مصادر في «الشورى» لـ «الشرق الأوسط»: اعتماد تنظيم هيئة عامة لـ«الأوقاف» قريبا

لم يعد العمل الوقفي ترفا في حد ذاته؛ بل تعدى الأمر إلى مطالبة بعض المختصين والمهتمين بتفعيل هيئة عامة للأوقاف لتطوير إجراءات توثيق الأوقاف وتسجيلها، مؤكدين في الوقت ذاته الرفع إلى خادم الحرمين الشريفين باعتماد إصدار صكوك وقفية للأوقاف التي لا تملك صكوكا ولا حجج استحكام، وليس فيها تعد على الغير، معادين ذلك من أهم ركائز تنظيم العمل الوقفي في السعودية.
من جهته، أبلغ «الشرق الأوسط» الدكتور فهد العنزي، عضو مجلس الشورى السعودي، أن المجلس يدرس حاليا مشروعا خاصا بتنظيم الهيئة العامة للأوقاف، مشيرا إلى تكليف لجنة خاصة دراسة مشروع النظام الجديد، بحيث تكون الهيئة مستقلة تماما من الناحية المالية والإدارية، مبينا أن عمل الهيئة سيختص بتسجيل جميع الأوقاف بعد توثيقها وحصرها، ومن ثم تكوين قاعدة معلومات خاصة بالأوقاف التي لا ناظر لها لتتولى الهيئة نظارتها، أو التي يعهد للهيئة بنظارتها مقابل إيراد معين حسب طبيعة الوقف.
وقال عضو مجلس الشورى: «إن هذا النظام جاء لتعزيز الوقف بما يعكس أهميته وحفظ حقوق الأطراف بشكل منظم وتشريعي، حيث إن هذا المشروع من شأنه إيجاد الحلول لغالبية المشكلات الوقفية من ناحية الحصر والإدارة والاستثمار فيها، أو إثبات الوقف نفسه، حيث إن السعودية من أكثر الدول اهتماما بهذا الجانب، الذي يعد نموذجا فريدا من نوعه، وأشارت إليه الدول الغربية بصفته نظاما متميزا انفردت به الشريعة الإسلامية، وليس غريبا أن تصدر السعودية تشريعا خاصا به كنظام اقتصادي للدولة.
وأكد عضو المجلس أن هذا المشروع في مراحله الأخيرة لاعتماده بشكل رسمي، ومن ثم تحديد أعضاء الهيئة التي سيديرها شخص بمرتبة وزير - حسب وصفه، مشيرا إلى أن هذا النظام سيكون الحاكم لجميع قضايا الوقف بعد حصرها وتسجيلها، وذلك في جميع المناطق بما فيها الأماكن المقدسة التي تكثر فيها الأوقاف بحكم قدسيتها.
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر مطلعة بالشأن الوقفي لـ«الشرق الأوسط» ضرورة تبني صيغ تنظيمية للأوقاف؛ بغرض حمايتها، والتنسيق في ذلك مع المجلس الأعلى للقضاء، ووزارة العدل، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد؛ الأمر الذي عدوه مساعدا على إيجاد التنظيم الكافي المتسق مع نظام القضاء والأوقاف، بالإضافة إلى تسهيل الإجراءات المرتبطة بتأسيس المؤسسات والشركات الوقفية، وتشجيع رجال الأعمال على تسخير أوقافهم لصالح المجتمع المحلي على وجه التحديد، مستندين في ذلك إلى المادة التاسعة من نظام القضاء، في الوقت الذي دعت فيه وزارة العدل إلى إنشاء مكاتب استشارية للواقفين في المحاكم الشرعية، أسوة بمكاتب الصلح، والتأكيد على القضاة وكُتَّاب العدل إفراغ العقارات المملوكة للشركات ورجال الأعمال الراغبين في الوقف بجميع المناطق.
وفيما يتعلق بالمشكلات التي تنتج عن عدم الاحتكام إلى تلك الأوقاف لمن يدعي ملكيتها، أوضح المحامي منصور الرفاعي لـ«الشرق الأوسط» وجود إشكاليات في هذه القضية، خصوصا أن بعض هذه الأوقاف لم تسجل في قائمة وزارة الشؤون الإسلامية، ولم يجر التوصل إلى أصحابها، ومن ثم تنتج مشكلات كثيرة، خصوصا عندما يأتي شخص يدعي ملكيتها.
وطالب الرفاعي بعمل حصر شامل لجميع الأوقاف بالسعودية، في الوقت الذي تبقى هناك أمور خفية لا نستطيع اكتشافها إلا بعد الإبلاغ عنها، خصوصا أن هناك أوقافا ترجع إلى عهد الدولة العثمانية، والوزارة تضع يدها عليها، وهناك أشخاص يدعون ملكيتها، في ظل وجود الكثير من الأوقاف المجهولة، مشددا على ضرورة وضع آلية مناسبة لحصر وتسجيل وإدارة تلك الأوقاف في المناطق كافة.