كثرة انقطاع الكهرباء تدفع الليبيين إلى المطالبة بإسقاط السراج

TT

كثرة انقطاع الكهرباء تدفع الليبيين إلى المطالبة بإسقاط السراج

منذ أن حلّ فصل الصيف، بدأ عدد كبير من الليبيين يمضون غالبية أوقاتهم في الظلام الدامس، بسبب انقطاع التيار الكهربائي لمدد طويلة، في أزمة تضرب أنحاء البلاد المختلفة دون استثناء، ما دفع المواطنين للتظاهر في بعض المدن والمطالبة بإسقاط السراج، والتنديد بما وصفوه بـ«تردي الأوضاع»، وسط تبادل الاتهامات حول الجهة المسؤولة عن معاناتهم اليومية، في ظل أحاديث عن وجود «شبهة سياسية» تريد إبقاء الوضع «على ما هو عليه».
وأمام تصاعد الأزمة منذ نحو شهرين، لم تثلج تبريرات المسؤولين في الشركة العامة للكهرباء صدور المواطنين، الذين تساءل بعضهم في حديثهم إلى «الشرق الأوسط»: «هل كتب علينا ونحن في دولة غنية بالنفط أن نعيش 12 ساعة كل يوم في الظلام التام؟».
وتتلخص أسباب انقطاع التيار، من وجهة نظر بعض المسؤولين، في الاعتداءات على خطوط النقل ومحطات التحويل وسرقتها، أو عزوف الشركات الأجنبية عن إكمال مشروعات محطات التوليد المتوقفة بسبب الأوضاع الأمنية، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة؛ لكن مدونين ونشطاء ليبيون يحيلون الأمر إلى «أبعاد سياسية»، وتورط الميليشيات المسلحة في بعض جوانب الأزمة.
بدورها، تحدثت الشركة العامة للكهرباء في بياناتها المتتالية، أول من أمس، عن سرقة أكثر من نصف مليون محول كهربائي، إضافة إلى مليون ونصف المليون متر من الأسلاك النحاسية الناقلة للتيار في المنطقة الجنوبية؛ لكن خبراء الشركة قالوا إن المشكلة الأساسية في الشبكة العامة للكهرباء تتمثل في أضرار مادية جسيمة لحقت بالمنشآت الكهربائية، فيما تحدث آخرون عن الأوضاع الأمنية، التي تتسبب فيها الاشتباكات المسلحة، والتي دفعت بالشركات الأجنبية إلى العزوف عن مواصلة العمل في المشروعات المعطلة، بسبب تردي الأوضاع الأمنية في المنطقة الجنوبية.
من جانبه، أرجع مسؤول ليبي في قطاع الطاقة جانباً من أزمة انقطاع التيار إلى الانقسام الذي يضرب البلاد من نحو سبع سنوات، وما سماه «المناكفات السياسية» بين الأفرقاء في البلاد، مضيفاً أن «ليبيا الغنية بالنفط كتب عليها أن يعيش سكانها في الظلام».
وقال المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه: «نعم نعترف بتأثير الأوضاع الأمنية على انقطاع التيار؛ لكن أيضاً لدينا مشكلة في الاعتمادات المالية لتنفيذ مشروعات المحطات، التي تقدمت بها الشركة العامة للكهرباء ولم يستجب لها ديوان المحاسبة»، لافتاً إلى أن الأمر «له أبعاد سياسية»، بالإضافة إلى تحكم العناصر المسلحة في مقاليد الأمور في العاصمة.
وبداية الأسبوع الماضي، حمّل فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، ديوان المحاسبة في طرابلس جانباً من الأزمة، وذهب إلى أن رفض الديوان تنفيذ مشروعات المحطات التي تقدمت بها الشركة العامة للكهرباء منذ عام مضى «فاقم المشكلة».
وقال السراج في تصريحات صحافية: «لقد تم إيقاف الإجراءات من قبل الديوان، بحجة أن التمويل يأتي عن طريق صندوق الاستثمار الداخلي بطريقة الصكوك، وكانت وجهة نظره أن الأموال تخص الأجيال القادمة ولا يجب استعمالها... ولو بتّ الديوان في هذا الأمر أثناء عرضه منذ سنة لكانت المحطات جاهزة للعمل الآن، ولتجنبنا المعاناة الحالية».
وسبق للصحافي الليبي بشير زعبية، رئيس تحرير صحيفة «الوسط»، اقتراح «تشكيل لجنة دولية للتحقيق في الموضوع». وقال إن «أزمة الكهرباء هي ابنة أزمة السيولة أو أختها، وكلتاهما يعاني منهما المواطن حد الإذلال. فبسبب الأولى أجبر المواطن على أن يمضي ليله ونهاره في طابور أمام المصارف وآلات سحب عملة قد تأتي أو لا تأتي. وبسبب الثانية يقضي المواطن ليله ونهاره أيضاً شبه مشلول عن الحركة الطبيعية في انتظار كهرباء تأتي أو لا تأتي»، وإن أتت «فستعذبه أكثر لأنها لن تبقى طويلاً»، حسب تعبيره.
وتساءل زعبية: «طالما وصل الأمر إلى طلب لجنة تحقيق دولية بشأن الأولى ضمن الأزمة المالية العامة، فلماذا لا تتم الدعوة للجنة تحقيق دولية بشأن الثانية، ولتحقق في أسباب فشل حل أزمة انقطاع التيار منذ أكثر من خمس سنوات، رغم صرف الملايين لمعالجتها، والوصول إلى المسؤول عن تحويل حياة المواطن إلى جحيم، وما إذا كانت هذه الأسباب طبيعية أم ملوّثة بشبهة سياسية؟».
وفي مظاهرة نظمها رئيس وأعضاء مجلس حكماء وأعيان قبائل سرت، للتنديد بانقطاع التيار لمدد تصل إلى 12 ساعة بشكل يومي، قالوا في بيانهم إن انقطاع الكهرباء عن المدينة وضواحيها «متعمد من قبل إدارة التحكم بالشركة العامة للكهرباء».
واشتكي رئيس المجلس الشيخ مفتاح المعداني، مما سماه «الظلم في عدم المساواة بين المدن في فترات انقطاع التيار عنها»، مطالباً بـ«تساوي طرح الأحمال مع باقي البلديات الأخرى».
ولم تختلف الاحتجاجات حول انقطاع التيار في سرت عن العاصمة طرابلس، التي تصاعدت إلى إحراق الكاوتشوك، و«المطالبة بإسقاط السراج».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.