السيسي يعرب للمالكي عن قلقه من تطورات الأوضاع في العراق وتداعياتها على الأمن العربي

عمرو موسى يجتمع بممثلي أحزاب سياسية استعدادا للبرلمان > مصادر حكومية لـ («الشرق الأوسط»): لا تعديل لنظام الانتخابات

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله في القاهرة أمس أحمد ولد تكدي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني  بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس (الصورة من الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله في القاهرة أمس أحمد ولد تكدي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس (الصورة من الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يعرب للمالكي عن قلقه من تطورات الأوضاع في العراق وتداعياتها على الأمن العربي

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله في القاهرة أمس أحمد ولد تكدي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني  بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس (الصورة من الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله في القاهرة أمس أحمد ولد تكدي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري أمس (الصورة من الرئاسة المصرية)

أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، أمس عن قلقه من تطورات الأوضاع في العراق. وقالت الرئاسة المصرية إن «السيسي تلقى اتصالا هاتفيا من المالكي ظهر أمس، استعرضا خلاله التطورات السياسية والأمنية الأخيرة في العراق». ويأتي هذا في وقت تستعد فيه مصر للانتهاء من آخر استحقاقات خارطة المستقبل، حيث ترأس عمرو موسى، الأمين العام السابق للجامعة العربية، اجتماعا ضم ممثلي أحزاب سياسية استعدادا لانتخابات البرلمان. وردا على مطالبة بعض الأحزاب الأخرى بتعديل نظام الانتخابات، قال مسؤول حكومي لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا توجد نية لأي تعديلات».
وفيما يتعلق بالشأن الخارجي، قال السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية إن «الرئيس السيسي أعرب في الاتصال الهاتفي الذي تلقاه من المالكي أمس عن قلق مصر العميق إزاء التطورات في العراق على خلفية ما تنبئ به من مخاطر جسيمة تهدد وحدة واستقرار هذا البلد الشقيق»، وأضاف أن «السيسي شدد على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية وسلامتها الإقليمية وعدم تقسيمها على أسس طائفية».
وقالت الرئاسة المصرية في البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن «استقرار العراق يتطلب تكاتف كل المكونات الوطنية العراقية والاصطفاف لحل الخلافات فيما بينها لبناء دولة قوية جامعة لكل أبنائها بعيدة عن النعرات الطائفية والمذهبية، وحتى تتسنى مواجهة قوى التطرف والإرهاب، وبما يصون مفهوم الدولة الوطنية في ظل الهجمة الشرسة التي تواجهها الكثير من الدول العربية - ومن بينها العراق - للتقسيم على أسس مذهبية أو طائفية أو عرقية».
وقال السفير بدوي إن «الرئيس المصري عاود التأكيد على احترام مصر الكامل لإرادة الشعب العراقي واختياراته وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، مع ضرورة السعي للتوصل إلى حلول سياسية تحول دون تفاقم الأزمة الراهنة، وبما يؤكد وحدة العراق الإقليمية وتعايش شعبه الشقيق في إطار دولة وطنية تتشارك فيها كل الأطياف السياسية ويتساوى فيها أبناء الوطن بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية أو المذهبية».
وتابع بدوي قائلا إن «الرئيس السيسي أكد على استعداد مصر الكامل، بما لها من مكانة عربية وإسلامية، لبذل الجهود وتقديم كل الدعم والمساعدة الممكنة للخروج من الوضع الراهن»، وأنه نوه إلى الاتصالات التي تجريها مصر مع الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة للتعامل مع تطورات الوضع في العراق الشقيق لما لاستمرارها من تداعيات على الأمن القومي العربي، وأضاف أن «الرئيس المصري أعرب عن إدانة مصر الشديدة لكل أعمال العنف والإرهاب والقتل العشوائي في العراق، ورفضها لهذه الأعمال الهمجية التي تستهدف المدنيين».
وقال المتحدث المصري إن «المالكي أعرب من جانبه عن تقديره للموقف المصري من العراق والتطورات الأخيرة به، كما عبر عن تطلعه لاستمرار التنسيق والتشاور مع الرئيس لما لمصر من ثقل ومكانة، ودور ريادي طبيعي تفرضه مقوماتها، وذلك لما فيه خير العراق وشعبه».
وعلى الصعيد السياسي المحلي، ترأس عمرو موسى، أمس اجتماعا لممثلي أحزاب سياسية مصرية استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة وللبحث عن صيغة لعقد ائتلافات بين عدة أحزاب لخوض الانتخابات في آخر استحقاق من استحقاقات خارطة المستقبل التي أعلنها قائد الجيش وقوى سياسية ودينية عقب الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق محمد مرسي الصيف الماضي.
وصرح موسى قبيل اجتماع أمس بأن الهدف من اجتماع الأحزاب مناقشة قضايا تهم المصريين من بينها تأسيس ائتلاف يضم القوى الحزبية والكيانات الوطنية لخوض انتخابات مجلس النواب (البرلمان) المقرر الانتهاء منها قبل نهاية هذا العام. ولم تحسم الكثير من الأحزاب الموقف من الدخول في ائتلاف في وقت بدأت فيه الصورة تتضح أكثر من السابق، بعد أن قالت مصادر حزبية لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه «يوجد اتفاق مبدئي بين أربعة أحزاب رئيسة للدخول في قوائم مشتركة لخوض الانتخابات، وهي أحزاب: (الحركة الوطنية) و(المؤتمر) و(الجبهة الديمقراطية) و(التجمع)، وأن موسى توصل إلى ما يشبه الاتفاق على هذا الائتلاف ليكون نواة لمن يريد الانضمام من الأحزاب الأخرى».
لكن الأحزاب الأربعة المشار إليها لم تعلن بشكل قاطع بعد عن الطريقة التي ستخوض بها الانتخابات ودرجة التحالف فيما بينها وما إذا كانت تشمل التنسيق على نظام القوائم فقط أم القوائم والنظام الفردي. ومن المقرر أن يجري توسيع التحالف ليضم أيضا أحزابا أخرى من بينها جبهة «مصر بلدي».
وفي المقابل بدأت عدت أحزاب أخرى في التصعيد للإعلان عن رفضها للنظام الانتخابي الذي يجمع بين النظام الفردي والقوائم، ومخاطبة الحكومة ورئيس الدولة من أجل إدخال تعديلات على هذا النظام. وقال تحالف يضم هذه المجموعة من الأحزاب أمس إنها «لم تتلق ردا حتى الآن رغم أنها أوضحت في رسالتها الأهمية الكبرى لتعديل النظام الانتخابي بما يعزز فرص التحول الديمقراطي وإتاحة الفرصة لأوسع تمثيل ممكن لمختلف القوى السياسية في مصر».
ويضم التحالف الحزبي الذي يطالب بتعديل النظام الانتخابي أحزاب الدستور والكرامة والتحالف الشعبي الاشتراكي والعدل ومصر الحرية والتيار الشعبي والوفد والمصريين الأحرار، كما يضم عددا من الشخصيات العامة، من بينهم الدكتور أحمد البرعي، والدكتور محمد غنيم، وجورج إسحاق وغيرهم.
ويطالب هذا التحالف بأن تجرى الانتخابات على أساس النظام الفردي لثلثي المقاعد، والثلث للقائمة النسبية على مستوى القطر تضم 180 مقعدا، بدلا من 120 مقعدا فقط وفقا لنظام القائمة المطلقة المغلقة. وجدد أصحاب هذا الاقتراح أمس تمسكهم بمضمون ما ورد في الرسالة التي جرى تسليمها لرئاسة الجمهورية. ومن جانبها أكدت مصادر حكومية أنه لا تعديل لقانون الانتخابات، ولا تعديل للنظام الانتخابي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.