إدخال وقود وبضائع وإسمنت إلى غزة يخفف الأزمة ويعيد الكهرباء جزئيا

فلسطيني يعاين مياه الأمطار التي غمرت مدينة غزة جراء العاصفة أليكسا التي اجتاحت المنطقة (رويترز)
فلسطيني يعاين مياه الأمطار التي غمرت مدينة غزة جراء العاصفة أليكسا التي اجتاحت المنطقة (رويترز)
TT

إدخال وقود وبضائع وإسمنت إلى غزة يخفف الأزمة ويعيد الكهرباء جزئيا

فلسطيني يعاين مياه الأمطار التي غمرت مدينة غزة جراء العاصفة أليكسا التي اجتاحت المنطقة (رويترز)
فلسطيني يعاين مياه الأمطار التي غمرت مدينة غزة جراء العاصفة أليكسا التي اجتاحت المنطقة (رويترز)

في خطوة من شأنها تخفيف معاناة سكان قطاع غزة، استأنفت، أمس، محطة توليد الكهرباء في القطاع عملها بعد توقف دام 50 يوما ترك غزة في ظلام دامس.
وسمحت إسرائيل بإدخال كميات من الوقود الصناعي للقطاع عبر معبر كرم أبو سالم، كما سمحت بدخول بضائع أخرى، وقالت إنها مددت فترة فتح المعبر إلى 12 ساعة بدلا من ست ساعات.
وأعلن المهندس رائد فتوح رئيس لجنة إدخال البضائع إلى غزة إدخال 12 شاحنة وقود تحتوي على 450 ألف لتر سولار صناعي لمحطة توليد الكهرباء. ويعتقد أن ذلك سيتواصل في الفترة المقبلة. وسمحت منحة قطرية بشراء الوقود بعدما خصصت لدفع الضريبة.
واتفقت القيادة القطرية مع الفلسطينية على شراء الأخيرة الوقود وإرساله إلى غزة لمدة شهر كامل، على أن تحول قطر ما قيمته 10 ملايين دولار، بدل قيمة الضريبة على كمية الوقود، التي كانت محل خلاف بين السلطة وحماس.
ولا تنهي كميات الوقود التي دخلت إلى غزة الأزمة هناك لكنها تخففها إلى حد كبير. وأعلنت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية في غزة أن تشغيل محطة توليد الكهرباء وإدخالها إلى الخدمة سيجري بشكل تدريجي، حتى تعود إلى جدول التوزيع السابق، بواقع ثماني ساعات وصل وثماني ساعات قطع، وبشكل دوري.
وكان الغزيون يُعانون من قطع للكهرباء وصل إلى 16 ساعة في اليوم.
ومع المنخفض الجوي الأخير الذي أغرق القطاع بالماء، تواصل انقطاع التيار الكهربائي لعدة أيام متواصلة. وقالت قطر إنها سترسل هذا الأسبوع سفينة وقود إلى قطاع غزة عبر مصر تكفي لتشغيل محطة غزة نحو أربعة أشهر.
وأتاح فتح معبر كرم أبو سالم تصدير شاحنات محملة بالتوت الأرضي والزهور، وإدخال شاحنات أخرى محملة بالبضائع والإسمنت إلى جانب الوقود الصناعي والسولار وغاز الطهي.
وتعهد رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية بتحسين حياة الغزيين خلال الأيام القليلة المقبلة. وقال هنية، وهو يتفقد العائلات المنكوبة في مناطق في القطاع: «نعمل الآن على سحب‏ المياه من منازل المواطنين والأحياء السكنية الغرقى، وسنبدأ فورا بمعالجة آثار المنخفض الجوي على الممتلكات والطرقات والبنية التحتية، على أن نطلق بعد ذلك مشاريع استراتيجية في المناطق التي عانت من المنخفض الجوي لهدف تحسين البنية التحتية فيها».
وتركت العاصفة الثلجية التي ضربت الشرق الأوسط آثارها على غزة أكثر من الضفة وإسرائيل. وأعلنت الحكومة المقالة، في غزة، وفاة اثنين جراء الغرق والاختناق، وإصابة العشرات.
وقال الدكتور أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة في الحكومة المقالة إن مواطنين اثنين توفيا، بينما أصيب 108، بينهم أربعة في حالة خطرة.
وتواصلت أمس في القطاع عمليات إغاثة العائلات المشردة. وأعلنت الحكومة الفلسطينية المقالة أن حجم الخسائر الأولية للعاصفة الثلجية في قطاع غزة منذ الأربعاء الماضي بلغ 64 مليون دولار، حسب وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة حماس يوسف الغريز.
وذكر الغريز في مؤتمر صحافي أن الأضرار توزعت على البنى التحتية والطرقات والوحدات الصناعية والتجارية وعلى القطاع الزراعي.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، أمس، إن 4316 مواطنا، يوجدون في مراكز الإيواء، التي انتشرت في قطاع غزة، من بينهم 312 أسرة من شمال القطاع تضم 1670 فردا، و369 أسرة من مدينة غزة تضم 1906 أفراد. كما لجأ لمراكز الإيواء من المحافظة الوسطى 65 أسرة تضم 303 أفراد، ومن مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة 85 أسرة تضم 437 فردا.
وتركت العاصفة الثلجية خسائر في الضفة وإسرائيل أيضا. وقالت طواقم الدفاع المدني الفلسطيني إنها تعاملت مع 5270 حالة تقديم مساعدة في الضفة أسفرت عن وفاة مواطن وإصابة 69 شخصا، وإنقاذ 7119 عالقا منذ دخول المنخفض الجوي مساء الثلاثاء الماضي، وحتى الساعة الثامنة من صباح أمس.
ويعتقد أن قطاع الزراعة في الضفة سيصاب بخسائر كبيرة إلى جانب خسائر تجارية وصناعية وفي شركات الكهرباء والماء. وقال مسؤولون إنهم سينتظرون انتهاء موجة الصقيع الحالية لحصر الخسائر في الضفة.
وفي إسرائيل، عثر على جثتي رجلين إسرائيليين في العشرينات من العمر جرفتهما السيول في الصحراء، وتوفي آخر بعدما سقط أرضا، بينما كان يحاول تثبيت سقف منزل في منطقة تل أبيب، كما توفي طفل قتلته نيران مدفأة. وأظهرت المعطيات الأولية لحجم الخسائر المادية أنها تناهز 400 مليون شيقل (الدولار 3.50 شيقل).
وتركزت الخسائر في قطاع الكهرباء والطرقات ووصلت إلى 200 مليون شيقل، في حين بلغت الخسائر في الشقق السكنية والسيارات إلى ما يقارب من 80 مليون شيقل، إضافة إلى 140 مليون شيقل في الأعمال التجارية والصناعية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.