100 ضابط درزي كبير في الجيش الإسرائيلي ينضمون إلى المعركة ضد «قانون القومية»

شخصيات يهودية تعلن استعدادها لمحاربة القانون حتى إسقاطه

TT

100 ضابط درزي كبير في الجيش الإسرائيلي ينضمون إلى المعركة ضد «قانون القومية»

انضم مائة ضابط كبير في احتياطي الجيش الإسرائيلي، من أبناء الطائفة العربية الدرزية، إلى الحركة الشعبية التي قامت لمكافحة قانون «القومية اليهودية» الذي أقره الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، في الأسبوع الماضي، واعتبروه قانوناً عنصرياً يجعل كلَّ من هو غير يهودي مواطناً من الدرجة الثانية. وفي الوقت ذاته، أعربت شخصيات يهودية عدة بارزة عن استعدادها لمحاربة القانون نفسه.
وقال البروفسور كرمنيتسر، رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، إن هذا القانون هو شهادة فقر للمجتمع الإسرائيلي. وأضاف وهو يبكي: «أنا أخجل كوني جزءاً من دولة يهودية تسن قانوناً كهذا. فالمفترض أننا نحن اليهود كنا من ضحايا العنصرية، فكيف نسمح لأنفسنا بممارسة العنصرية كسياسة ثم نكرسها في قانون أساسي».
وكتب الموسيقار دانئيل برنباوم، قائد الأوركسترا السيمفونية العالمي، وشريك البروفسور العربي الراحل إدوارد سعيد، في حركة السلام الإسرائيلية الفلسطينية المشتركة، أنه يخجل من كونه إسرائيلياً بعد سن هذا القانون العنصري.
وكان ثلاثة نواب في الكنيست من أبناء الطائفة الدرزية، اثنان من نواب الائتلاف الحكومي، هما حمد عمار من حزب «إسرائيل بيتنا» (الذي يتزعمه وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان)، وأكرم حسون (من حزب «كولانو» برئاسة وزير المالية موشيه كحلون)، والنائب من حزب «المعسكر الصهيوني» المعارض صالح أسعد، قد رفعوا دعوى إلى محكمة العدل العليا مطالبين فيها بإلغاء القانون وإلزام الكنيست بتعديله، بإدخال بند يضمن المساواة لجميع المواطنين، ويلغي تفوق العرق اليهودي. وأقام النواب سوية مع عدد من الشخصيات اليهودية المؤيدة حركة لمكافحة القانون. وقال النائب أسعد إن كبار المحامين ورجال القانون في إسرائيل، أبلغوه أن هناك احتمالات كبيرة للنجاح في المحكمة وإسقاط القانون.
وانضم إلى الحركة بشكل تظاهري، أمس الأربعاء، 100 شخص من كبار الضباط السابقين في الجيش الإسرائيلي، الذين ما زالوا يخدمون في الاحتياط، من أبرزهم العميد عماد فارس، الذي قال لدى انضمامه إنه يشعر اليوم كـ«الميت الذي يدفنونه خارج المقبرة ويرمونه للكلاب». وأضاف: «نحن لسنا بلهاء، وكنا طول الوقت نشعر بالتمييز العنصري ضدنا. ولكننا كنا نقول إن هذه معركة يجب أن نخوضها من داخل المؤسسة حتى تتحقق المساواة. فواصلنا الخدمة العسكرية الإجبارية، من دون اعتراض يذكر. لكن الآن، بعد أن تم سن القانون، بات الأمر خطيراً. أصبحت سياسة التمييز مكرسة في القانون، ولا يجوز أن نسكت». وقال العميد أمل أسعد، إنه خدم الجيش الإسرائيلي 26 سنة، ويفترض أن تعطيه هذه الخدمة الحق في أن يشعر بأنها دولته. لكن القانون يخرجه هو وعائلته وطائفته من الحساب، وهذا محبط. ولكنه وعد بأن يبذل كل جهد ممكن في سبيل إسقاط هذا القانون. وقال أمل نصر الدين، أحد مؤسسي حركة ولاء للسلطة تدعى «الصهيونية الدرزية»، إنه يشعر بالغضب الشديد «عقلي لا يستوعب هذا الجحود. كيف يمكن لصانعي القرار في إسرائيل أن يوجهوا لطمة كهذه لأبناء الطائفة الدرزية؟ نحن الذين شاركنا في كل حروب إسرائيل نصبح خارج اللعبة في ليلة ظلماء».
وقال العقيد أنور صعب، الذي يدير اليوم شركة طيران إسرائيلية صغيرة، إن الدروز غاضبون على كل من صوت مع القانون، وكذلك على أعضاء الكنيست الدروز الذين تواطأوا، في البداية، مع القانون، ووقفوا ضده فقط في اللحظة الأخيرة. وما يعزينا هو وجود يهود مستعدين للكفاح معنا ضده. وأضاف: «إذا سكتنا على القانون وتركناه يطبق، فإن الأجيال القادمة من الدروز ستثور علينا وعلى الدولة. فنحن لم نربِ أولاداً خانعين يسكتون على الظلم».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.