآن بفتح الأبواب أمام المفاوضات. وإذا لم يحدث ذلك، سنلجأ إلى تحرير تلك المناطق بالقوة... بوجود الأميركيين أو بعدم وجودهم».
«كابوس درعا»
لا شك أن عدم قيام واشنطن بالكثير لدعم مقاتلي «الجيش السوري الحر» في درعا «مهد الثورة» جنوب البلاد من جهة وحديث الرئيس دونالد ترمب عن الانسحاب من شمال شرقي سوريا بعد القضاء على «داعش» (يسيطر على 3 في المائة من الأرض) من جهة ثانية وعدم دعم الأكراد ضد تركيا لدى موافقة روسيا للجيش التركي بالدخول إلى عفرين من جهة ثالثة، أمور شجعت الأكراد و«سوريا الديمقراطي» للتفاوض مع دمشق.
وجاء التفاهم التركي - الأميركي حول منبج قرب حلب وإخراج «وحدات حماية الشعب» منها ليزيد توجه الأكراد نحو العاصمة السورية التي كانت بالأصل تقيم علاقات جيدة مع «حزب العمال الكردستاني» بزعامة عبد الله أوجلان، الحليف الرئيسي لـ«وحدات الحماية» وذراعها السياسية «الاتحاد الديمقراطي الكردي».
وأوضح الرئيس السابق لـ«الاتحاد الديمقراطي» صالح مسلم لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة وفد «مجلس سوريا الديمقراطي» برئاسة إلهام أحمد «جاءت بناء على طلب دمشق ونريد جس النبض واستطلاع إمكانات التفاوض» بحيث يتم بعد ذلك الدخول في «مفاوضات جدية حول سوريا المستقبل. لدينا نموذج وهو الإدارات المحلية ونريد تعميم هذا النموذج والتفاوض حول النماذج المتوفرة: الفيدرالية، الإدارات المحلية، اللامركزية، الدستور الجديد»، لافتا إلى أن «أي اتفاق يعقد يجب أن يكون له ضامن دولي لأن النظام يريد التلاعب وفرض الاستسلام كما حصل في درعا ومناطق أخرى، وهذا لن يتم معنا لأننا أقوياء باعتمادنا على أنفسنا وخبرتنا».
من جهته، أكد الرئيس المشترك لـ«مجلس سوريا الديمقراطي» رياض درار لـ«الشرق الأوسط» أن الوفد موجود «بناء على طلب دمشق للوصول إلى تفاهمات حول الخدمات أولا ثم الانتقال إلى مرحلة ثانية تتناول مسائل أكبر بعد اتخاذ إجراءات بناء الثقة»، قائلا ردا على سؤال أن «العلم السوري موجود أصلا في مربعين أمنيين في القامشلي والحسكة»، أي على بعد مئات الأمتار من مقرات ومعسكرات للجيش الأميركي والتحالف الدولي.
وقال قيادي آخر في «مجلس سوريا الديمقراطي» مطلع على المحادثات الأولية في دمشق أنه كانت هناك تفاهمات كي ترسل دمشق مهندسين وفنيين وعمالا لتشغيل وتصليح سد الفرات «لكن دمشق أصرت على إرسال الحماية الأمنية مقابل رفض قوات سوريا الديمقراطية ومجلس الطبقة المحلي بسبب وجود شرطة محلية هي اسايش، وتعطلت العملية فجرى الذهاب إلى عقد محادثات في العاصمة».
وبحسب القيادي، فإن الوفد يركز على «أولوية استعادة الخدمات: كهرباء، تعليم، النفوس، الصحة بحيث يتم إصلاح العنفات السبع في سد الفرات وإعمار المدارس وتشغيلها واستعادة النفوس والسجلات المدنية عملها. وتكون هذه الأمور بمثابة إجراءات للثقة ثم ننتقل للمرحلة الثانية وتتضمن تسليم المعابر الحدودية والوجود الأمني».
ويقع في مناطق «قوات سوريا الديمقراطية» معبران رسميان هما: اليعربية مع العراق ونصيبين مع تركيا ومعبران غير رسميين سمالكة مع كردستان العراق ورأس العين مع تركيا. وأوضح القيادي: «يجري التفاوض حولهما بعد المرحلة الأولى».
وكان «مجلس سوريا الديمقراطي» عقد في الطبقة مؤتمرا موسعا قبل أيام، تتضمن تشكيل إدارة تنسيقية لتحقيق التكامل بين المحافظات الثلاث، الرقة والحسكة ودير الزور (تسيطر على مدينة دير الزور قوات الحكومة وتسيطر على الريف قوات سوريا الديمقراطية). كما أيد «المجلس» التفاوض مع دمشق.
وبحسب تصور «مجلس سوريا»، فإن المرحلة اللاحقة من المفاوضات ستتناول مستقبل سوريا والنظام السياسي «حيث سيقبل بضغط أميركي - روسي التخلي عن صلاحياته المركزية إلى الأطراف وصولا إلى نموذج الفيدرالية أو الإدارات المحلية، علما بأن دمشق تتمسك باللامركزية الصارمة».



تحذيرات من عواقب إنسانية جرَّاء التصعيد العسكري في اليمن

تراجع كبير شهدته المساعدات الغذائية في اليمن (أ.ف.ب)
تراجع كبير شهدته المساعدات الغذائية في اليمن (أ.ف.ب)
TT
20

تحذيرات من عواقب إنسانية جرَّاء التصعيد العسكري في اليمن

تراجع كبير شهدته المساعدات الغذائية في اليمن (أ.ف.ب)
تراجع كبير شهدته المساعدات الغذائية في اليمن (أ.ف.ب)

في حين دقت منظمات دولية ناقوس الخطر بسبب ارتفاع معدلات انتشار سوء التغذية الحاد في عدة مناطق يمنية بصورة تبعث على القلق، حذَّرت من عواقب التصعيد العسكري الأخير في اليمن.

وأكدت اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» أن أي تصعيد إضافي قد يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعانيها اليمنيون جراء النزاع المستمر منذ أكثر من 10 سنوات.

ودعت اللجنة كافة الأطراف إلى وضع حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية على رأس أولوياتها، مؤكدة ضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات لتجنب إزهاق أرواح المدنيين والإضرار بالأعيان المدنية، وفقاً لأحكام القانون الدولي الإنساني.

وتقول اللجنة إنها تواصل استجابتها للاحتياجات الإنسانية الملحَّة؛ إذ قدمت إمدادات طبية لدعم بعض المرافق الصحية، في إطار دورها بوصفها منظمة إنسانية محايدة ومستقلة.

إلى ذلك حذَّرت منظمة «أطباء بلا حدود» من مخاطر سوء التغذية في اليمن، ودعا مسؤولون في المنظمة (مكتب اليمن) المجتمع الدولي إلى تقديم دعم مالي أكبر، بعد انخفاض تمويل المساعدات الإنسانية، لافتين إلى أنَّ سوء التغذية بات منتشراً بنسبة أكبر ويبعث على القلق.

المخيمات في اليمن تفتقد الرعاية الصحية والمياه النظيفة والغذاء الكافي (الأمم المتحدة)
المخيمات في اليمن تفتقد الرعاية الصحية والمياه النظيفة والغذاء الكافي (الأمم المتحدة)

وتؤكد «أطباء بلا حدود» أن النساء والأطفال هم أكثر الفئات في اليمن الذين يعانون خطر سوء التغذية. لافتة إلى أن نسبة كبيرة من النساء الحوامل تعاني سوء التغذية ومن ظروف صحية صعبة، ما ينعكس سلباً على الأطفال اليمنيين حديثي الولادة.

وأفادت بأن معظم المراكز الصحية في اليمن لا تزال تعيش أوضاعاً صعبة، وتكتظ بالأطفال المحتاجين إلى كل أشكال الرعاية؛ حيث يعانون الإصابة بأمراض أخرى، منها: الحصبة والكوليرا والإسهال المائي الحاد؛ مؤكدة أنها تقدم خدماتها لليمنيين بنحو 13 محافظة من أصل 22.

وأدى تعليق المساعدات الغذائية وتخفيضها إلى زيادة الصعوبات المعيشية والصحية التي يواجهها اليمنيون في كافة المناطق.

حاجة ماسة

حسب «أطباء بلا حدود» فإن ثمَّة حاجة ماسة إلى مزيد من عمليات توزيع الأغذية الموجَّهة في اليمن، من أجل ضمان حصول النساء الحوامل والمرضعات، وكذلك الأطفال دون الخامسة، على التغذية التي يحتاجون إليها قبل أن تُهدَّد صحتهم.

وحذَّرت المنظمة في أحدث بياناتها، من استمرار عدم اتخاذ أي تدابير عاجلة لإنقاذ سكان اليمن الذين قد يواجهون مزيداً من المصاعب، في ظل نظام رعاية صحية منهك ومعدلات سوء تغذية متصاعدة.

وعلى صلة بالموضوع ذاته، أكدت منظمة «يونيسيف»، أن اليمن لا يزال يُسجل أعلى معدلات سوء التغذية على مستوى العالم؛ خصوصاً لدى الأطفال، ما يشكل تهديداً متزايداً لحياة مئات الآلاف منهم.

المخاطر في اليمن تتفاقم نتيجة انعدام خدمات الصحة الإنجابية (الأمم المتحدة)
المخاطر في اليمن تتفاقم نتيجة انعدام خدمات الصحة الإنجابية (الأمم المتحدة)

وأفادت المنظمة، في تقرير حديث لها، بأن الوصول إلى الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية في كثير من المناطق اليمنية لا يزال محدوداً وغير كافٍ، نتيجة للصراع والأزمة الاقتصادية المستمرين، مؤكدة أن ذلك أدى إلى تفاقم أزمة سوء التغذية بشكل كبير؛ حيث سُجلت أعلى المعدلات على مستوى العالم.

وذكرت «يونيسيف» أن الارتفاع الحاد في سوء التغذية يُعزى بشكل رئيسي إلى تفشي الكوليرا والحصبة، فضلاً عن ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي بشكل مستمر، الأمر الذي يؤثر على أكثر من 600 ألف طفل يمني، بمن فيهم 120 ألفاً يعانون سوء التغذية الحاد.

وكان تقرير أممي سابق قد ذكر أن أكثر من 17 مليون يمني يواجهون انعدام الأمن الغذائي، بينما 15.4 مليون شخص باتوا يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، بالإضافة إلى 20.3 مليون يفتقرون إلى الرعاية الصحية المناسبة.