أورتيغا يرفض التنحي وإجراء انتخابات مبكرة في نيكاراغوا

شرطة مكافحة الشغب خلال احتجاجات الاثنين في العاصمة ماناغوا (رويترز)
شرطة مكافحة الشغب خلال احتجاجات الاثنين في العاصمة ماناغوا (رويترز)
TT

أورتيغا يرفض التنحي وإجراء انتخابات مبكرة في نيكاراغوا

شرطة مكافحة الشغب خلال احتجاجات الاثنين في العاصمة ماناغوا (رويترز)
شرطة مكافحة الشغب خلال احتجاجات الاثنين في العاصمة ماناغوا (رويترز)

رفض رئيس نيكاراغوا، دانييل أورتيغا، دعوات مطالبة بتنحيه وإجراء انتخابات مبكرة، وسط موجة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة على مدى أشهر خلفت ما يقرب من 350 قتيلا، قائلا إن «تقديم موعد الانتخابات سيتسبب في عدم الاستقرار وعدم اليقين وسيزيد الأمور سوءا».
وفي مقابلة نادرة أذيعت الاثنين، قال أورتيغا لشبكة «فوكس نيوز» إنه لا يعتزم هو ولا زوجته روساريو موريللو التي تشغل أيضا منصب نائب رئيس نيكاراغوا، إنشاء أسرة حاكمة، وإنه سيتم اختيار الحكومة القادمة في عام 2021. ويُتهم أورتيغا (72 عاما) بأنه قمع بشدة المتظاهرين وأقام مع زوجته روساريو موريللو «ديكتاتورية» تقوم على الفساد والمحسوبية. وكانت منظمة الدول الأميركية قد أصدرت قرارا الأسبوع الماضي يدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة في نيكاراغوا، وإنهاء موجة العنف السياسي. وحثت جماعات الضغط الاقتصادية الرئيسية وجماعات أخرى في نيكاراجوا، أورتيغا على تقديم موعد الانتخابات القادمة في البلاد، التي من المقرر أن تُجرى عام 2021، للمساعدة على الخروج من الأزمة.
وتولى أورتيغا السلطة أول مرة عام 1979 بعدما نجح مقاتلو ساندينيستا في الإطاحة بنظام سموزا المستبد. وعاد إلى المنصب عام 2007. ونيكاراغوا غارقة منذ 3 أشهر في أزمة سياسية تخللتها أعمال عنف. وبدأت حركة الاحتجاج، وهي الأعنف التي تشهدها البلاد منذ عقود، في 18 أبريل (نيسان) الماضي بعد طرح قانون لتعديل نظام الضمان الاجتماعي. وعلى الرغم من سحب الحكومة هذا المشروع، فإن الغضب الشعبي لم يتراجع بل تفاقم مع قمع الشرطة للمحتجين. وألغى أورتيغا الاقتطاعات، لكن القمع العنيف للمعارضة أدى إلى احتجاجات أوسع نطاقا. ورفض أورتيغا في المقابلة أيضا ما وصفه باتهامات كاذبة بتعرض الكهنة الكاثوليك للهجوم قائلا: «لا يوجد كاهن واحد قال إنه تعرض للاضطهاد». ونفى تقارير شهود عيان ومنظمات حقوقية تفيد بمقتل شخصين في كنيسة بالعاصمة ماناغوا، حوصرت من قبل القوات شبه العسكرية المقربة من الحكومة. وقال: «لم يمت أي مواطن نيكاراغوي في كنيسة». وفي الوقت نفسه، خرج آلاف المواطنين إلى شوارع ماناغوا يوم الاثنين الماضي للاحتجاج على حكومته. وتظاهر في العاصمة السبت الماضي مئات من معارضي أورتيغا في تحدّ للسلطة التي زادت من تشدّدها مع إقرارها قانوناً يعاقب بالسجن لمدة 20 عاما على جرائم «الإرهاب».
وعلى وقع هتافات «حرية» «عدالة» «الشعب الموحّد لا يُهزم أبدا» سار المتظاهرون رافعين علم بلادهم، وقد ارتدى بعضهم أقنعة، في حين لف بعضهم الآخر رأسه بمنديل لإخفاء وجهه. وتحت شعار «ماسايا ستزهر» نظّم «التحالف المدني للعدالة والديمقراطية» مسيرتين احتجاجيتين، انطلقت الأولى من وسط ماناغوا، والثانية من شمال شرقي العاصمة، قبل أن تلتقيا في طريق تؤدي إلى ماسايا، المدينة الواقعة على بعد 30 كلم جنوب ماناغوا، والتي ظلت معقلا للمعارضة إلى أن استعادت السلطات السيطرة عليها الأربعاء الماضي إثر حملة أمنية عنيفة. وكانت قوات خاصة موالية لأورتيغا قد استعادت السيطرة على مدينة ماسايا، في آخر فصول دوامة العنف في هذا البلد الواقع في أميركا الوسطى، والذي تهزه مظاهرات تطالب برحيل الرئيس.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».