وصول مهجري القنيطرة إلى الشمال... وانطلاق آخرين من درعا

قوات النظام السوري تنتشر في مناطق المعارضة في ريف القنيطرة

مهجرو القنيطرة لدى وصولهم إلى ريف حماة أمس (رويترز)
مهجرو القنيطرة لدى وصولهم إلى ريف حماة أمس (رويترز)
TT

وصول مهجري القنيطرة إلى الشمال... وانطلاق آخرين من درعا

مهجرو القنيطرة لدى وصولهم إلى ريف حماة أمس (رويترز)
مهجرو القنيطرة لدى وصولهم إلى ريف حماة أمس (رويترز)

وصل مئات المقاتلين والمدنيين أمس إلى الأراضي التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في شمال غربي سوريا، بعد إجلائهم من محافظة القنيطرة في جنوب سوريا.
وجاء إجلاء هؤلاء من محافظ القنيطرة التي تضم هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، بموجب اتفاق أبرمته روسيا حليفة النظام السوري، مع الفصائل المعارضة في المنطقة.
ونص الاتفاق الذي جاء في أعقاب هجوم عسكري واسع لقوات النظام، على استسلام الفصائل عملياً وتسليم أسلحتها الخفيفة والمتوسطة، وعودة المؤسسات الرسمية إلى العمل في القنيطرة، وإجلاء المقاتلين الذين يرفضون هذا الاتفاق إلى شمال سوريا.
وقال الإعلام الرسمي إن الاتفاق يقضي بـ«عودة الجيش إلى النقاط التي كان فيها قبل 2011»، وهو عام اندلاع النزاع السوري في هذه المنطقة التي تتسم بحساسية بالغة لقربها من إسرائيل.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «الدفعة الأولى التي تنقل 2800 شخص من مقاتلين ومدنيين وصلت صباحا إلى معبر مورك» في ريف حماة الشمالي، الذي يربط بين المناطق الخاضعة لقوات النظام وتلك الخاضعة للفصائل المسلحة المعارضة. وذكر مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية في معبر مورك أنه شاهد وصول نحو خمسين حافلة تنقل مقاتلين وعائلاتهم.
وأوضح أيضا أن المقاتلين كانوا يحملون رشاشات فردية وتناولوا طعاما قدم إليهم، قبل أن يستقل الجميع مع النساء والأطفال حافلات أخرى استأجرتها منظمة غير حكومية محلية لنقلهم إلى مخيمات استقبال مؤقتة في محافظتي إدلب (شمال غرب) أو حلب (شمال).
وذكر مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن «أكثر من نصفهم أطفال ونساء»، مضيفا أنه «من المتوقع أن تستمر عملية الإجلاء وأن تكون هناك دفعة ثانية لإجلاء رافضي اتفاق القنيطرة».
وبدأت القوات السورية هجوما واسعا في التاسع عشر من الشهر الماضي لاستعادة مناطق سيطرة الفصائل في جنوب البلاد. وقد تمكنت من استعادة أكثر من 90 في المائة من محافظة درعا، قبل أن تباشر هجومها على محافظة القنيطرة. ولا يزال هناك جيب صغير يسيطر عليه فصيل مبايع لتنظيم «داعش» في ريف درعا الجنوبي الغربي.
وقال التلفزيون السوري ومقاتلون بالمعارضة السبت إن الجيش وحلفاءه حققوا تقدما في جنوب غربي البلاد وأصبحوا أقرب إلى حدود هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.
ويتقدم الجيش بدعم جوي روسي على مشارف محافظة القنيطرة بعد حملة بدأها الشهر الماضي وأخرجت مقاتلي المعارضة من محافظة درعا المجاورة.
وأعاد الهجوم سيطرة الحكومة السورية على قطاع من جنوب غربي البلاد، في منطقة استراتيجية على حدود الأردن وإسرائيل. ويحكم الجيش سيطرته على سلسلة مرتفعات مهمة تطل على الحدود مع الجزء الذي تحتله إسرائيل من الجولان، وهي نقاط منحت مقاتلي المعارضة في الأساس والذين كانوا يسيطرون عليها يوما ما وضعا قويا في المنطقة الحدودية الحساسة.
ويقول مقاتلو المعارضة إن اتفاقا تفاوض بشأنه ضباط روس مع المعارضة في منطقة القنيطرة الأسبوع الماضي سمح بالعبور الآمن للمقاتلين الرافضين للعودة إلى سيادة الدولة كما يمنح من يختارون البقاء ضمانات روسية بعدم حدوث تعديات من جانب الجيش.
ويريد الجيش السيطرة على محافظة القنيطرة بالكامل في حين تساور إسرائيل مخاوف عميقة بشأن وجود مقاتلين تدعمهم إيران في المنطقة التي يطلق عليها «مثلث الموت».
وذكرت مصادر استخبارات غربية أن هذه المنطقة هي معقل مقاتلين تدعمهم إيران ومنهم جماعة «حزب الله». وأشارت إسرائيل إلى أنها لن تعرقل وجود الجيش في القنيطرة طالما ظل بعيدا عن المنطقة منزوعة السلاح. وقالت إنها ستواصل تصعيد الهجمات على حدودها وفي أنحاء أخرى من سوريا تعتقد بتمركز قوات تدعمها إيران فيها.
وتوقع مصدر في المعارضة تنفيذ بقية مراحل الاتفاق الأخرى في الأيام المقبلة، ومن ذلك تسليم الأسلحة ودخول الشرطة العسكرية الروسية إلى بعض القرى.
ولجأ عشرات الآلاف إلى منطقة الحدود منذ أن بدأ الجيش بدعم روسي حملة قصف جوي قبل شهر وصفتها المعارضة بأنها سياسة أرض محروقة.
وقال مسؤولون في الأمم المتحدة إن روسيا تمارس ضغوطا على الجيش لتسهيل عودة الكثير من النازحين وإنها طالبت الأمم المتحدة بإرسال قوافل مساعدات منتظمة لتخفيف الأزمة الإنسانية الناتجة عن الهجوم.
وقال مصدر دبلوماسي غربي كبير إن موسكو، التي توصلت لتفاهمات مع إسرائيل والأردن أتاحت المجال للمضي في الهجوم، تسعى لتحقيق الاستقرار في منطقة الحدود لتثبت أن تدخلها في سوريا يهدف للتوصل لتسوية سياسية للحرب التي تجاوزت عامها السابع.
على صعيد آخر، بدأت السبت عملية إجلاء مسلحي المعارضة السورية من بلدة في شمال مدينة درعا باتجاه ريف إدلب بشمال سوريا.
وقال مصدر أمني لوكالة الأنباء الألمانية إنه من المقرر أن يتم في وقت لاحق اليوم إجلاء مسلحي الرافضين للتفاوض مع الحكومة السورية من بلدة محجة (45 كلم شمال درعا) مع عائلاتهم عبر حافلات بإشراف القوات الروسية والهلال الأحمر السوري.
وقدر المصدر عدد المسلحين المقرر إخراجهم بـ150 إضافة إلى 250 شخصا من عائلاتهم، متوقعا أن تتم عملية الإجلاء خلال الساعات القليلة المقبلة.
وأفاد المصدر بدخول خمس حافلات إلى داخل بلدة محجة ظهر اليوم برفقة جنود روس وسيارات للهلال الأحمر للبدء بتجهيز وإخراج المسلحين وعائلاتهم.
وفي ريف محافظة القنيطرة المجاورة بدأت الاستعدادات لإجلاء الدفعة الأخيرة من مسلحي المعارضة بعد إجلاء 2767 شخصا بينهم 1066 مسلحا و660 امرأة يوم أمس من بلدة أم باطنة إلى محافظة إدلب شمال البلاد.
وذكر مصدر ميداني يقاتل مع القوات الحكومية أن 20 حافلة دخلت ظهر أمس إلى بلدة أم باطنة لإجلاء من تبقى من مسلحين تم تجميعهم من عموم ريف القنيطرة المتاخم للجولان السوري.
في هذه الأثناء، أعلن الجيش السوري انتشاره في المناطق التي أخلتها فصائل المعارضة المسلحة في القنيطرة، مشيرا إلى أن وحداته العاملة في المنطقة الجنوبية سيطرت على عدد من التلال والقرى والبلدات في المنطقة الممتدة بين ريفي درعا والقنيطرة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.