تكساس ضحية نجاحها... إنتاج نفطي غزير يقابله اختناق في النقل

الأنابيب تستنزف طاقتها القصوى... والصهاريج والقطارات ترفع الكلفة

TT

تكساس ضحية نجاحها... إنتاج نفطي غزير يقابله اختناق في النقل

تتجه الولايات المتحدة الأميركية لتكون ثاني منتج للبترول في العالم، على أن التنافس في المراكز الأولى ينحصر الآن بين السعودية وروسيا، بالإضافة إلى أميركا.
فالازدهار الإنتاجي الذي تشهده تكساس غير مسبوق في التاريخ الأميركي، ما يجعل الأنابيب مليئة بالتدفق على مدار الساعة، لتصل إلى طاقتها القصوى، وفقاً لمصادر المنتجين هناك. وبانتظار مد شبكة أخرى تنجز خلال عام، فإن المنتجين أمام تحدي إيجاد وسائل نقل أخرى للتصدير، وذلك سواء بالصهاريج أو بالناقلات القطارية. واستخدام هذه الوسائل يرفع الكلفة، وينعكس ذلك على الأسواق.
وأضافت المصادر عينها أن فورة النفط الصخري لم تغير شكل خريطة الإنتاج فقط، بل غيرت أيضاً معالم وأساسيات هذه الصناعة. يذكر أن إنتاج «الصخري» أخذ جرعة تنشيط قوية منذ عام 2015 عندما أقر قانون يسمح بتصدير الخام من الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين تحولت هيوستن في تكساس إلى مركز تسعير للخام لتحل بذلك محل أوكلاهوما التي طالما لعبت هذا الدور.
ووصل الإنتاج الأميركي هذا الشهر، ولأول مرة في التاريخ، إلى 11 مليون برميل يومياً، علماً بأن الإنتاج في ازدياد متواصل متوقع حتى 2109 ليبلغ 11.8 مليون برميل يومياً.
والتفسير الوحيد لهذه الطفرة هو النفط الصخري الذي رفع الإنتاج الأميركي الكلي على نحو غير مسبوق، خصوصاً في حقول غرب تكساس ونيو مكسيو. فإذا كانت تكساس دولة مستقلة، لكانت الآن تنافس بإنتاجها النفطي دولاً مثل إيران والعراق.
لكن مصادر المنتجين تشير إلى أن دون ذلك عقبات وتحديات بدأت تطرح مشكلات في هذه الولاية، أبرزها أن البنية التحتية غير كافية لاستيعاب هذا الإنتاج المتزايد. فالأنابيب وصلت إلى طاقتها القصوى، والأولوية لشركات حجزت أحقية التدفق في هذه الأنابيب لعدة سنوات مقبلة. أما الشركات الأخرى فلا تجد أمامها الآن إلا النقل البري، سواء بالصهاريج أو عربات القطارات. لكن دون ذلك أيضاً حالات عدم يقين لجهة محدودية عدد وقدرة حمولة الصهاريج والقطارات. وهناك شركات بدأت تدفع 100 ألف دولار سنوياً لسائقي الشاحنات الثقيلة، وهذا الراتب هو الأعلى في تاريخ السائقين الأميركيين. كما أن شبكة طرقات غرب تكساس تشهد كثافة مرور شاحنات غير عادية محملة بالرمال التي تستخدم في عمليات التكسير الهيدروليكي، لدرجة أن زحمات حد الاختناق بدأت بعرقلة السير العام في بعض النواحي.
يذكر أن البدائل التي يلجأ إليها المنتجون بسبب عدم استطاعتهم استخدام الأنابيب تشكل كلفة إضافية غير قليلة ليستطيعوا إيصال شحناتهم إلى خليج المكسيك. وتقدر هذه الكلفة بـ8 دولارات لكل برميل في حالة النقل بالشاحنات، و10 دولارات للبرميل في حال النقل بالقطارات، وفقاً لتقرير صادر عن «إتش إس بي سي».
وهذه الكلفة تشعر بها الأسواق، حيث إن سعر البرميل في ميدلاند 55 دولاراً، مقابل 68 دولاراً في غرب تكساس وهيوستن. فالأسعار الآن تأخذ في الحسبان تلك الكلفة، وفقاً لمحلل في شركة «كبلر» يؤكد أن عدة شبكات أنابيب هي الآن تحت البناء أو المد خصوصاً أنابيب «كاكتوس» الرابطة بين عدد من الحقول وخليج المكسيك، والمتوقع إنجازها في صيف 2019.
ويضيف المحلل: «لذا، هذا الاختناق مستمر نحو سنة على أقل تقدير... ما قد يدفع شركات إلى تخفيض إنتاجها، وأخرى وجدت نفسها أمام ضرورة تأجيل التنقيب والحفر».
بيد أن ذلك ليس المشكلة الوحيدة، إذ إن هناك مشكلة أخرى متمثلة في أن النفط المستخرج في تكساس يحتوي على كمية كبيرة من الغاز تتراوح بين 15 في المائة و50 في المائة بحسب عمر الحقول، فما يشيخ منها يبدأ في ضخ المزيد من الغاز. وإذا كان النفط الخام يجد بدائل نقل، فإن ذلك ضيق المجال أمام الغاز الذي يحتاج إلى أنابيب بطبيعة الحال، وفقاً لتقرير «إتش إس بي سي».
وتمنع القوانين البيئية المحلية حرق الغاز اعتباراً من نسبة معينة. وأمام هذه المعضلة أيضاً توقفت حقول عن الإنتاج، و«تحولت تكساس ضحية لنجاحها» وفق تعبير بدأ يسود الآن بين المنتجين هناك.
على صعيد آخر، بدأت هيوستن تتحول إلى مركز للتسعير لتحل محل أوكلاهوما. فمنذ عشرات السنوات كانت أوكلاهوما مركزاً أساسياً لتسعير الخام الأميركي (wti). وهذا الإرث التاريخي متعلق بموقعها الجغرافي على تقاطع التقاء عدة أنابيب رئيسية في البلاد، وبالنظر أيضاً إلى قدرات التخزين الهائلة فيها. لكن ومنذ رفع الكونغرس الحظر الذي كان مفروضاً على التصدير (والذي استمر 40 سنة)، انتقل مركز جاذبية القطاع إلى مرافئ الشاطئ وخليج المكسيك.
وارتفع التصدير منذ عام 2015 ليصل إلى 3 ملايين برميل يومياً، مع وصول إجمالي الإنتاج إلى 11 مليون برميل يومياً. وإنتاج حقول «حوض برميان» في تكساس يتجه إلى الشاطئ، وغالباً لا يمر في مركز تخزين. ومنذ رفع الحظر، استثمرت هيوستن في بنى تحتية وخزانات لتحتل مركزاً مرموقاً كمرفأ تصدير ينافس كوربوس كريستي.
وبدأ تأثير هذا التطور ينعكس على الأسعار في موازاة ارتفاع التصدير، وبذلك يتسع الفارق بين خام «wti» في أوكلاهوما وسعر هيوستن، ليصل إلى 10 دولارات، بعدما كان نحو دولارين فقط في السابق. ويتحول سعر أوكلاهوما إلى سعر محلي متعلق بعدة عوامل، منها حسابات واحتمالات الكوارث الطبيعية، بينما يتطور سعر هيوستن ليتحول إلى سعر مرجعي ترصده الأسواق العالمية.
ويقول محلل من شركة «وود ماكينزي»: «صحيح أن هيوستن كان نقطة محورية في صناعة النفط وتجارته، لكنها ومنذ 2015 تتحول إلى مركز تسعير، لأن فيها يتجمع المشترون الآن... المحليون منهم والعالميون».



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).