ولع منذ الصغر

ولع منذ الصغر
TT

ولع منذ الصغر

ولع منذ الصغر

لم يكن الاتجاه إلى الصحافة قراراً شخصياً، إنما كان ولعاً وشغفاً منبعه روح الطفل منذ بدايات تعلمي الكلام والكتابة. كنت مولعاً بأوراق الجرائد والمجلات في طفولتي، حتى أنني كنت أتوق إلى رائحة الحبر التي تكتب وتطبع به صحفنا في الثمانينات من القرن الماضي.
نما تعلقي بهذه الحكاية، حكاية السلطة الرابعة، حتى وجدت نفسي في بداية المرحلة الثانوية، في مدرسة الملك عبد العزيز بمكة، مراسلاً للمجلة الشهيرة «ماجد» التي تصدر من الإمارات.
الشغف بالصحافة يعلم صاحبه التحدي والعمل وتطوير الذات كي يصل الصحافي إلى تحقيق حلمه في أن يكون صوتاً للناس وأداء مسؤولياته تجاه أوجاعهم ومشكلاتهم. وهكذا تشكل في داخلي حب المهنة إلى أن التحقت بصحيفة «المدينة» في آخر سنوات دراستي الجامعية كمحرر متعاون شق طريقه فيما بعد نحو إدارة مكتب «المدينة» في مكة ثم الرياض قبل أن يصبح مديراً للتحرير في الصحيفة خلال 7 أعوام.
كان عملي في صحيفة المدينة، في كل المراحل والمسؤوليات التي تقلدتها، تجربة فريدة ثرية وفرصة كبيرة أتاحت لي التعلم من خبرات وقامات وأساتذة كبار في الحقل الصحافي مع اختلاف مجالاتهم وطرقهم في التقاط الخبر وصياغة تفاصيله بمهنية وفنّ ودهشة. كما لا أخفيكم أن الذكريات الجميلة، بكلّ جمالياتها ومتاعبها ومشاكساتها وحتى مراراتها، لا تزال تلمع في ذاكرتي بسطوع واضح فأقتسم مع مشاهدها اللوعة والحنين.
بعد أعوام من العمل متفرغاً في صحيفة «المدينة» بزغ نجم «الوطن» كصحيفة جديدة تصدر من أبها جنوب السعودية حيث كان مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل أميراً لمنطقة عسير حينذاك وقام بتكليف مؤسسة دراسات كبرى «أسبار» بعمل خطة التأسيس، لأجد نفسي أحد الصحافيين الذين تم اختيارهم للمشاركة في تأسيس الصحيفة كنائب لرئيس التحرير في رحلة كانت مختلفة جغرافياً وعميقة مهنياً.
فتحت لي «الوطن»، وزملائي من قياداتها، أبواب التعلم والتدريب في أرقى وأهم الصحف العالمية في الولايات المتحدة الأميركية، حيث عدنا مدججين بتجارب وخبرات لم نعهدها في تجربتنا القديمة في الصحافة السعودية، ولهذا أحدثت صحيفة الوطن عند صدورها عام 2000 تحولاً نوعياً كبيراً وجاداً في الصحافة المحلية، في الشكل والمضمون معاً، وكانت بمثابة حجر ضخم ألقي في المياه الراكدة لمهنة الصحافة وكانت أيضاً زلزالاً صحافياً أجبر جميع زملاء المهنة في الصحف الأخرى على مراجعة وتحديث صحفهم شكلاً ومضموناً أيضاً. كانت تجربة «الوطن» قصيرة، مقارنة بـ«المدينة» لكنها كانت أكثر عمقاً فتح لي أبواباً جديدة مغرية بالاتجاه إليها.
عندما عُرض علي العمل مديراً إقليمياً لقناة العربية لتأسيس مكتب في السعودية، وجدت حينها أن الوقت مناسب جداً للدخول في تجربة صحافية جديدة بالنسبة لي تختلف فيها الأدوات والصياغة والجمهور وسرعة نقل الخبر، وكان ذلك منذ عام 2003 وحتى أغسطس (آب) 2015.
لم ينته المشهد بعد تقاعدي من «العربية» قبل ثلاث سنوات، فقد كنت أثناءها وبعدها مغرم أيضاً بالإعلام الجديد المختلف كلياً عن الصحافة التقليدية والتلفزيون وأكثر تأثيراً منهما. ولا تزال للصحافة بقية لديّ، فالصحافي، حتى وإن تقاعد، هو لا يعتزل هذه المهنة إلاّ بالموتِ فقط!
- صحافي سعودي


مقالات ذات صلة

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».