التوريث في عالم تصميم الأزياء ظاهرة شرقية

المصمم إيلي صعب مع ابنه
المصمم إيلي صعب مع ابنه
TT

التوريث في عالم تصميم الأزياء ظاهرة شرقية

المصمم إيلي صعب مع ابنه
المصمم إيلي صعب مع ابنه

ظاهرة التوريث التي يشهدها عالم الأزياء في العالم العربي تكاد تكون نادرة في الغرب. فقلّة من دور الأزياء تسلم فيها الأبناء المشعل من الآباء بدليل، ومعظمها جندت مصممين لا ينتمون إلى العائلة بتاتا، مثل كارل لاغرفيلد في «شانيل»، وماريا غرازيا شيوري في «ديور»، وأليساندرو ميشيل في «غوتشي»، وهادي سليمان في «سيلين» وهلم جرا من الأسماء التي تؤكد هذا الواقع. في العالم العربي يختلف الأمر، وقد يعود هذا الأمر إما إلى الارتباط الوثيق بالعائلة كما إلى عالم الثقة أو إلى أن الموهبة تجري في دم الأبناء.
في كواليس عروض إيلي صعب، غالباً ما نجد أبناءه بجانبه، أمرٌ جعلنا نطرح سؤالا عما إذا كانت ظاهرة التوريث ستطال دار إيلي صعب كما كانت قد وصلت إلى دور أخرى في لبنان؟ فكثيرة هي الأسماء التي سلّمت الشعلة لأبنائها، وجعلت المسيرة تستمر مع الابن أو الابنة بعد الأب. فهذا التوجه يكرّس استمرارية الدار التي استنزفت الكثير من الجهد والتعب من المؤسس. وكي لا يضيع هذا التعب، من الطبيعي أن يتسلّم جيلٌ آخر المشعل ويحافظ على الإرث.
للمصمم العالمي ثلاثة أبناء، إيلي جونيور ويبدو إلى الآن الأكثر بروزاً في الدار، وسيليو ثم ميشيل. ويشغل إيلي جونيور اليوم منصب Brand Director وبات له حضور قوي في الدار، إلى جانب سيليو الابن الأوسط.
تطوّرت دار شويتر من جورج وإدوار إلى نبيل وآغي. درس نبيل تصميم الأزياء في باريس، وبدأ العمل في المؤسسة، أما آغي فدرست علم النفس لكنها التحقت هي الأخرى بالدار لتتعاون مع نبيل على التصميم والإدارة والعلاقات العامة.
تشير آغي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنّها ونبيل حريصان على تقديم النوعية الأفضل للمرأة تماماً كما والداهما. تقول: «نسير اليوم على النهج نفسه الذي أرسياه منذ زمن، نعطي النوعيّة كل الأولويّة، ونعتبرها الركيزة الأساسية التي تميّز تصاميمنا». وتشير إلى أن لهما مطلق الحرية في اختيار المناسب ومع ذلك فإن استشارة المؤسسين مهمة، لما لهما من خبرة طويلة «الحريّة التي منحانا إيّاها لا تلغي مطلقاً ضرورة العودة إلى رأيهما في كثير من التفاصيل»، لافتة إلى أن قرار الالتحاق بالدار كان دافعه الأول حبها للمجال وشغفها بالموضة.
في دار حنا توما، وحين قررت شيرين توما العمل في دار أبيها، طلب منها التفكير ملياً قبل أن تتخذ هذه الخطوة وبأن تتخصص في مجال أكاديمي. لإرضائه درست الهندسة الداخلية وتخرجت منها. لكنها بعد خمس سنوات، عاودت الكرة هذه المرة بالالتحاق بمعهد «إسمود» للتصميم حتى تُقنعه. خلال دراسة شيرين الجامعية بدأت العمل على المجموعات، ومع التطور والتوسّع نحو العالمية صار الدور أكبر، وتعززت المسؤولية في الابنة الشابة.
تشير في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أنّها أدخلت دماً جديداً إلى دار حنا توما، من خلال أفكار جديدة، وأقمشة غير معهودة ومواد غريبة كالحديد والخشب بعدما كان الأمر محصوراً على الحرير والدانتيل تقريبا. عكس هذا التطور نظرتها الفنية وإيمانها أنّ على مصمم الأزياء أن يتحلى دائما برؤية مستقبلية مع بعض الاختلاف.
وتضيف أنّها مع الوقت بدأت تركز على تقديم إطلالة متكاملة من الرأس إلى أخمص القدمين بإضافة تصميم الحقائب والأحذية. وعن أبرز الدروس التي تعلمتها من والدها، تقول إنها تتخلص في التأني والمثابرة في العمل وعدم الاستسلام للفشل، فضلا عن تجنب الأخطاء وتصحيحها في حال الوقوع فيها.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
TT

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

انتهى عرض إيلي صعب في الرياض، أو الأحرى احتفالية «1001 موسم من إيلي صعب» بمرور 45 على انطلاقته في بيروت، ولم تنته ردود الأفعال. فالعرض كان خيالياً، شارك فيه باقة من نجوم العالم، كان القاسم المشترك بينهم إلى جانب نجوميتهم وشعبيتهم العالمية، حبهم لإيلي صعب... الإنسان.

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع. طبعاً تقديم العرض الضخم بدعم الهيئة العامة للترفيه ضمن فعالية «موسم الرياض 2024» كان له دور كبير في إنجاح هذه الفعالية. فقد توفرت كل اللوجيستيات المطلوبة لتسليط الضوء على أيقونة عربية لها تأثير كبير على الساحة العربية والعالمية، نذكر منها:

1-أول عربي يقتحم باريس

عرضه لخريف وشتاء 2024 ضمن عروض «الهوت كوتور» كان لوحة رومانسية من «ألف ليلة وليلة» (إيلي صعب)

هو أول من وضع الموضة العربية ضمن الخريطة العالمية بوصفه أول مصمم عربي يخترق العالمية وينافس كبار المصممين بأسلوب شرقي معاصر. استقبلته باريس بالأحضان ودخل البرنامج الرسمي لـ«هوت كوتور» من باب الفيدرالية الفرنسية للموضة كأول مصمم عربي مُبدع. فالصورة المترسخة في أذهان خبراء الموضة العالميين عن المصممين العرب في الثمانينات من القرن الماضي أنهم مجرد خياطين يقلدون إصداراتهم. كان عز الدين علايا الاستثناء الوحيد قبله.

2-احترام المرأة العربية

من تشكيلته لخريف وشتاء 2024... أزياء تتميز بالرومانسية وسخاء التطريز (إيلي صعب)

هو من فتح عيون الغرب، ليس على قدرة المرأة العربية الشرائية فحسب، بل وعلى تأثيرها على المشهد الإبداعي، بالتالي رد لها اعتبارها. فرغم أنها ومنذ السبعينات تُنعش قطاع «الهوت كوتور» كزبونة متذوقة ومقتدرة، فإنها لم تحصل على الحظوة نفسها التي كانت تتمتع بها مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً. نجاحه في الثمانينات وبداية التسعينات يعود إلى هذه المرأة، التي أقبلت على تصاميمه، وهو ما استوقف باقي المصممين، وفتح شهيتهم لدخول «الهوت كوتور» ومخاطبتها بلغة أكثر احتراماً. دار «فيرساتشي» مثلاً أطلقت خطها في عام 1989، فيما أطلق جيورجيو أرماني خطه «أرماني بريفيه» في عام 2005 إلى جانب آخرين وجهوا أنظارهم شرقاً متسابقين على نيل رضاها.

3- ارتقى بمهنة التصميم

تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها، كما تخرج على يده العديد من المصممين الشباب الذين نجحوا (إيلي صعب)

نجاحه غيّر النظرة إلى مهنة تصميم الأزياء في الوطن العربي، من المغرب الأقصى إلى الشرق. بدأ الجميع يأخذها بجدية أكبر، فلا المجتمع بات يراها قصراً على المرأة أو على الخياطين، ولا الرجل يستسهلها. أصبحت في نظر الجميع صناعة وفناً يحتاجان إلى صقل ودراسة وموهبة.

4-قدوة للشباب

من تشكيلته لـ«هوت كوتور خريف وشتاء 2024» (إيلي صعب)

تخرج على يده العديد من المصممين الشباب. كان قدوة لهم في بداية مشوارهم، ثم دخلوا أكاديميته وتعلموا على يده وفي ورشاته. كلهم يشهدون له بالإبداع ويكنون له كل الاحترام والحب. من بين من هؤلاء نذكر حسين بظاظا ورامي قاضي وغيرهم كثيرون.

5-اقتناع برؤيته الفنية

لم يغير جلده أو أسلوبه رغم كل التحديات. كان له رؤية واضحة تمسك بها وكسب (رويترز)

أكد للجميع أنه يمتلك رؤية خاصة لم يغيرها في أي مرحلة من مراحل تطوره. حتى الانتقادات التي قُوبل بها في باريس في البداية، واجهها بقوة وتحدٍ، ولم يخضع لإملاءاتهم لإرضائهم أو لتجنب هجماتهم الشرسة على شاب عربي يتكلم لغة فنية جديدة في عُقر دارهم. بالعكس زاد من جرعة الرومانسية وسخاء التطريز، وأعطاهم درساً مهماً أن الرأي الأول والأخير ليس لهم، بل للمرأة عموماً، والسعودية تحديداً. كانت خير مساند له بحيث أدخلته القصور والبلاطات، وجعلته ضيفاً مرحباً به في أعراسها ومناسباتها المهمة.