غابات الأمازون رائدة السياحة البيئية منذ السبعينات

في عام 1975، وبعد ثلاث سنوات فقط من صدور فيلم «أغيري: غضب الآلهة» من إنتاج فيرنر هرتسوغ، تغيرت الصورة في بيرو. فقد زاد وعي الناس بالكنوز الطبيعية التي تتمتع بها والأهم من هذا بضرورة الحفاظ عليها.
وهكذا أدى الفيلم مهمته الترويجية على أحسن وجه لتصبح حقبة
السبعينات شاهدة على حركة جديدة من السياحة المستدامة. فقد شُيد في هذه الفترة أول نزل بداخل غابات مادري دي ديوس المطيرة في الأمازون دمجت فيه تصميمات ومواد صديقة للبيئة لضمان تناغمه مع المحيط البيئي المجاور. وانتهى الحال به ليُصبح أول محمية طبيعية على مستوى بيرو مصممة لأغراض سياحية.
ثمة مثل مشروع آخر يجري العمل عليه داخل كابو بلانكو، وهو خليج صيد أسطوري في شمال بيرو، نجح في ترسيخ مكانته كمقصد عالمي لعشاق الصيد. سبق أن زاره كل من مارلين مونرو والممثل جون واين والروائي الحائز على جائزة نوبل، إرنست هيمنغواي، بعد أن تم اصطياد سمكة المرلين الأسود فيه، بلغت زنتها 1560 باوندا في عام 1953. تمت الاستعانة بها في تصوير فيلم «العجوز والبحر» من إنتاج شركة «وارنر بروس». بعد أربع سنوات فقط، أصبحت المنطقة وجهة مثالية لسياحة الصيد.
ثم لا بد أن ننسى أن جغرافية بيرو تقدم إغراءات كثيرة أخرى. فهي تضم 2.200 كيلومتر من السواحل المطلة على المحيط الهادي، يضم جزء كبير منها سلسلة جبال الإنديز والتي شيد بها «طريق إنكا العظيم» كمنظومة للنقل أطول بكثير من «طريق أبيا» في روما. إضافة إلى كل هذا فإن غابات الأمازون المطيرة تغطي 62 في المائة من مساحة البلاد.
واللافت أن هذه المنطقة امتزجت بها مجموعة متنوعة مما يعرف بالحضارات ما قبل الإسبانية، بدءً من كارال منذ 5.500 عام ماضية والتي عاصرت حضارة ما بين النهرين، وصولاً إلى حضارة إمبراطورية إنكا الرائعة في مطلع القرن الـ15.
إضافة لذلك، تعتبر بيرو واحدة من 17 دولة على مستوى العالم تتميز بمستوى هائل من التنوع، وتأتي في الترتيب الثالث بين دول العالم من حيث أعداد سلالات وأنواع الطيور بها لا تقل عن 1816 نوعا من الطيور.
ومن هنا تأتي أهمية صناعة السفر والسياحة لتضمن الاستدامة وتعزز الوعي البيئي، خاصة بعد أن تأكد أن السياحة المستدامة سوق مربحة للغاية وتعود بمكاسب كبيرة على الحياة البرية والمجتمعات المحلية. والفضل في هذا يعود إلى شريحة من المسافرين الباحثين عن التجارب الجديدة والمغامرات، بما فيها مراقبة الطيور والتعرف على نبات السحلبية أو على فنون الطهي.
كل هذا شجع الفنادق على أن تأخذ الثقافات المحلية بعين الاعتبار عند تصميمها، باستخدام مواد طبيعية مأخوذة من البيئة المحلية.
بالنسبة لبيرو، على سبيل المثال، نجد أنها تنطوي على مجموعة هائلة من الحقائق المذهلة والتي حينما يتعرف عليها المسافرون تفتح أمامهم إمكانات جديدة لخوض تجارب أروع.