تردي الأوضاع المعيشية يحيي مطالبات الليبيين بتشكيل «حكومة جديدة»

TT

تردي الأوضاع المعيشية يحيي مطالبات الليبيين بتشكيل «حكومة جديدة»

أحيت الاستقالات التي ضربت المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني» الليبية، واتهامه بـ«الإخفاق في إدارة شؤون ليبيا»، مطالب متكررة بإعادة النظر في تكوين «المجلس الرئاسي»، وتشكيل حكومة وحدة وطنية مستقلة، تستطيع تجاوز عقبة انفلات الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس.
وتصاعدت في الفترات الأخيرة الدعوات إلى الإسراع بتشكيل حكومة جديدة، بصلاحيات محدودة تعبّر عن كل الليبيين، كان آخرها المظاهرة التي عرفتها شوارع طرابلس مساء أول من أمس، والتي خرج فيها عشرات المواطنين للاحتجاج ضد المجلس الرئاسي وحكومة «الوفاق»، تنديداً بتردي الأوضاع المعيشية، وانقطاع التيار الكهربائي لمدد طويلة، وتغول الجماعات المسلحة.
في هذا السياق، رأى مصباح دومة أوحيدة، عضو مجلس النواب، أن إعادة النظر في المجلس الرئاسي «أصبح أمراً ضرورياً بعد الاستقالات والإخفاق في إدارة ليبيا»، وقال إن «مشروع (الوفاق) الذي بات في مهب الريح، بعد أن كان مشروعاً وطنياً يخدم البلاد، تمت شخصنته بدعم دولي». وعزز أوحيدة كلامه بما حدث من تفريغ للمجلس الرئاسي بعد استقالة نواب وعدد من أعضاء المجلس الرئاسي، كموسى الكوني وعلي القطراني وفتحي المجبري، وتعليق عضوية عمر الأسود، معتبراً أن ذلك «يجعل المجلس الرئاسي وحكومته لا قيمة لهما بعد قتل روح الوفاق فيه. واستمراره بهذا الشكل سيفقد وقوفه على مسافة واحدة من الجميع، وسيكون طرفاً متصارعاً يمثل أحد أطراف الصراع السياسي».
وتابع أوحيدة أن الوفاق الذي كان مدعوماً من غالبية الأطراف الليبية والمجتمع الدولي، «بات الآن في مفترق طرق، وبالتالي تجب إعادة النظر في مشروعه كخطة، تمثل جميع الأطراف، وليس تيارات وشخصيات معينة... لذلك نرى سرعة إعادة هيكلة السلطة التنفيذية بصلاحيات محدودة في تسيير الأعمال إلى حين اختيار رئيس ونائبين، وتشكيل حكومة وحدة وطنية مستقلة، توحد مؤسسات الدولة وفقاً للمادة 15 من الاتفاق السياسي»، كما «تساعد في إجراء الاستفتاء على الدستور، وصولاً إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية».
وفيما ذهب الدكتور صالح هاشم إسماعيل، عضو مجلس النواب عن مدينة طبرق (شرق)، إلى أنه «لا سبيل للحديث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية»، أوضح الدكتور عمر غيث قرميل، النائب عن مدينة الزنتان (جنوب غرب)، أن تشكيل حكومة وحدة وطنية الآن بات «خطوة في الاتجاه الصحيح... وقد سبق وأكدنا كثيراً أنه لا يمكن إيجاد حل في ظل انقسام السلطة التنفيذية». واستدرك متسائلاً: «كيف يمكن تشكيل هذه الحكومة في ظل الانفلات الأمني الخطير؟ وكيف ستمارس عملها في ظل سيطرة الميليشيات على العاصمة؟ وإذا تشكلت دون النظر إلى ما سبق، فسوف تعمل وفق إرادة المجموعات المسلحة مثلها مثل الحكومة الحالية!». وللخروج من هذه المشكلة، شدد قرميل على أن الأمر «يحتاج معالجة أمنية قوية لإيجاد أرضية خصبة، ومناخ صحي لعمل الحكومة المنشودة حتى تستطيع تأدية عملها المطلوب، ويتمثل ذلك في توحيد جميع مؤسسات الدولة، والإشراف النزيه على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية (المرتقبة)». وسبق لمجموعة من النواب إجراء مشاورات منتصف يونيو (حزيران) الماضي، تهدف إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأعلن حينها عضو مجلس النواب أبو بكر أحمد سعيد عن «اتفاق شبه نهائي على تشكيل تلك الحكومة»، وهو ما لم يحدث إلى الآن. وقال سعيد، النائب عن مدينة ترهونة (شمال غرب)، إن «زيارات متبادلة لوفود رسمية، أسفرت عن تقارب في وجهات النظر، واتفاق شبه نهائي على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتوحيد مؤسسات الدولة»، لكن دون أن يكشف تفاصيل اللقاءات التي عقدتها هذه الوفود، ولا تركيبتها. من جهته، أبدى النائب جلال صالح الشويهدي عن مدينة بنغازي (شرق) ترحيبه بالعمل على وجود حكومة واحدة في البلاد، «حتى يتم توحيد المؤسسات المنقسمة»، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه الخطوة تتم عرقلتها من أطراف عدة... فهناك من ينادي بها في العلن، لكنه يعمل في الخفاء على عدم ظهورها». أما مصباح أوحيدة، فقد أوضح أن الدافع وراء مطالبته بحكومة موحدة مستقلة هو «معالجة الوضع الصعب الذي تمر به البلاد، وضرورة وجود خطة تنهي انقسام المؤسسات، وتعالج السلطة التنفيذية، خصوصاً المهام السيادية التي يوجد فيها خلل منذ انتخابات 7 يوليو (تموز) 2012». وقال: «نحن في طور مشاورات مع طرفي الاتفاق السياسي، وهما مجلس النواب و(الأعلى للدولة)».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».