الاتفاق التجاري الأوروبي ـ الأميركي: إشادات دولية وتساؤلات حول التفاصيل

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.
TT

الاتفاق التجاري الأوروبي ـ الأميركي: إشادات دولية وتساؤلات حول التفاصيل

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.

في حين رحبت ألمانيا بالقرارات التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورأت فيها «انفراجة» يمكن أن تجنب الحرب التجارية وتُنقذ ملايين الوظائف، بدت فرنسا على جانب آخر أكثر حذرا، مطالبة بعدد من التفسيرات والتوضيحات بشأن الاتفاق الذي بدا غامضا.
وكتب وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير على «تويتر»: «تهانينا ليونكر وترمب... لقد تحققت انفراجة يمكن أن تجنب الحرب التجارية وتنقذ ملايين الوظائف! جيد جدا للاقتصاد العالمي!».
كما أشادت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالاتفاقات، وكتبت نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية أولريكه ديمر، أمس، في تغريده على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «الحكومة الاتحادية تشيد بالاتفاق الرامي لاتخاذ إجراء بنّاء في التجارة. لا يزال يمكن للمفوضية الأوروبية الاعتماد على دعمنا».
في المقابل، أعلن وزير المالية الفرنسي برونو لومير، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن بلاده طالبت أمس بـ«توضيحات» حول الإجراءات التي أعلنت غداة اللقاء بين ترمب ويونكر لنزع فتيل الأزمة التجارية.
وكرر لومير رفضه احتمال التفاوض حول اتفاق تجاري شامل بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مشترطا أن تظل الزراعة «خارج نطاق المفاوضات»، ومطالبات بفتح الأسواق الأميركية العامة.
وقال لومير: «لا نريد أن نبدأ المفاوضات بشأن اتفاق كبير، قد رأينا حدوده بالفعل مع (اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمارية العابرة للأطلسي)»، وكانت «الشراكة التجارية والاستثمارية العابرة للأطلسي» تعثرت أثناء المفاوضات التي جرت في عام 2016 بين واشنطن وبروكسل، متابعا: «ننتظر أيضا أعمالا تدل على حسن النيات من الجانب الأميركي، لا سيما في ما يتعلق بالتعريفات الجمركية التي تضرب بالفعل قطاعات الصلب والألمنيوم بشدة».
من جهتها، رحبت الصين بإعلان الاتفاق، وعلق المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جينغ شوانغ، خلال المؤتمر الصحافي اليومي بمقر الوزارة، قائلا: «توصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لحل لخلافاتهما التجارية عبر التجارة الحرة والتعددية، يعد خبرا جيدة للعالم كله»، معربا عن أمله بأن يلتزم الجميع بالتعددية.
وأضاف شوانغ أن المشاركين في قمة «بريكس» المنعقدة في جنوب أفريقيا أكدوا معارضتهم الحمائية والأحادية، ودعمهم التجارة الحرة والتعددية، بوصف ذلك دافعا قويا للنمو الاقتصادي العالمي.
بدورها، رحبت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، بالاتفاق، قائلة في بيان: «يسرني أن أعلن أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد توصلا إلى اتفاق للعمل المشترك من أجل الحد من الحواجز التجارية، ومع شركاء آخرين، لتعزيز منظمة التجارة العالمية». وأضافت: «لا يمكن للاقتصاد العالمي أن يستفيد إلا عندما تشارك البلدان بشكل بناء لحل الخلافات في التجارة والاستثمار دون اللجوء إلى تدابير استثنائية».
وقبل يومين، ذكر صندوق النقد أنه من غير المحتمل أن تؤدي الرسوم التي قرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرضها على واردات بلاده من كثير من المنتجات، إلى إنهاء عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة.
وذكر صندوق النقد أن «الحواجز التجارية الجديدة والإجراءات الانتقامية المحتملة يمكن أن تعرقل النمو العالمي، مع احتمال وجود تأثير محدود لها على الاختلالات التجارية العالمية».
وفي تقريره السنوي عن اختلالات الحساب الجاري لدول العالم الصادر يوم الثلاثاء الماضي، ذكر الصندوق أن المخاطر الحالية الناجمة عن هذه الاختلالات صغيرة لكنها تزداد. وأشار إلى أن عجز الميزانية الأميركية الذي يتجه نحو تجاوز حاجز التريليون دولار سنويا يؤدي إلى زيادة قيمة الدولار وبالتالي زيادة عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة.
وقال ماوري أوبستفيلد، كبير المحللين الاقتصاديين في الصندوق، إن «تأثيرات السياسات التجارية محدودة للغاية». وأضاف أن العوامل الديموغرافية (السكانية) والسياسات المالية لها تأثير أقوى على المدى الطويل على الميزان التجاري وميزان الحساب الجاري.
وأوصى تقرير صندوق النقد الدولي، الدول ذات الفوائض التجارية إلى جانب الدول ذات العجز التجاري مثل الولايات المتحدة، «بالعمل من أجل إنعاش جهود تحرير التجارة وتعزيز النظام التجاري متعدد الأطراف، خصوصا تشجيع تجارة الخدمات، وهي التجارة التي تحقق مكاسب كبيرة لكنها ما زالت تعاني من حواجز كثيرة».
لكن رغم الترحيب الألماني الرسمي، فإن أوساطا اقتصادية ألمانية لا تزال ترى كثيرا من القضايا المفتوحة، رغم إشادتها بالاتفاق.
وقال رئيس الغرفة الألمانية للصناعة والتجارة إريك شفايتسر إن «الحلول التي تم التعهد بها تسير في الاتجاه الصائب، إلا أنه يظل هناك قدر كبير من التشكك»، لافتا: «ما زلنا بعيدين عن إجراء مفاوضات نداً لند»، وأشار إلى أنه لم يتم إبعاد الرسوم الجمركية غير المبررة على السيارات بشكل نهائي من على الطاولة.
من جانبه، قال رئيس اتحاد الصناعات الألماني ديتر كمبف: «يبدو أن دوامة الرسوم الجمركية في التجارة عبر الأطلسي قد توقفت في الوقت الحاضر، إلا أنه يجب أن يعقب الكلام أفعال الآن أيضا».


مقالات ذات صلة

«قناة بنما»: ما تاريخها؟ وهل يستطيع ترمب استعادة السيطرة عليها؟

الولايات المتحدة​ سفينة شحن تَعبر قناة بنما في سبتمبر الماضي (أ.ب)

«قناة بنما»: ما تاريخها؟ وهل يستطيع ترمب استعادة السيطرة عليها؟

يستنكر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الرسوم المتزايدة التي فرضتها بنما على استخدام الممر المائي الذي يربط المحيطين الأطلسي والهادئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

عائدات سندات الخزانة الأميركية تسجل أعلى مستوى منذ أبريل

سجلت عائدات سندات الخزانة قفزة كبيرة يوم الأربعاء، حيث سجلت عائدات السندات القياسية لمدة عشر سنوات أعلى مستوى لها منذ أبريل (نيسان) الماضي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

قال أحد كبار صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي إنه لا يزال يدعم خفض أسعار الفائدة هذا العام على الرغم من ارتفاع التضخم واحتمال فرض تعريفات جمركية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)

انخفاض غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع في الأسبوع الماضي مما يشير إلى استقرار سوق العمل بداية العام

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد تباطؤ نمو الرواتب الخاصة في الولايات المتحدة خلال ديسمبر

تباطؤ نمو الرواتب الخاصة في الولايات المتحدة خلال ديسمبر

تباطأ نمو الرواتب الخاصة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وفق تقرير التوظيف الوطني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

انخفاض غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)
يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)
TT

انخفاض غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)
يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع في الأسبوع الماضي، مما يشير إلى استقرار سوق العمل في بداية العام، رغم أن بعض العمال المسرحين لا يزالون يواجهون صعوبات في العثور على وظائف جديدة.

وقالت وزارة العمل الأميركية، الأربعاء، إن طلبات الحصول على إعانات البطالة الأولية في الولايات انخفضت بمقدار عشرة آلاف، لتصل إلى 201 ألف طلب معدلة موسمياً في الأسبوع المنتهي في الرابع من يناير (كانون الثاني). وكان خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 218 ألف طلب في الأسبوع الأخير. وقد تم نشر التقرير قبل يوم واحد من الموعد المقرر، حيث تغلق مكاتب الحكومة الفيدرالية، الخميس، تكريماً للرئيس السابق جيمي كارتر الذي توفي في 29 ديسمبر (كانون الأول) عن عمر ناهز 100 عام.

وعلى الرغم من أن طلبات الحصول على الإعانات تميل إلى التقلب في بداية العام، فإنها تتأرجح حول مستويات تدل على انخفاض حالات تسريح العمال، ما يعكس استقراراً في سوق العمل، ويدعم الاقتصاد الأوسع. وقد أكدت البيانات الحكومية التي نشرت، الثلاثاء، استقرار سوق العمل، حيث أظهرت زيادة في فرص العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع وجود 1.13 وظيفة شاغرة لكل شخص عاطل عن العمل، مقارنة بـ1.12 في أكتوبر (تشرين الأول).

وتُعد حالة سوق العمل الحالية دعماً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي قد يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير في يناير، وسط عدم اليقين بشأن تأثير السياسات الاقتصادية المقترحة من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب. وكان ترمب قد تعهد بتخفيض الضرائب، وزيادة التعريفات الجمركية على الواردات، فضلاً عن ترحيل ملايين المهاجرين غير المسجلين، وهي خطط حذر خبراء الاقتصاد من أنها قد تؤدي إلى تأجيج التضخم.

وفي ديسمبر، خفض البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة القياسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق 4.25 في المائة - 4.50 في المائة. ورغم ذلك، توقع بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة مرتين فقط هذا العام، مقارنةً بأربعة تخفيضات كان قد توقعها في سبتمبر (أيلول)، عندما بداية دورة تخفيف السياسة. جدير بالذكر أن سعر الفائدة قد تم رفعه بمقدار 5.25 نقطة مئوية في عامي 2022 و2023 بهدف مكافحة التضخم.

ورغم أن عمليات التسريح لا تزال منخفضة مقارنة بالمعايير التاريخية، فإن عمليات التوظيف شهدت تباطؤاً، مما ترك بعض الأشخاص المسرحين يواجهون فترات طويلة من البطالة. وأظهر تقرير المطالبات أن عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات بعد الأسبوع الأول من المساعدة، وهو مؤشر على التوظيف، قد زاد بمقدار 33 ألف شخص ليصل إلى 1.867 مليون شخص معدلة موسمياً خلال الأسبوع المنتهي في 28 ديسمبر.

ويرتبط جزء من الارتفاع فيما يسمى «المطالبات المستمرة» بالصعوبات التي تتجاوز التقلبات الموسمية في البيانات. ومع اقتراب متوسط مدة البطالة من أعلى مستوى له في ثلاث سنوات في نوفمبر، يأمل الخبراء الاقتصاديون في تحسن الأوضاع مع نشر تقرير التوظيف المرتقب لشهر ديسمبر يوم الجمعة المقبل.

وأظهرت توقعات مسح أجرته «رويترز» أن الوظائف غير الزراعية قد زادت على الأرجح بحوالي 160 ألف وظيفة في ديسمبر، مع تلاشي الدعم الناتج عن نهاية الاضطرابات الناجمة عن الأعاصير والإضرابات التي قام بها عمال المصانع في «بوينغ»، وشركات طيران أخرى. وفي حين أضاف الاقتصاد 227 ألف وظيفة في نوفمبر، فإنه من المتوقع أن يظل معدل البطالة دون تغيير عند 4.2 في المائة.