تشريع الحشيشة في لبنان ينعش آمال المطلوبين بعفو عام

أنعشت فكرة تشريع زراعة نبتة القنّب الهندي، المعروفة باسم «حشيشة الكيف» التي أطلقها رئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي، آمال آلاف من أبناء منطقة البقاع المطلوبين للعدالة، بإمكانية أن يشكّل هذا المشروع في حال صدوره بقانون عن مجلس النواب، مدخلا للعفو عنهم وتسوية أوضاع الملاحقين بتجارة المخدرات وبجرائم جنائية أخرى، وسط تأكيد المعنيين بهذا المشروع، على ضرورة أن يشمل الجوانب القانونية المتصلة بمزارعي نبتة الحشيشة ومصنعيها ومروجيها، وحاجته إلى كثير من الدرس، وإلى توافقات سياسية داخلية تفتح باب إقراره في مجلس النواب، وترتيبات مع دول الخارج.
وإذا كان إقرار المشروع يشكّل مخرجا قانونيا لكل مزارعي الحشيشة، وربما بعض تجار المخدرات، فإنه يخفف عبء الملاحقات عن الأجهزة الأمنية، التي تطارد هؤلاء ليلا ونهاراً، وتتعرض لمخاطر الاشتباك معهم وسقوط ضحايا من رجال الأمن في كثير من العمليات.
وقبل أن تتظهّر معالم المشروع الذي انكبت لجان متخصصة على دراسته، أوضح مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن «ثمة فارقا بين حشيشة الكيف وتجارة المخدرات، التي تنشط عبر شبكات تعمل في الداخل والخارج». وقال: «بحسب القانون المطبّق حالياً، هناك فارق كبير بين من يلاحق بالاتجار بالمخدرات وترويجها وتهريبها إلى الخارج، وبين من يزرع نبتة الحشيشة لبيعها وكسب المال، رغم أن زراعتها تعدّ جرما بمنظور القانون النافذ حالياً».
ويتخذ كثيرون من أبناء منطقة بعلبك الهرمل من زراعة الحشيشة موردا للرزق، خصوصا أن غالبية مزارعي هذه النبتة هم من المطلوبين للعدالة، وليس بإمكانهم مزاولة أي مهنة أخرى، أو وظيفة عامة أو خاصة، لأن سجلاتهم العدلية غير نظيفة، وهم يعترفون بأنهم ماضون بمجازفة زراعة الحشيشة، بقانون أو غير قانون، لأن مردودها المالي أفضل من كلّ الزراعات الأخرى، وأكثر ربحا من زراعة التبغ.
وتتحضّر اللجان المختصة لدراسة كلّ النواحي المتصلة بزراعة الحشيشة، وملاحظة الملاحقات القضائية السابقة. ورأى النائب أيوب حميّد عضو كتلة «التحرير والتنمية» التي يرأسها برّي، أن «الفكرة الأساسية للمشروع تركز على محاولة التخلّص من واقع مرير، سواء بالنسبة لأبناء منطقة بعلبك الهرمل، أو لأبناء مناطق أخرى لا تحظى بالصيت نفسه».
وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن الاقتراح «سيشمل أمورا لا تقتصر فقط على زراعة القنب الهندي، بل سيتضمن آلية إدارة هذا الموضوع من كلّ جوانبه»، مشيرا إلى أن «الفكرة تنطلق من دعم المزارع وإنشاء مؤسسة (ريجي) لتصنيع الحشيشة وتحويلها إلى أدوية ومواد طبية، وكذلك معالجة النواحي القضائية المرتبطة بالمطلوبين من مزارعين ومتعاطين ومروجين».
وقال النائب حميّد: «يجب أن نصل إلى الإيجابية المرجوة من هذا المشروع، وأن نعوّض أبناء تلك المناطق التي قد تكون تربتها الأصلح لزراعة هذه النبتة، وأن نعالج النواحي القانونية للمُزارع والمُتعاطي والمُصنع والمُروج».
وتعدّ زراعة نبتة «حشيشة الكيف» جزءا من مشكلة كبيرة لأبناء منطقة البقاع، حيث يلاحق أكثر من 30 ألفا منهم بموجب بلاغات قضائية ومذكرات توقيف وأحكام غيابية، ويسمّى هؤلاء «طفّاراً» (فارين من العدالة)، وغالبا ما يطالبون هم وعائلاتهم بقانون عفو عام يمكنهم من تنظيم حياتهم من جديد.
وكشف مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «صدور قانون تشريع زراعة الحشيشة، لا يسقط العقوبة أو الملاحقة عن المطلوبين للقضاء بمذكرات وأحكام سابقة، لأن القانون لا يصدر بمفعول رجعي، بل يصبح ساري المفعول منذ نشره في الجريدة الرسمية». وذكّر بأن «مزارعي الحشيشة كانوا يبيعون محاصيلهم إلى المصنعين والتجار، لكن بعد تشريعها ينحصر بيع هذه النبتة بالدولة».
وأشار المصدر القضائي إلى أن «القضاء يصدر الآن أحكاما وعقوبات مشددة على تجار المخدرات ومروجيها، وبالتالي قانون تشريع الحشيشة لا يسقط العقوبة عن تجار المخدرات، حتى عن المُلاحقين غيابيا بزراعة الحشيشة، إلا إذا اقترن بقانون عفو عام وشامل».