اتساع ظاهرة «التعفيش» ومسلحون كـ «جراد يأكل الأخضر واليابس»

TT

اتساع ظاهرة «التعفيش» ومسلحون كـ «جراد يأكل الأخضر واليابس»

قال مرصد حقوقي أمس إن «التعفيش» الذي يتضمن سرقة مقاتلين أغراض وأثاث منازل المناطق المسيطر عليها إلى «ثقافة في نفوس حاملي السلاح»، لافتاً إلى أن تعرض بلدتين في ريف إدلب إلى سرقات بعد تهجير أهلهما، بعدما باتت قوات النظام بمثابة «جراد أكل الأخضر واليابس» في درعا بعد سيطرة قوات النظام عليها.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس بـ«تواصل التعفيش داخل الأراضي السورية، فمع كل سيطرة جديدة لطرف عسكري، يأتي التعفيش كأول ظاهرة تطغى على ما جرى السيطرة عليه من ممتلكات، حتى بات التعفيش ثقافة، استشرت داخل نفوس حاملي السلاح، وباتت المبررات تتلاحق لتخفف من وقع استياء المدنيين من هذا الأمر الذي بات أول ما تشهده المدن أو البلدات أو القرى المسيطر عليها».
وقال «المرصد» إنه سجل «قيام مقاتلين من فصائل إسلامية عاملة في إدلب، بعملية نهب وتعفيش للممتلكات المتبقية في بلدتي الفوعة وكفريا، اللتين أجلي سكانهما عنها نحو محافظة حلب، باتفاق روسي - تركي، جرى تنفيذه والانتهاء منه الجمعة، حيث جرت عمليات تعفيش للآليات والجرارات الزراعية والسيارات الخاصة وممتلكات المنازل، من عناصر في فصائل إسلامية، وجرى نقلها لمناطق أخرى من محافظة إدلب، فيما رصد مفارقة 6 مقاتلين على الأقل للحياة، جراء انفجار ألغام بهم في الفوعة وكفريا اللتين كانا يقطنهما مواطنون موالون للنظام وإيران، وجرى إجلاؤهم بناء على اتفاق روسي - تركي، ونقلهم إلى مراكز إيواء في حلب».
وتابع: «لم تكن الأولى خلال الفترة الماضية، كما أنها لم تقتصر على الفصائل في إدلب فقط، إذ رصد منذ الأسابيع الماضية، تحوَّل (جيش الوطن)، إلى جراد يلتهم كلَّ ما في طريقه، ورصد عملية تعفيش واسعة طالت ممتلكات مواطنين في القرى والبلدات الواقعة في ريف درعا، حيث تزامن النهب والتعفيش هذا، مع رصد عدسات آلات التصوير في وسائل إعلام النظام ومواليه ما سمّته (بطولات جيش الوطن وجولات سهيل الحسن)، قائد قوات (النمر) في الجيش النظامي، بحيث تعامت هذه العدسات عن رصد عمليات السرقة والنهب والتعفيش، التي جرت ولا تزال مستمرة، على مرأى القوات الروسية التي وضعت نفسها ضامناً لـ(الأمن والاستقرار)، في مناطق تطبيق اتفاقها بريف درعا».
وعلم «المرصد السوري» من أهالي في المنطقة، أن «قوات النظام سرقت الغالبية الساحقة من منازل ريف محافظة درعا، بحيث عمدت لسرقة الأدوات المنزلية والأثاث والأغطية والسيارات والمواشي، إلى حد وصول الأمر إلى مساومة قوات النظام لأهالي على ممتلكاتهم، حيث جرت عملية تخيير بعض المدنيين بعد توسل الأخير أن يتركوا ممتلكاتهم، إذ جرى تخييرهم بين نهب سياراتهم أو نهب مواشيهم، كما جرت عمليات سرقة لمنازل المواطنين خلال وجود قاطني المنزل بداخله، ما أثار سخط واستياء الأهالي في محافظة درعا من هذه التصرفات، ومن تعامي الروس عن الجراد الذي لم يرحم حوران وأهلها، بدعوة إعادتها إلى حضن الوطن».
وسبقت «تعفيش محافظة درعا بفترة زمنية قاربت الأشهر»، بحسب «المرصد»، عمليات «نهب وسرقة في منطقة عفرين، التي لا تزال مستمرة إلى الآن، حيث شاركت معظم الفصائل والتشكيلات العسكرية فيها، ضمن مدينة عفرين، بالإضافة لعمليات السرقة التي جرت في الريف، وطالت السرقات التي لم ينفذها إلا قلة من مقاتلي الفصائل، المواد الغذائية والسيارات والآليات الزراعية والأجهزة الإلكترونية ومولدات الكهرباء والممتلكات العامة والخاصة في المدينة، منذ السيطرة على مدينة عفرين».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».