مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (4): بن علي كان يدعي أنه من أنقذنا من الإعدام

صورنا كانت في وسائل الإعلام كمطلوبين خطيرين فارين من العدالة

الجبالي أمام منزله في سوسة سنة 1988 وتبدو بناته الثلاث على السيارة مع بعض أبناء الأقارب
الجبالي أمام منزله في سوسة سنة 1988 وتبدو بناته الثلاث على السيارة مع بعض أبناء الأقارب
TT

مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (4): بن علي كان يدعي أنه من أنقذنا من الإعدام

الجبالي أمام منزله في سوسة سنة 1988 وتبدو بناته الثلاث على السيارة مع بعض أبناء الأقارب
الجبالي أمام منزله في سوسة سنة 1988 وتبدو بناته الثلاث على السيارة مع بعض أبناء الأقارب

وصول زين العابدين بن علي للحكم في تونس في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1987 أثر على عمل حركة النهضة ومسارها بشكل كبير، فقد شهدت السنوات القليلة التي سبقت عزل الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة عن الرئاسة مواجهات حادة وتوترا في الشارع التونسي، وخاصة بين حركة النهضة وحكومته وحزبه. وتعد مرحلة الثمانينات من أصعب المراحل في تاريخ الحركة، حيث شهدت اعتقالات في صفوف قياداتها والناشطين فيها، وصدرت أحكام ضدهم أرادها بورقيبة أن تصل إلى الإعدام، وفي تلك الفترة كان حمادي الجبالي في حالة فرار داخل البلاد ثم خارجها، إلى أن حدث «الإنقلاب» السياسي في تونس ووصل بن علي للحكم وبدأت البلاد والحركة الحركة مرحلة جديدة، يسردها الجبالي في هذه الحلقة.

* صفقة 1987

* قرار إجراء انتخابات 1989 في تونس التي أرادها زين العابدين بن علي تشريعية ليضع حدا لما كان يدور منذ 1987 ووصوله للحكم، حيث كان البعض يقول إن ما قام به انقلاب، والوصف السائد الذي أراده بين التونسيين هو التغيير.

وكانت أيضا تأويلات أخرى بأن التغيير قرر مع قيادات في الدولة على رأسهم الهادي البكوش وهو المدبر سياسيا، والحبيب عمار الذي كان يقود الحرس، وبالشيخ، وكان الاتفاق اقتسام الحكم؛ أن يكون بن علي في القصر، والحبيب عمار في الداخلية، والهادي البكوش في الحكومة.

سألت الجبالي بعد حديثه عن هذه الصفقة: هل التزم بن علي بها؟

أجاب قائلا: الحقيقة كان الالتزام بينهم في البداية ،ولكن القسمة الأولى لم تستمر وأراد كل طرف أن يجتاز حدود الآخر، فما كان من بن علي إلا أن استبقه الاثنين وطرد الحبيب عمار من الداخلية والبكوش من الحكومة.

سياسة بن علي وحكومته في البداية وبعد وصوله للحكم كانت طمأنة الناس، وقدموا لـ«النهضة» أيضا تطمينات ووعودا، ورغم قلقنا في تلك المرحلة وعدوني شخصيا بالحصول على ترخيص لإطلاق صحيفة «الفجر» وحصلت عليه فعلا سنة 1989 لكن بالطبع لم يكن الحصول على الترخيص سهلا، فحصلت عليه بعد عناء، ثم دخلت في مواجهات وتحديات أخرى، فلم نجد من يقبل بطباعة الجريدة طبعا لمخاوف أمنية، وقابلتنا ضغوط حول عدد الطبعات، فلم يقبلوا أن نطبع أكثر من 40 ألف نسخة، وكنا نتعرض إلى مضايقات يومية و تقرأ الصحيفة قبل الطباعة وبعد الطباعة والحزب الحاكم يشتري ثلث الطبعات ليحرقها.

كل هذا كان في 1989 وبدأت الأجواء تتوتر أكثر بيننا، خاصة أننا كنا نرى أن كل ما وعدونا به لم يتحقق، وبالنظر للجامعات والشارع التونسي رأى بن علي أن الحركة أكثر منه قوة، فاضطر لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.

اجتمعت وقتها قيادتنا، وكانت سياستنا أنه يجب أن لا نظهر كثيرا في الصورة، ولا نهيمن أو نسبب أي خوف أو تهديد بأننا سنكسب قبل الأوان.

وكانت مخاوفنا في العمل وقتها داخلية وخارجية، فكان عملنا عبر طلاب الجامعات، التلاميذ، النقابات، وصحيفة «الفجر» والشارع.

بداية 1981 بدأت الاعتقالات الأولى، وإلى حدود سنة 1990 كانت كلها مرحلة صراع وصدام وتوتر بين السلطة والمعارضة، وشهدت البلاد وقتها مظاهرات واحتجاجات لم تشهدها من قبل، وكانت النهضة الطرف الأساسي، فلم يهدأ الصراع وكان يمر بفترات بلغت ذروتها سنة 1981 وتراجعت الاعتقالات نسبيا وقت الوزير الأول (رئيس الوزراء) الأسبق محمد المزالي الذي منحنا بعض الحرية للتحرك بين 1983 و1985، لكن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة صعد معنا، وفي الفترة نفسها بدأت في تونس مشاكل النقابة والأحزاب، وتصاعد التوتر بين 1985 إلى 1986 ووصل ذروته سنة 1987 وكان بالأساس بيننا وبين الحزب الحاكم وبورقيبة.

مرحلة الاعتقالات لم يجر اعتقالي منذ البداية مثلما حصل مع بقية الإخوة، لأني لم أكن معروفا بنشاطاتي، وكنت أعيش في فرنسا لسنوات، لكن منذ 1985 كنا نعمل في تونس وكان عمل «النهضة» لا يختلف عن عمل بقية الأحزاب المعارضة الأخرى، وأعتقد أننا كنا الطرف الرئيس، ووقتها بدأ بورقيبة يدخل مرحلة المرض وتولت الأمور الدائرة المقربة منه ، وكانت صراعات بينهم وخلافات حول طريقة التعامل مع المعارضة، وخاصة معنا نحن، ووقتها جاء القرار باعتقالي الذي كان سنة 1986.

وبدأت الاعتقالات في صفوف حركة النهضة على أثر ما يسمى بعملية «براكة الساحل» وهي التي قبض بعدها على مجموعة من الحركة بينهم المنصف بن سالم (وزير التعليم العالي) - في التشكيلة الأولى لحكومة الترويكا - بتهمة الانقلاب، وضمت هذه المجموعة أمنيين، وأعوانا من الحرس الوطني ومن الجمارك.. حسب المعلومات التي وفرت وقتها، وكنت متهما مع المجموعة رغم أني لا أعرف حتى «براكة الساحل» أين موقعها، وبعد توقيفي سألت عن المكان.

وسنة 1987 اعتقل الشيخ راشد الغنوشي، وكانت تلك المرحلة تسمى بمعركة المساجد، وبقيت قيادات خارج السجون مثل صالح كركر، وشكلنا مكتبا تنفيذيا للحركة لكن الاعتقالات لم تتوقف، وكنا نعمل في سرية وكنا في حالة فرار دائم وكانت صورنا في التلفزيون ووسائل الإعلام كمطلوبين خطرين فارين من العدالة.

وعلمنا أن الحبيب بورقيبة وصل إلى حالة من الهستيريا جعلته عندما يستفيق في كل صباح أول سؤال يسأله: هل أعدمتم الغنوشي؟ هل قبضتم على الجبالي وصالح كركر؟

ويبدو أن القوى الدولية رجحت كفة زين العابدين بن علي ليتسلم الرئاسة في سنة 1987 على أساس أنه يمكنه الإمساك بمفاصل البلاد، ولكن بالنسبة لبورقيبة كنا نرى أنه كما كان لا يحب الدين الإسلامي كان لا يحب الجيش، لكن تمهيدا لوصول بن علي للحكم تدخلت جهات داخلية وخارجية وأثرت على بورقيبة وأقنعته بأن البلاد محتاجة ليد من حديد، وسلم بن علي الذي كان وزيرا للداخلية الوزارة الأولى (رئاسة الوزراء)، والذي يخوله الدستور التونسي أن يحصل على منصب رئيس الجمهورية.

وفي وقت من الأوقات ادعى بن علي أن البلاد ستدخل في حالة كبيرة من الفوضى خاصة أن بورقيبة كان يدفع لإعدام راشد الغنوشي، وقال بن علي أنا من أنقذكم من الموت، وأكد لنا أنه قام بـ«الانقلاب» في يوم 7 نوفمبر، وأن بورقيبة كان يخطط لتنفيذ الحكم في اليوم التالي، أي بتاريخ 8 من الشهر.

وكان بن علي يردد «كذبا»: أنا من أنقذت رؤوسكم، بورقيبة كان سيقتلكم والبلاد كانت على حافة الهاوية.

وقبل «الانقلاب» كان بن علي قد نسق أموره، فاعتمد على علاقاته مع جهات خارجية دعمته وأعدوا له طائرة خاصة ليتمكن من اللجوء إليها إذا فشل الانقلاب.

وفي الواقع وحسب قناعاتنا أن القوى الداخلية كانت مقتنعة أنه لو أعدم أحدنا فسيقعون في ورطة كبيرة، وسيتسبب الأمر في أزمة داخلية ومشاكل خارجية، ولم يكن الوضع الداخلي ولا القوى الخارجية في حاجة لإدخال البلاد في أزمة، وحتى الأوضاع في الجزائر لم تكن تساعد على هذا الأمر.

وقتها جاء التفكير في عملية الانقلاب الذي كان باتفاق ودعم أكثر من الهادي البكوش والحبيب عمار ، ومن جماعتهم من رأى وقتها أنه من الأنسب حل الحزب الدستوري (الحاكم) الذي كانت له صورة سيئة وقتها واستبدال حزب جديد به، لكن الهادي البكوش تصدى لهم وواجههم أنه إذا جرى حل الحزب فإن الإسلاميين «سيهجمون على الفراغ، ولا شيء يمكن أن يحمينا» وكان البكوش يرى أنه إذا حل الحزب فإنه سيفرغ من أعضائه الذين هم في حاجة إليهم في الانتخابات فاتفقوا بعد صعود بن علي على الاحتفاظ بالحزب وأعضائه وتغيير اسمه فقط، الذي أصبح «التجمع الدستوري الديمقراطي»، وفتحوا المجال لدخول اليساريين، ومن هنا تدعمت فكرة إضفاء مزيد من الشرعية على الحزب وبداية التحضير منذ ذلك الوقت لانتخابات 1989، وقاموا كذلك بما يسمى «الميثاق الوطني» الذي أشركوا فيه النهضة على مضض.

* الحزب الحاكم في تونس من بورقيبة إلى بن علي

* التجمع الدستوري الديمقراطي هو الوريث السياسي الرسمي للحزب الاشتراكي الدستوري الذي أسسه الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة.

احتفظت القيادات الأمنية والعسكرية التي قادت تغيير السابع من نوفمبر سنة 1987 بتسمية الحزب الاشتراكي الدستوري إلى غاية يوم 27 فبراير (شباط) 1988 قبل أن تغير تسميته.

سيطر حزب التجمع المنحل على الحياة السياسية التونسية من 1987 إلى بداية سنة 2011 ونجاح الثورة، وظل طوال 23 سنة على رأس قائمة الأحزاب السياسية التونسية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية والبلدية التي أجريت منذ 1989 وبحساب كل خمس سنوات إلى حد آخر انتخابات أجريت سنة 2009.

وفاز بن علي مرشح التجمع في كل الانتخابات الرئاسية التي أجريت بعد التغيير بنسبة فاقت كل مرة 90 في المائة. يقدر عدد المنتمين إلى التجمع بنحو مليوني منخرط، إلا أن المتابعين للشأن السياسي يرون أن معظم تلك الانخراطات كانت تحت الضغط والإكراه.

وفي يوم 6 فبراير 2011، جرى تعليق جميع نشاطات التجمع الدستوري الديمقراطي، وأمر القضاء التونسي بحله.

«النهضة» من 1981 إلى 1992 مثلت فترة الثمانينات مرحلة مهمة في تاريخ حركة النهضة وخاصة في علاقتها بالنظام الحاكم في تونس.

ففي 6 يونيو (حزيران) سنة 1981 أعلنت الحركة عن وجودها علنيا بعد اتخاذ الحبيب بورقيبة، الرئيس التونسي حينها، قراره بالسماح «مكرها « لبعض الأحزاب السياسية بالوجود إلى جانب الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم. وتقدمت الحركة في هذا اليوم بمطلب للحصول على ترخيص رسمي للعمل السياسي ولكنها لم تتلق أي رد عن هذا المطلب. وسرعان ما ساءت العلاقة بين السلطة والحركة التي كانت وقتها تسمى بحركة الاتجاه الإسلامي. ففي يوم 18 يوليو (تموز) 1981 ألقت السلطات التونسية القبض على قيادات الحركة وقدمتهم في شهر سبتمبر (أيلول) للمحاكمة بتهم سياسية كثيرة من بينها الانتماء إلى جمعية غير مرخص لها والنيل من كرامة رئيس الجمهورية وتوزيع منشورات معادية ونشر أخبار كاذبة. وقد حكم على كل من راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو بالسجن عشر سنوات ليطلق بعد ذلك سراح عبد الفتاح مورو سنة 1983 والثاني سنة 1984. وبعد هدنة في علاقة الحركة بالسلطة الحاكمة سنة 1985 سرعان ما عادت العلاقة للتوتر، حيث اعتقل راشد الغنوشي من جديد في مارس (آذار) 1987 وحكم عليه بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، كما اتهمت الحكومة الحركة وقتها بالتفجيرات التي شهدتها بعض الفنادق السياحية في جهة الساحل سنة 1986. وبعد أن قام زين العابدين بن علي بإزاحة بورقيبة من الحكم في 7 نوفمبر 1987 رحبت الحركة بهذا التغيير، وأفرج عن قيادات الحركة التي شاركت سنة 1988 في التوقيع مع باقي القوى السياسية التونسية على ما يسمى «الميثاق الوطني»، وهو عبارة عن أرضية لتنظيم العمل السياسي في تونس. كما شاركت الحركة في انتخابات 1989 ضمن قوائم مستقلة وحصلت على نحو 27 في المائة من أصوات الناخبين وشككت الحركة في نتائج هذه الانتخابات. وفي مايو (أيار) 1989 غادر راشد الغنوشي تونس ، ليعود التصادم من جديد بين الحركة والنظام الحاكم في بداية التسعينات، حيث أعلنت السلطات التونسية سنة 1991 أنها أحبطت مؤامرة لقلب نظام الحكم واغتيال الرئيس بن علي لتشن بعدها حملة إيقافات واسعة في صفوف قياديي الحركة والمنتسبين إليها شملت نحو 30 ألف جرت محاكمتهم بداية من سنة 1992 وحكم على الكثير منهم بأحكام طويلة بالسجن.

* الهادي البكوش.. مهندس «الانقلاب»

* يعد الهادي البكوش أحد أهم ركائز «الإنقلاب» السياسي الذي قاده الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي سنة 1987؛ فهو الذي هندس للعملية وخط بيده بيان السابع من نوفمبر الذي مثل أهم وثيقة سياسية في تلك المرحلة، إلا أنه شغل منصب رئيس الحكومة (الوزير الأول) لمدة قصيرة أرسى فيها دعائم الحكم لابن علي قبل أن يغادر الساحة السياسية، وتواصل توليه رئاسة الحكومة من 7 نوفمبر 1987 و27 سبتمبر 1989 قبل أن يستغني بن علي على خدماته السياسية ولم يلعب أي دور سياسي مهم بعد هذا التاريخ.

والبكوش من السياسيين الأوائل الذين عاشوا تجربة التعاضد مع أحمد بن صالح في عقد الستينات من القرن الماضي وحوكم كذلك من قبل نظام الحبيب بورقيبة بعد فشل التجربة. عين البكوش في 16 مارس 1984 مديرا للحزب الاشتراكي الدستوري (الحزب الحاكم) قبل أن يصبح سنة 1987 وزيرا للشؤون الاجتماعية ويعين من قبل الرئيس التونسي المنقلب على نظام بورقيبة رئيسا للحكومة، إلا أن بن علي أعفاه من منصبه في 27 سبتمبر 1989 وعين حامد القروي مكانه.

* الحبيب عمار.. رفيق بن علي

* الحبيب عمار هو رفيق درب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وهو الشخصية العسكرية الثانية التي قادت «انقلاب» السابع من نوفمبر 1987. تلقى عمار نفس التكوين العسكري مع زين العابدين بن علي في مدرسة سان سير الفرنسية العسكرية.

عين عمار سنة 1983 ملحقا عسكريا في السفارة التونسية لدى المغرب قبل أن يصبح آمرا للحرس الوطني في 10 يناير (كانون الثاني) 1984 بعد أحداث الخبز خلفا لعامر غديرة. ساهم مساهمة فاعلة في إنجاح التغيير السياسي ضد نظام بورقيبة وعين وزيرا للداخلية في الحكومة التونسية التي تلت التغيير، إلا أن بن علي لم يكن يأمن للحبيب عمار الذي يحتفظ بعدة أسرار أمنية وعسكرية. أعفي بعد سنة فقط من التغيير من مهامه الوزارية وعين في عدة مهام دبلوماسية.

وبعد الثورة التونسية، اتهم عمار بن علي بالانقلاب على بيان 7 نوفمبر 1987 واتهمه كذلك بمحاولة اغتياله لما كان سفيرا في فيينا.

* عبد الحميد الشيخ.. الجنرال المغمور

* كان عبد الحميد من بين من دعموا حركة الإنقلاب التي نفذها كل من زين العابدين بن علي والحبيب عمار، إلا أنه حظي بمناصب سياسية عليا خلال السنوات الأولى للتغيير، حيث تقلد خلال الفترة الممتدة فيما بين 1988 و1991 عدة حقائب وزارية وشغل وزارات الشباب والرياضة، والشؤون الخارجية، ووزارة الداخلية كذلك.

درس عبد الحميد الشيخ الحقوق، والتحق مبكرا بالجيش التونسي بالبلاد، وكان من الفوج الأول الذي التحق بنواة الجيش التونسي. أرسل سنة 1956 للتكوين في مدرسة بسان سير الحربية الفرنسية التي تلقى فيها بن علي والحبيب عمار تكوينهم، ثم أكمل تكوينه العسكري في كل من الولايات المتحدة وفرنسا سنتي 1965 و1966.

لكن عبد الحميد الشيخ لقي مصير الحبيب عمار، حيث أبعده بن علي عن تونس وكلفه بعدة مهام دبلوماسية وتولى عدة سفارات تونسية في الخارج، من بينها الخرطوم والجزائر وداكار وباريس.

الجبالي في مذكراته لـ «الشرق الأوسط»: كنت شاباً مسيساً بدون توجه إسلامي

 

مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (2): لولا نكسة 1967 ربما كنت ثائرا غير إسلامي

مذكرات حمادي الجبالي الحلقة (3): كنت أميل عاطفيا إلى اليسار الفرنسي

 



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.