التخريب الإيراني يصطدم بمصالح العالم في البحر الأحمر

تعليق سعودي لشحنات النفط الخام

صورة أرشيفية لميناء عدن (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لميناء عدن (أ.ف.ب)
TT

التخريب الإيراني يصطدم بمصالح العالم في البحر الأحمر

صورة أرشيفية لميناء عدن (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لميناء عدن (أ.ف.ب)

استيقظ العالم أمس على وقع خبر مهم ورد من السعودية، أعلنه عشية فتح الأسواق النفطية المهندس خالد الفالح، وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، ويقضي بتعلق فوري موقت لجميع شحنات النفط الخام السعودية التي تمر عبر مضيق باب المندب، «إلى أن تصبح الملاحة خلال المضيق آمنة».
النبأ الذي أعلنه الوزير السعودي مساء الخامس والعشرين من يوليو (تموز) 2018، جاء على خلفية هجوم تعرضت له ناقلتا نفط عملاقتان تابعتان للشركة الوطنية السعودية للنقل البحري من قبل الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.
وقال الفالح في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس)، إن إحدى الناقلتين اللتين تحمل كل منهما مليوني برميل من النفط الخام تعرضت لأضرار طفيفة طبقاً لما أعلنه تحالف دعم الشرعية في اليمن، وأضاف «لم تقع أي إصابات، أو انسكاب للنفط الخام في البحر الأحمر، وهو الأمر الذي كان سيؤدي إلى كارثة بيئية»، مبيناً أنه جرى سحب الناقلة المتضررة إلى مرفأ سعودي قريب، مشدداً على أن تهديدات الميليشيات الحوثية الإرهابية على ناقلات النفط الخام تؤثر على حرية التجارة العالمية والملاحة البحرية بمضيق باب المندب والبحر الأحمر.
وقرأ محللون استمزجت «الشرق الأوسط» آراءهم، القرار السعودي بأنه دفع إيران إلى الاصطدام مع مصالح العالم الاقتصادية في البحر الأحمر، وفي الوقت نفسه أكدوا أن الرياض تريد أن ترعى مصالحها أيضاً، وأن يتحمل العالم مسؤوليته.
ويؤكد العميد بحري متقاعد عمرو العامري، أن «حرية الملاحة في المضايق المائية والبحار المفتوحة حق مكفول لجميع الدول بموجب قانون البحار، الذي تنص المادة 32 فيه على (أن تتمتع جميع السفن والطائرات في المضايق بحق المرور العابر الذي لا يجوز أن يعاق)، وفي حالة حدوث ذلك؛ فإن مجلس الأمن مخول بتأمين ذلك بالقوة، كما هو موضح في المادتين 41 و42، وبالتالي فإن الاعتداء على ناقلات النفط السعودية هو اعتداء على القانون الدولي».
يضيف «سبق وأن تحدثنا هنا بصحيفة (الشرق الأوسط) وتحديداً في 6 يوليو 2017 بعد أن قامت إيران وعبر جماعة الحوثيين بزرع الألغام في باب المندب ومدخله الشمالي، وعندما نقول إيران نعرف ذلك جيداً؛ لأن جماعات الحوثيين لا تمتلك تقنية زراعة الألغام البحرية».
ويجدر بمجلس الأمن والدول الفاعلة، والحديث للعامري، المطالبة بتفعيل هذه المادة حفاظاً على السلم العالمي، وقد فعلت الدول ذات النفوذ، ذلك عبر ما سُمي حينه بمهمة الحرية الدائمة ضد القراصنة الصوماليين وغيرهم في المحيط الهندي وبحر العرب، وشارك في ذلك 25 دولة حينها. ويستنتج العميد البحري، أنه «يفترض أن يكون هناك تحرك لردع التعدي الإيراني، وإيران سبق وأن هددت بذلك، لكنها لن تجرؤ على فعله في مضيق هرمز، لكنها تقوم به عبر أصابعها المتمثلة في الحوثيين في باب المندب»، متابعاً أن «السعودية ترعى مصالحها؛ لذلك ستنقل النفط عبر طرق أخرى بعيدة وآمنة، وهذا مما سيزيد التكلفة ويفاقم أسعار النفط والتي سيدفع فاتورتها الاقتصاد العالمي... العالم اليوم على المحك في لجم العداء الإيراني وممثله في اليمن مجموعة الحوثيين».
من ناحيته، يقرأ عبد الله الجنيد، الباحث السياسي في مركز «سمت» للدراسات، قرار تعليق صادرات السعودية النفطية عبر باب المندب بالقول «إنه لم يكن ميلودرامياً، بل سياسياً بكل المقاييس»، ويعلل ذلك بأن «سلامة خطوط الملاحة الدولية هي مسؤولية تكافلية وتكاملية بين جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. ولقد سبق أن حذر التحالف من مخاطر استدامة عدم الاستقرار في اليمن أو من مخاطر تأمين الغطاء السياسي لتنظيم أنصار الله (الحوثي) وسيطرته على صنعاء والحديدة... وحتى عندما اتخذ التحالف قراره بوقف عملية تحرير الحديدة، فقد كان إبداءً لحسن الظن ولإعطاء الموفد الدولي غريفيث فرصة لإنجاح مساعيه لإنهاء الصراع في اليمن».
ويصف الجنيد العمل الحوثي - الإيراني بأنه «لا مسؤول»، ويقول «إنه تأكيد على عدم احترام هذا التنظيم المارق للقانون الدولي. لذلك؛ يتحتم الآن على مجلس الأمن ومبعوث الأمين العام الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث الإعلان عن تعليق المساعي الدبلوماسية وفسح المجال للتحالف والشرعية لإكمال فرض الاستقرار على كامل التراب اليمني. كما يجب على حلفائنا إدراك أنه من الخطاء افتراض القبول باستدامة معادلة سياسية لن تخدم مستقبل اليمن، الحوثي مكون وطني يمني، لكن أمر تسييسها على أساس طائفي لن يُقبل به يمنياً أو إقليمياً».
وزاد الجنيد بالقول: كان تصريح قاسم سليماني حول سلامة الملاحة في البحر الأحمر بمثابة كلمة السر للاعتداء الحوثي على الناقلات السعودية. والمملكة العربية السعودية تملك الحق في الرد على ذلك، أو ربما قد يجعل الرياض تفكر في خيارات أخرى قد يكون أحدها وقف تصدير النفط من ميناء ينبع لعدم سلامة الملاحة في البحر الأحمر، وللجميع أن يتصور ردة الفعل في أسواق الطاقة على مثل ذلك القرار... على حلفائنا إعادة تقييم موقفهم من اليمن سريعاً، والأفضل من ذلك كله أن ينهي التحالف عملية تحرير الحديدة ومن ثم صنعاء لمصلحة الجميع».
المحلل السياسي اليمني نجيب غلاب، يرى أن إيران تتبنى سياسة الحرب الاقتصادية ضد العالم كمدخل لهدم العالم الذي تراه كافراً وظالماً وضد خروج المهدي المنتظر، وتعتقد أن تفجير حرب شاملة في المنطقة ونشر الحروب الأهلية والطائفية وتخريب خطوط التجارة البحرية وانقطاع وصول النفط في العراق وإيران والخليج العربي، ستقود حتماً إلى انهيار الاقتصاد الرأسمالي، متابعاً أن «نظام الكهنوتية الخمينية ووكلائها يشكّلون التهديد الأبرز للأمن والسلم الدوليين. هي نازية كهنوتية أخرى ولكنها أكثر خبثاً وخطراً وباطنية، محترفة في لَبْس الأقنعة، وهي تنشر الإرهاب الأخطر الذي يهدد العالم».



الإليزيه: ماكرون يزور السعودية مطلع ديسمبر المقبل

الرئيس إيمانويل ماكرون ممسكاً بالطبعة التاسعة من قاموس الأكاديمية الفرنسية، وهو القاموس الرسمي للغة الفرنسية خلال الجلسة الرسمية لتقديمه في باريس في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ممسكاً بالطبعة التاسعة من قاموس الأكاديمية الفرنسية، وهو القاموس الرسمي للغة الفرنسية خلال الجلسة الرسمية لتقديمه في باريس في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

الإليزيه: ماكرون يزور السعودية مطلع ديسمبر المقبل

الرئيس إيمانويل ماكرون ممسكاً بالطبعة التاسعة من قاموس الأكاديمية الفرنسية، وهو القاموس الرسمي للغة الفرنسية خلال الجلسة الرسمية لتقديمه في باريس في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ممسكاً بالطبعة التاسعة من قاموس الأكاديمية الفرنسية، وهو القاموس الرسمي للغة الفرنسية خلال الجلسة الرسمية لتقديمه في باريس في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيجري «زيارة دولة» إلى السعودية ما بين الثاني والرابع من ديسمبر (كانون الأول) 2024 تلبية لدعوة من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.

تعد «زيارة الدولة» الأعلى بروتوكولياً من بين الزيارات. وعدَّ القصر الرئاسي الفرنسي أنها «ستوفر فرصة للطرفين من أجل تعزيز الشراكة بين فرنسا والسعودية».

يأتي الإعلان عن هذه الزيارة بعد يوم واحد من الاتصال الهاتفي الذي جرى بين ولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي، وتناول فيه الجانبان تطورات الأوضاع الإقليمية والجهود المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار، بالإضافة إلى الملفات الثنائية والتعاون بين الجانبين في العديد من المجالات وفقاً للمصادر الرسمية.

وتزامن إعلان الإليزيه في الوقت الذي تشهد فيه باريس بعثة رسمية سعودية ضمت وزراء الخارجية والثقافة والاستثمار، بمناسبة حصول اجتماع اللجنة المشتركة السعودية - الفرنسية لتطوير محافظة العلا.

يأتي الإعلان عن الزيارة الرئاسية بعد أيام قليلة على زيارة مستشارة الرئيس ماكرون لشؤون الشرق الأوسط آن - كلير لوغاندر إلى الرياض، إذ أجرت جولة من المباحثات تناولت، وفق باريس، ملفات الشرق الأوسط والعلاقات الثنائية.

وخلال السنوات الأخيرة، تكاثرت الزيارات المتبادلة على المستويات كافة بين الرياض وباريس، ومعها المشاريع المشتركة، الأمر الذي يعكس حرص الطرفين على توفير مضمون ملموس لما يسميانه «الشراكة الاستثنائية والاستراتيجية» بينهما.

كان الأمير محمد بن سلمان قام بزيارة مطولة إلى فرنسا في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي، قال عنها قصر الإليزيه إنها، إلى جانب تعزيز العلاقات الثنائية، شملتْ البحث في «تحديات الاستقرار الإقليمي»، إضافة إلى «المسائل الدولية الكبرى، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على سائر دول العالم».

وفي مناسبة الزيارة نفسها، شارك الأمير محمد بن سلمان في القمة الموسعة التي شهدتها باريس بدعوة من ماكرون تحت عنوان «من أجل ميثاق مالي عالمي جديد». وخلال الزيارة شارك ولي العهد في حفل كبير بمناسبة ترشّح الرياض رسمياً لاستضافة «إكسبو 2030»، وهي قد فازت في هذه المنافسة.

من جانبه، زار الرئيس الفرنسي السعودية في عام 2017، وعاد إليها في العام التالي، كما زارها مجدداً في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2021.

ونوهت مصادر فرنسية بالعلاقات القائمة بين البلدين، مشددة على الدور الرئيسي الذي تلعبه السعودية على المستويات الإقليمية والعربية والدولية، من ذلك القمة العربية - الإسلامية الأخيرة التي استضافتها الرياض مؤخراً، كما أنها ترى أن الحربين اللتين تعرفهما المنطقة (حرب غزة وحرب لبنان) والتوترات الإقليمية والعلاقات المعقدة وأمن الخليج ستكون كلها موضع بحث بين ولي العهد والرئيس ماكرون.