إيطاليا ترهن إجراء الانتخابات الليبية بالمصالحة

السراج يدعو إلى رفع الحظر عن السلاح لتجهيز وحدات الجيش

رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج مستقبلاً وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا طرابلس أمس (المجلس الرئاسي)
رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج مستقبلاً وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا طرابلس أمس (المجلس الرئاسي)
TT

إيطاليا ترهن إجراء الانتخابات الليبية بالمصالحة

رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج مستقبلاً وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا طرابلس أمس (المجلس الرئاسي)
رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج مستقبلاً وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا طرابلس أمس (المجلس الرئاسي)

وسط استمرار تباين مواقف الفرقاء الليبيين تجاه الالتزام بوساطة فرنسا ونتائج الاجتماع، الذي احتضنته باريس في شهر مايو (أيار) الماضي، بدا أن إيطاليا تقتفي أثر الدبلوماسية الفرنسية أمس في ملف الأزمة الليبية، حيث وصلت وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا إلى العاصمة طرابلس، قادمة من تونس.
وفى تصعيد جديد للخلافات الفرنسية - الإيطالية، التي خرجت مجدداً إلى العلن حول ليبيا، اعتبرت ترينتا التي وصلت رفقة رئيس أركان الدفاع الإيطالي الجنرال كلاوديو غراتسيانو «أنه من الخطأ في ليبيا إجراء انتخابات قبل إتمام المصالحة». وقالت خلال لقائها مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج أمس إن «عملية المصالحة في ليبيا يجب أن تكون شاملة»، معربة عن قناعتها بأن «الحديث عن انتخابات جديدة قبل استكمال هذه العملية خطأ».
وحذرت المسؤولة الإيطالية في تصريحات لها «من أن عدم حدوث ذلك، يعني أننا سنجد أنفسنا أمام المشكلات نفسها، سواء أكان من جانبنا كإيطاليا، أم من ناحيتكم في ليبيا»، كما اعتبرت أنه «يجب على بلدان أخرى أن تفهم ذلك أيضا».
وأكدت ترينتا، وفقا لما نقلته وكالة أنباء «أكي» الإيطالية، خلال لقائها مع السراج، استعداد بلادها لبدء الأنشطة الهادفة «لتعزيز القدرات الداخلية لنظام الدفاع الليبي، التي ترمي إلى الحفاظ على الأمن الداخلي، وتعزيز السيادة الليبية، وفقاً لاحتياجاتكم ولاحتياجات الشعب الليبي». مؤكدة الدعم الكامل لعملية توحيد الجيش الليبي، التي قالت إنها «يجب أن تكون شاملة لجميع الجهات الأمنية، الراغبة بالمشاركة في الدفاع عن الدولة»، قبل أن تشدد على أن «احتكار القوة يجب أن يكون بيد الدولة».
كما لفتت المسؤولة الإيطالية لدى اجتماعها مع أوحيدة نجم، وزير الدفاع الجديد بحكومة السراج، إلى ضرورة وقف الاتجار بالبشر والهجرة غير النظامية، مشيرة إلى أن حكومتها ستبقى إلى جانب ليبيا وشعبها. وأضافت موضحة «لدينا منزل مشترك هو البحر المتوسط، وإيطاليا تريد فعل المزيد من أجل استقرار المنطقة والبلد، ونحن نتشاطر مشكلة تدفقات الهجرة التي تجلب عدم الاستقرار للبلدين».
بدوره، طالب السراج بدعم إيطاليا للطلب الليبي برفع جزئي عن حظر السلاح لتجهيز قوة محاربة الإرهاب، وحرس المنشآت النفطية والحرس الرئاسي، وهي كيانات أمنية تعمل على حفظ الاستقرار، مشيدا في بيان له بما تقدمه إيطاليا من مساعدات لخفر السواحل، وأعرب عن أمله في تطوير هذا الدعم ليتمكن هذا الجهاز من أداء مهامه في عمليات الإنقاذ وملاحقة المهربين والمتاجرين بالبشر.
وقال السراج إن الاجتماع ناقش أيضا عودة الشركات الإيطالية لاستئناف عملها في ليبيا، وتشكيل لجنة مشتركة لمراجعة التعاقدات السابقة، وبرامج لدعم قطاع الصحة، وإمكانية إرسال فرق طبية إيطالية إلى ليبيا، وإرسال المرضى الليبيين، الذين يتعذر علاجهم إلى إيطاليا، إضافة للتعاون في مجالي الطاقة والكهرباء.
في سياق آخر، اعتبر خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، لدى لقائه مع جان إيف لودريان وزير الخارجية الفرنسي في طرابلس، مساء أول من أمس، أن الصراع في ليبيا هو بين فريقين، أحدهما «يؤمن بالمسار الديمقراطي ويتمسك به»، وآخر «ضد هذا الخيار»، لافتا إلى أن مجلسه ملتزم باتفاق باريس.
وبعدما أعلن رفض المجلس أن تكون ليبيا ساحة للنزاع بين بعض الدول، أعرب المشري عن مخاوف أعضاء المجلس من خلق بعض العراقيل، التي يمكن أن توضع في طريق الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات في موعدها المتفق عليه، بسبب عجز مجلس النواب (البرلمان) عن جمع أعضائه الـ120 في نصاب قانوني لإصدار قانون الانتخابات، بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بالتلاعب بسجل الناخبين، وقدرة المرشحين على تقديم أنفسهم بصورة تنافسية صحيحة، وكذلك القبول بنتائج الانتخابات من جميع الأطراف.
لكن وزير الخارجية الفرنسي رأى في المقابل أن «الحل يجب أن يكون سياسيا من خلال تنفيذ إعلان باريس، والالتزام باتفاق الصخيرات»، الذي قال إن تنفيذه «يضمن توحيد المؤسسات السيادية في الدولة وإلغاء المؤسسات الموازية، والمباشرة في عملية الاستفتاء على الدستور وتهيئة قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات».
في المقابل، قال مكتب المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، الذي التقى لودريان والوفد المرافق له في مقره بالرجمة خارج بنغازي، إنه بحث معه «عددا من المستجدات على مختلف الأصعدة المحلية والدولية».
واعتبر لودريان، الذي التقى أيضاً مع رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، أن الجواب الوحيد على كل التساؤلات المتعلقة بالشرعية السياسية هو العملية الانتخابية، ورأى أن هذا الموضوع هام جداً أولا «لكي يستعيد الشعب الليبي الطمأنينة، ويستعيد درب التنمية، وهام أيضا بالنسبة لفرنسا وأوروبا لأن ليبيا تساهم في تحقيق أمن هذه المنطقة، وفي تحقيق أمن أوروبا أيضاً». مضيفا أن «مجلس النواب مكان مركزي، ويتعين عليه أن يصوت على القوانين أولا، قانون الاستفتاء على الدستور، ثم القوانين الانتخابية».
كما عبر صالح عن سعادته، وفقا لبيان أصدره مكتبه، بتلقيه رسائل طمأنة من الأخير تؤكد على عزمه وتصميمه فيما يخص تصويت مجلس النواب على هذه القوانين المطلوبة حسب ما نص عليه اتفاق باريس.
من جهة أخرى، أطلقت مجموعة مسلحة مجهولة الهوية سراح أربعة أشخاص بينهم قاضٍ ووكيل نيابة كانت قامت باختطافهم قبل يومين في مدينة الجفرة على بعد 650 كيلومترا جنوب شرقي العاصمة طرابلس.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.