أول فتوى من قم تجيز القتال إلى جانب الأسد

فابيوس متشائم بشأن «جنيف2» * النظام السوري يمطر حلب بالمتفجرات

صورة التقطت في 22 نوفمبر الماضي تظهر مقاتلين شيعة يقاتلون إلى جانب قوات نظام بشار الأسد في ريف دمشق (أ.ب) وفي الاطار كاظم الحائري
صورة التقطت في 22 نوفمبر الماضي تظهر مقاتلين شيعة يقاتلون إلى جانب قوات نظام بشار الأسد في ريف دمشق (أ.ب) وفي الاطار كاظم الحائري
TT

أول فتوى من قم تجيز القتال إلى جانب الأسد

صورة التقطت في 22 نوفمبر الماضي تظهر مقاتلين شيعة يقاتلون إلى جانب قوات نظام بشار الأسد في ريف دمشق (أ.ب) وفي الاطار كاظم الحائري
صورة التقطت في 22 نوفمبر الماضي تظهر مقاتلين شيعة يقاتلون إلى جانب قوات نظام بشار الأسد في ريف دمشق (أ.ب) وفي الاطار كاظم الحائري

أصدر رجل الدين الشيعي العراقي آية الله العظمى كاظم الحائري، المقيم في إيران، أول فتوى علنية تجيز القتال في الحرب الأهلية الدائرة رحاها في سوريا، إلى جانب القوات الموالية للرئيس بشار الأسد.
ويقيم الحائري في مدينة قُم، التي تعدّ عاصمة إيران الدينية. وينخرط كثير من أتباعه مقاتلين في ميليشيا «عصائب أهل الحق» المسلحة الخطيرة، وهي ميليشيا تدعمها إيران وقد هاجمت القوات الأميركية الموجودة في العراق مرارا. وتقول تلك الميليشيا إنها ترسل المقاتلين إلى سوريا. ويرأس تلك الميليشيا قيس الخزعلي، الذي كان مساعدا لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قبل أن ينشق عنه، وقضى عدة سنوات رهن الاعتقال لدى القوات الأميركية، ثم جرى الإفراج عنه عقب تسليمه للحكومة العراقية. ويقاتل العديد من المسلحين الشيعة حول ضريح السيدة زينب جنوب العاصمة السورية دمشق.
وفي رده على سؤال لأحد أتباعه عن مشروعية السفر إلى سوريا والقتال هناك، قال الحائري: «المعركة الدائرة في سوريا ليست للدفاع عن ضريح السيدة زينب، إنها حرب يخوضها الكفرة ضد الإسلام، ومن ثم ينبغي الدفاع عن الإسلام». وأضاف الحائري في تعليقات منشورة على موقعه الإلكتروني الرسمي: «القتال في سوريا مشروع، والذين يُقتلون خلال المعارك هم شهداء». وأكد أحد العاملين في مكتبه أن تلك التعليقات صحيحة وصادرة رسميا عن آية الله العظمى كاظم الحائري.
ويقول عشتار الكعبي، عضو ميليشيا «عصائب أهل الحق» الذي ينظم إرسال المقاتلين الشيعة من العراق إلى سوريا، إنه يوجد في الوقت الحالي نحو ألف مقاتل من التابعين للميليشيا في سوريا، وإن كثيرين يتطوعون للذهاب إلى الأراضي السورية للانخراط في القتال الدائر هناك. وبسؤاله عما إذا كانت فتوى الحائري وراء الزيادة في أعداد المقاتلين، قال الكعبي لوكالة «أسوشييتد برس»: «نعم، لقد كان لتلك الفتوى الأثر الكبير في تلك الزيادة».
وأعلن الائتلاف الوطني السوري، المظلة الرئيسة للمعارضة السورية، أخيرا أن مقاتلين من 14 تنظيما شيعيا يقاتلون إلى جانب القوات الحكومية في سوريا. وعلى الرغم من أن إيران تبقى الحليف الرئيس لسوريا، فإن الائتلاف يقول إنه يجري جلب هؤلاء المقاتلين إلى سوريا بمساعدة رئيس وزراء العراق نوري المالكي.
وبعد شهور من إنكار مشاركته في الحرب، أعلن تنظيم حزب الله اللبناني، الذي تدعمه إيران، رسميا انضمامه للقتال إلى جانب قوات الأسد في شهر مايو (أيار) الماضي. ومنذ ذلك الحين، ساعد حزب الله القوات الحكومية في استعادة السيطرة على مجموعة من المدن والقرى الواقعة قرب الحدود اللبنانية.
من جهتها، أكدت جماعة «عصائب أهل الحق» في العراق أن أي فتوى يصدرها مرجع شيعي إنما هي ملزمة لأتباعه ومقلديه. وفي حين استبعد الناطق الرسمي باسم الجماعة، أحمد الكناني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون الفتوى «تمثل دعوة للقتال إلى جانب بشار الأسد»، فإنه عد أن «أي قتال في سوريا إنما يهدف إلى منع وصول المتطرفين إلى الأماكن الشيعية المقدسة، وبالتالي يمكن أن تكون فتنة طائفية في عموم المنطقة». وأضاف الكناني أن «السيد الحائري له فتوى قديمة بهذا الاتجاه، ولكنها بشكل عام ملزمة لأتباعه ومقلديه، وهذا أمر معروف لدى الشيعة». وأضاف: «إننا لا نقاتل إلى جانب بشار الأسد لأن رؤيتنا للأسد هي أنه نظام بعثي ديكتاتوري، ولكن نرى أن التغيير يجب أن يكون بوسائل أخرى، كما أن البديل المطروح الآن هو الأكثر تطرفا».
ويعد آية الله كاظم الحائري من بين أبرز رجال الدين الشيعة الذين أثارت فتاواهم جدلا في الأوساط المختلفة بعد عام 2003، ويعد أحد أبرز مراجع التيار الصدري لأنه كان من مقلدي المرجع الشيعي البارز محمد محمد صادق الصدر، والد مقتدى الصدر، الذي اغتيل مع ولديه عام 1999 على يد جهاز المخابرات العراقي في عهد صدام حسين. ويعد الحائري من القيادات الدينية والسياسية البارزة في الساحة العراقية. وكان محمد صادق الصدر قد أوصى أتباعه قبل وفاته بأن يتبعوا ثلاثة مراجع من بعده، كان الحائري أحدهم، والاثنان الآخران هما: محمد اليعقوبي ومحمد إسحاق الفياض.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم